Logo

حذف حسابات التواصل للحوثيين ومؤسسات تحض على الكراهية والعنف

الرأي الثالث 

 من ساحات المعارك والمواجهات فوق الجبال وفي السهول والأودية، انتقل الصراع الذي تشهده اليمن إلى ساحات الفضاء الإلكتروني، حيث شنت منصة "واعي" اليمنية حملة رقمية ضد السلطات الحوثية لملاحقة حسابات الجماعة وأبرز قادتها ومؤيديها وأشهر المؤثرين الداعمين لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأطلقت منصة "واعي" على مواقع التواصل الاجتماعي في العام 2013، بهدف توعية اليمنيين بالأحداث التي تشهدها البلاد، وتسليط الضوء على الانتهاكات، وذلك من خلال عدد من الحملات الرقمية بوسوم مختلفة بحسب هدف وطبيعة الحملة.

والحملة التي أطلقت تحت شعار "خليك واعي" يقودها فريق شبابي مجهول الهوية، وتتخذ من التفاحة الخضراء رمزاً للحسابات التي تقوم بحذفها او استهدافها، 

وذكرت صحف يمنية أنها أسهمت في إسقاط أكثر من 55 حساباً وصفحة تابعة للحوثيين في مدينة صعدة، إذ كانت الحسابات تبث رسائل الكراهية والتحريض ضد اليمنيين.

والحملة التي قالت "واعي" إنها تأتي في إطار مواجهة التضليل الحوثي وفضح ممارساته عبر الفضاء الإعلامي، عملت على شن حملات جماهيرية مركزة ضد حسابات تابعة لمؤسسات الجماعة وقادتها ونشطائها، نجحت في حذفها نهائياً من شبكات التواصل الاجتماعي من خلال تتبع ورصد الحسابات التابعة للحوثيين أو تلك البديلة ضمن مساع جماهيرية منسقة.

حذف حسابات

وفي غضون يومين، نجحت المنصة في حذف عشرات الحسابات البارزة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي يصل مجموع متابعيها لمئات الآلاف، وأبرزها حساب الناطق العسكري للحوثيين يحيى سريع الذي يتابعه 192 ألف متابع،

 إضافة إلى ثلاثة حسابات لرئيس حكومة الحوثيين محمد مفتاح بإجمالي 68 ألف متابع، وأربعة حسابات أخرى منها عضو المجلس السياسي للجماعة سلطان السامعي بإجمالي 39 ألف متابع.

وطاول الحذف حسابات نشطاء وإعلاميين ومؤثرين موالين للحوثي، بينهم عبدالسلام الجحاف ومحمد الجرموزي وأمين الجوفي، وكذلك عبدالغني الزبيدي وعصام المتوكل وأمين عاطف وآخرون بإجمالي مئات آلاف المتابعين.

 وقضت الحملة على صفحة باسم "نزار الكازمي" والتي لديها نصف مليون متابع، وتقوم بالترويج لأنشطة وأفكار الجماعة الحوثية.

وأكدت المنصة التي يعتقد أنها تستند في بلاغاتها إلى قرار تصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية"، أنها ستواصل حملتها لحذف كل الحسابات التي تروج لأنشطة "إعلام الضلال" وتحرض ضد "اليمنيين المختطفين في سجون الحوثيين".

المساعي سببت للسلطات الحوثية حالة من الإرباك، فيما عدها مراقبون استفتاء جماهيرياً ضدها وتعبير عن حال الضيق الذي يعيشه الناس في مناطق سيطرتها.

وتسيطر الجماعة الحوثية على العاصمة اليمينة صنعاء التي تعتبرها مقراً لحكومتها ومناطق نفوذها، فيما تتخذ الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً من مدينة عدن مقراً لها. 

ضد الإرهاب

وأعلنت صفحة "واعي" على حسابها بمنصة "فيسبوك" عن إغلاق 57 حساباً تابعاً لجماعة الحوثي على منصات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"إكس" و"يوتيوب" و"إنستغرام"، لا سيما وأن إجمالي عدد متابعي الحملة بلغ أكثر من 2268764 متابعاً.

وشملت الحملة إغلاق حسابات بارزة تتبع قيادات حوثية، من بينها صفحات تخص قادة بارزين إضافة إلى حسابات مؤسسات غير معترف بها تعمل على نشر فكر الجماعة والترويج لسلطتها ومشاريعها.
 
وقال الناشط في الحقوق الرقمية فهمي الباحث، إن رد فعل الشعب اليمني يكشف عن اصطفاف كبير خلف هذه المنصة التي شرعت في إيقاف الأصوات المؤيدة للقتل وخطاب الكراهية والعنصرية. 

واعتبر أن هذا التفاعل "استفتاء داعم لما تقوم به ’واعي‘ التي حققت الكثير لأننا بحاجة لتنظيف المحتوى الرقمي والشبكات الاجتماعية من خطابات العنف والإرهاب الذي تروج له ميليشيات الحوثي".

وتأتي الحملة الإلكترونية في توقيت حساس تعاني منه السلطة الحوثية التي ترى أن لها "حقاً إلهياً" في حكم اليمنيين، مع حال اللايقين الذي تعيشه عقب سلسلة اختراقات أمنية فادحة انتهت بقتل حكومتها وعدد من قادة صفها الأول خلال الأسابيع الماضية بعد شن سلسلة غارات إسرائيلية جوية استهدفت مواقع واجتماعات لقادتها.

معركة الفضاء

والمعركة الإلكترونية هذه هي تجسيد للمعركة الوجودية التي يخوضها اليمنيون في ميادين القتال ضد الحوثيين منذ أكثر من 10 سنوات

 ولهذا قوبلت بتفاعل شعبي واسع عبرت عنه التناولات الواسعة التي أشادت بالحملة واعتبروها انتصاراً للوعي الجمعي نحو تنظيف المنصات الرقمية من أدوات التحريض والتزييف التي تستخدمها الجماعة في استقطاب الشباب وتلميع "مشروعها السلالي".

من جهة أخرى، عبر الحوثيون عن غضبهم مما أصاب نوافذهم الإعلامية من عطب يتهدد بحجب أصواتهم بشكل نهائي بخاصة في ظل تصاعد خسائرهم الإعلامية وحجب قنواتهم بين الحين والآخر عن المشغلات الفضائية، ما أثار استياء واسعاً في الأوساط الموالية للجماعة.

وخرج القيادي الحوثي عبد السلام جحاف يشكو إغلاق حساباته، وقال في مقطع فيديو إنه تفاجئ بإغلاق حساباته من كل المنصات الرقمية التفاعلية وسط حيرة ودهشة.

وتتزامن هذه المستجدات في ظل وضع سياسي وأمني بالغ الحساسية تعيشه الميليشيات عقب سلسلة ضربات إسرائيلية موجعة نتج من آخرها تصفية حكومتها نهاية أغسطس (آب) الماضي وأحدثت هزة رأسية عميقة تركت إرباكاً ملحوظاً في سلوكها المنفعل عبرت عنه اتهامات التخوين وعدم الثقة المتبادلة في داخل قوامها القيادي، 

وراحت في محاولة لاحتواء هذه الضربات تصعد من حملات اختطاف وإخفاء طاولت الصحافيين والناشطين والعاملين في المنظمات الإنسانية والأممية وهو ما عد، وفقاً لمراقبين، اختراقاً أمنياً فادحاً وغير مسبوق أصاب الجماعة بهستيريا.

توفيق الشنواح
 صحافي يمني