Logo

الانتخابات العراقية: الفصائل المسلحة تعزز حضورها والمدنيون أبرز الخاسرين

الرأي الثالث - وكالات

 أظهرت نتائج الانتخابات العراقية التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات ليل أمس الأربعاء، تقارباً بين القوى الفائزة وبشكل لا يسمح لأي طرف بتشكيل الحكومة الجديدة بدون التوافق الذي جرت عليه العادة بعد عام 2003 في العراق. 

وفي وقت عززت فيه الفصائل المسلحة الحليفة لإيران حضورها داخل البرلمان الجديد بعد فوز أجنحتها السياسية بأكثر من 60 مقعداً، خسرت القوى المدنية والليبرالية، وأبرزها الحزب الشيوعي، تمثيلها المنشود في البرلمان.

وفي السياق، فازت كتلة "بدر" بـ19 مقعداً في البرلمان، و"صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، بـ26 مقعدا برلمانيا، و"حقوق"، الجناح السياسي لمليشيا "كتائب حزب الله"، بستة مقاعد، و"سند"، الجناح السياسي لمليشيا "جند الإمام" بستة مقاعد، وتحالف "خدمات"، بقيادة شبل الزيدي زعيم مليشيا "الإمام علي"، بخمسة مقاعد.

ووفقاً لنتائج الانتخابات الأولية التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات، فقد فاز تحالف "الإعمار والتنمية" برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالمرتبة الأولى بواقع 45 مقعداً،

 يليه ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، بـ30 مقعداً، ثم حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، بـ27 مقعداً، وكتلة "صادقون" بزعامة قيس الخزعلي، بـ 26 مقعداً، 

فيما نالت "بدر"، بزعامة هادي العامري، 19 مقعداً، و"قوى الدولة"، بزعامة عمار الحكيم 18 مقعداً.

كرديا، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 27 مقعداً، يليه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ18 مقعداً، وثم حزب "الجيل الجديد"، بثلاثة مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكردستاني بأربعة مقاعد، والجماعة الإسلامية بمقعد واحد. 

وعلى التوالي، حاز تحالف "عزم"، بزعامة مثنى السامرائي، على 16 مقعداً، ثم "السيادة"، بزعامة خميس الخنجر، على 14 مقعداً، 

يليهم "إشراقة كانون"، الذي يضم شخصيات مدنية ومستقلة بثمانية مقاعد وتحالف الأساس بسبعة مقاعد و"تصميم"، بستة مقاعد، و"حسم" بستة مقاعد، تليها كتل صغيرة أخرى، مثل "الموقف"، و"واسط أجمل"، و"الجماهير"، و"الجبهة التركمانية"، والمشروع العربي"، و"التحالف العربي"، بما بين خمسة مقاعد إلى مقعدين.
 
وتأمل أطراف سياسية أن تتغير هذه النتائج بشكل بسيط لصالح (مقعد هنا أو هناك)، وفقاً للخبير والمراقب في مفوضية الانتخابات أحمد حسين، الذي قال إن "المفوضية اعتمدت على حجب مئات الأصوات وعدم احتسابها بداعي التدقيق ووجود شكاوى بشأنها، وهو إجراء جديد يهدف لعدم التأخير بالنشر الأولي للنتائج"،

 مؤكداً أن "القوائم سترتفع مقعداً أو تنخفض في التدقيق والاحتساب النهائي للأصوات، واعتماد كوتا النساء ومراجعة الشكاوى الحمراء التي وردت من بعض المحطات".
 
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استبق الجميع بإعلان فوزه في الانتخابات، وذلك بعدما زار ضريحي الإمامين الكاظم وأبو حنيفة النعمان في بغداد بوقت متأخر من ليل أمس،

 وأكد في مؤتمر صحافي مع عدد من قيادات ائتلافه الانفتاح على جميع القوى الأخرى لتشكيل الحكومة. 

وأوضح السوداني أن "المرحلة المقبلة ستشتمل على التفاوض انطلاقاً من روح وطنية جامعة ومسؤولة، تهدف إلى بلورة شكل الحكومة الجديدة، حكومة كفؤة قادرة على تنفيذ البرامج والالتزامات"،

 مضيفاً أن "المضي في تقديم الخدمة وحماية مصالح البلد العليا هو أمر لا يحتمل المجاملات، بل يتطلب وضوحاً وشجاعة في اتخاذ القرار".

