Logo

مصر ترفض سيناريو نقل مسلّحي حماس إلى أراضيها

الرأي الثالث - وكالات

 أكّد مصدر مصري رفيع أن القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة في قطاع غزة، في إطار سعيها إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، 

مشيراً إلى أنّ مصر "لن تتنازل عن المبادئ الأساسية التي جرى التوافق عليها في المرحلة الأولى، وفي مقدمتها وحدة الأراضي الفلسطينية، ورفض أي ترتيبات تمسّ بالسيادة المصرية، أو تفتح الباب أمام التهجير القسري للفلسطينيين".

وشدّد المصدر على أن مسألة نقل مقاتلي حركة حماس إلى الأراضي المصرية "مرفوضة"، سواء بصورة مؤقتة أو دائمة، موضحاً أن الرفض يستند إلى اعتبارات أمنية واستراتيجية تتعلق بأمن سيناء واستقرار الحدود، فضلاً عن "مبدأ سياسي ثابت بعدم تحمّل مصر أي تبعات داخلية للنزاع"، 
 
وأضاف أن القاهرة "لن تكون بوابة عبور أو ملاذاً لأي تشكيل مسلح"، مشيراً إلى أن المقترحات التي طرحتها بعض الأطراف حول "خروج مقاتلي حماس إلى مصر أو عبرها" لم تلقَ أي قبول رسمي مصري، وجرى التأكيد عبر القنوات الدبلوماسية على أن "أي حلول يجب أن تبقى داخل القطاع وتحت إشراف فلسطيني خالص".

وكشف المصدر عن أن القاهرة تراهن حالياً على الدور المباشر للمبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في ممارسة "ضغوط فعّالة" على الحكومة الإسرائيلية من أجل السماح بـ"خروج آمن" لمقاتلي حماس المحاصرين في رفح، بما يفتح الطريق أمام تنفيذ الشقّ الأمني من المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، 

وأوضح أن القاهرة تعتبر وجود المبعوثين في تل أبيب "فرصة مهمة لإزالة العقبات التي تضعها إسرائيل أمام استكمال الاتفاق"، لافتاً إلى أن الجانب المصري يتعامل مع هذه التحركات بتنسيق مستمر مع قطر والولايات المتحدة.
 
ويجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم مع كوشنر، وعلى طاولتهما ملف مواصلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك في وقت تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للسماح بـ"مرور آمن" لما يقارب 200 من عناصر حركة حماس في رفح، في منطقة تقع في الجانب الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال من "الخط الأصفر"، 

وقال مكتب نتنياهو في بيان: "بدأ لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر في مكتب رئيس الوزراء بالقدس"، وكان كوشنر قد وصل إلى إسرائيل مساء الأحد. 

ولعب كوشنر دوراً محورياً مع ويتكوف في التوصل إلى اتفاق لتطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة. ووفقاً لهذه الخطة، بدأ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.

من جهة أخرى، كشف المصدر المصري الرفيع أن التنسيق بين القاهرة والدوحة "بلغ مرحلة متقدمة"، إذ "يتحرّك الطرفان في مسار واحد للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة من أجل تنفيذ الالتزامات المتفق عليها، بما في ذلك الملفات الإنسانية والإعمار وإعادة فتح المعابر كلياً"، 

وأضاف أن "كلاً من القاهرة والدوحة تريان أن المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ المرحلة الثانية تهدّد استقرار الهدنة، وتزيد من احتمالات عودة التصعيد الميداني"، 

مؤكداً أن الوساطة المشتركة بين البلدين هي "الضمانة الأهم لاستمرار المسار السياسي وتثبيت وقف إطلاق النار".
 
واختتم المصدر بالتأكيد أن مصر "لن تقبل بأي حلول جزئية أو انتقائية"، وأنها ما زالت تعتبر أن "تنفيذ المرحلة الثانية وفقاً للنص المتفق عليه هو السبيل الوحيد لتثبيت السلام ومنع انفجار جديد في غزة"،

 مضيفاً أن القاهرة "تتحرك على قاعدة واضحة: لا تنازل عن الثوابت، ولا قبول بأي صيغة تمس الأمن القومي المصري أو وحدة الأراضي الفلسطينية". 

وتُبدي مصر قلقاً من أيّ ترتيبات إسرائيلية أحادية توسّع السيطرة داخل القطاع أو تمسّ "ممرّ فيلادلفي" والحدود، وتؤكد أن "نهج التمدّد العسكري يقوّض جهود التهدئة والعملية السياسية"، ويزيد هذا المسار تمسّك القاهرة بضوابط الأمن الحدودي ورفض تحميلها تبعاتٍ خارج الإطار المتوافق عليه دولياً.

وفي السياق، قال السياسي الفلسطيني جمال زحالقة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة قادرة على حل أزمة مقاتلي حماس المحاصرين في رفح إذا أرادت ذلك فعلاً"، 

مشيراً إلى أن إسرائيل لم تعد تملك حرية التصرف في قطاع غزة كما كانت في السابق، إذ أصبحت "الأمور الكبرى هناك بحاجة إلى إذن أميركي مسبق".
 
وأوضح زحالقة أن "قيادة أميركية كبيرة، ومتمركزة بالقرب من غزة، تشرف وتراقب عن كثب كل ما يجري في الميدان، وهي عملياً من تدير أو تتابع عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع"، ما يجعل واشنطن، على حدّ تعبيره، "صاحبة القرار الحاسم في توجيه مجريات الأحداث العسكرية والسياسية على الأرض"،

 وأضاف أنّ "إسرائيل لا تستطيع رفض أي توجيه أميركي إذا صدر بوضوح وإصرار، وهو ما ينطبق على ملف الالتزام بوقف إطلاق النار"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة إن أرادت، يمكنها إلزام تل أبيب بتنفيذ التزاماتها فوراً".

وفي ما يتعلق بسريان الهدنة، اعتبر زحالقة أن وقف إطلاق النار قائم عملياً من طرف واحد فقط، موضحاً أن "حركة حماس تلتزم به التزاماً كاملاً، في حين تخرقه إسرائيل يومياً وتواصل عملياتها التي أسفرت عن مقتل المئات منذ إعلان وقف النار".