وأكد السوداني أن "ائتلاف الإعمار والتنمية منفتح على جميع القوى الوطنية دون استثناء"، مبيناً أن الائتلاف "سيتعامل بروح المسؤولية الموضوعية والقانونية التي تليق بتضحيات العراقيين، وبالثقة التي وضعها أبناء شعبنا في منجزات حكومتهم وخططها"،

 مشدداً على أن الهدف هو "بناء تفاهمات رصينة تحترم الدستور وتضمن المشاركة الحقيقية للجميع في القرار".

وفي قراءة النتائج الحالية للانتخابات العراقية، قال الخبير بالشأن العراقي أحمد النعيمي إن "النتائج ستدفع جميع الأطراف إلى استعجال التحاور والتفاهم لتشكيل الحكومة أو اختيار رئيس الجمهورية والبرلمان الجديدين".

 وأضاف النعيمي متحدثاً ، أن "عوامل الضغط الخارجي والفاعلين الإيراني والأميركي ستكون مؤثرة للغاية، لكن التقارب الحالي بين القوى الشيعية التي جرى العرف السياسي أنها هي التي تشكل الحكومات، يجعل من فكرة التوافق بينها أمراً لا بد منه، وبطريقة لا غالب ولا مغلوب"،

 معرباً عن توقعه بأن يُعاد تشكيل الإطار التنسيقي مجدداً والذهاب لتقديم مرشح واحد، لكنه أشار إلى صعوبة بالغة تنتظر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الساعي إلى ولاية ثانية، في ظل رفض المالكي والخزعلي المعلن لهذا الخيار.

وعلى مستوى القوى السنية، اعتبر أن الخلافات ستكون أوسع وذات مغزى منفعي متعلق بتوزيع الوزارات والمنصات ورئاسة البرلمان، لكن المتوقع أن "السيادة" و"تقدم" سيدخلان في تحالف وتفاهمات، كونهما الأقرب حالياً، وأكثر بُعداً عن "عزم"، و"حسم"، بزعامة مثنى السامرائي، ووزير الدفاع الحالي ثابت العباسي.

في السياق الانتخابي، نشر مركز "صوت لشؤون الانتخابات" في بغداد أبرز الخاسرين في الانتخابات البرلمانية 2025، يتقدمهم محمود المشهداني رئيس البرلمان المنتهية ولايته، 

ومحافظ النجف الأسبق عدنان الزرفي، إلى جانبهم كل من النائب المدني سجاد سالم، ورائد المالكي، وصلاح زيني، وليث الدليمي، وعدنان الجابري، وداود العيدان، وعبد الحسين عبطان، وعباس المالكي، ووصفي العاصي، ووزير الهجرة الحالية إيفان فائق جابرو، وناهدة الدايني، ونيسان الزاير، وأمل عطية الناصري، وعارف الحمامي.

ووصف عدنان الزرفي خسارته الانتخابات بأنها كانت "معركة غير متكافئة بين المال السياسي واستغلال السلطة في مواجهةِ مشروع مدني رافعته الانتخابية الوحيدة قناعة الناس ببرنامج البديل وإيمانهم بالتغيير".

بدوره، يصف الباحث بالشأن السياسي العراقي أسعد الجميلي الحضور اللافت لأجنحة الفصائل المسلحة في البرلمان القادم، بأنها "سُتعقد مهمة أي حكومة تتشكل أمام ملف حصر السلاح بيد الدولة، أو السيطرة على موضوع الفصائل الحليفة لإيران". 

ويضيف الجميلي أن "نتائج الانتخابات أظهرت انحسار أصوات المستقلين والمدنيين، وحضور واسع وكبير للقوى الدينية وقوى الفصائل المسلحة، وهذا ما يجعل من القول إن الانتخابات لم تأت بأي تغيير غير صحيح، إذ إنها جاءت بتغيير، لكن ليس باتجاه استحقاق دولة المواطنة والمدنية، بل على العكس تماماً"، وفقاً لقوله.