Logo

توترات شرق سورية... اتفاق "قسد" ودمشق مهدد

الرأي الثالث - وكالات

 يشير تصاعد التوتر الميداني بين قوات الحكومة السورية، و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، على خطوط التماس شرقي سورية، إلى هشاشة التفاهمات السياسية التي يجري الحديث عنها في إطار اتفاق 10 مارس/آذار الماضي المتضمن اندماج "قسد" بمكوناتها العسكرية والأمنية والإدارية في الدولة السورية.

وأسفرت الاشتباكات بين الجانبين على محور معدان في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، أمس الخميس، عن مقتل اثنين من عناصر الجيش السوري وجرح آخرين، وذلك بعد أسابيع من الهدوء الحذر، أعقبت إعلان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، وقفاً تاماً لإطلاق النار على كامل الأراضي السورية، 

وذلك إثر جولة مفاوضات بين الجانبين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وسط تبادل الاتهامات حول المسؤولية عن خرق اتفاق وقف النار،

 إضافة إلى اتهامات من "قسد" لقوات الحكومة بإيواء عناصر من تنظيم "داعش" وتمكينهم من اطلاق مسيّرات باتجاه عناصر "قسد" في بادية غانم العلي شرق الرقة.

كما يفسّر البعض تصاعد التوتر العسكري، بأنه يأتي في سياق الضغوط الميدانية لتحريك المواقف السياسية، خصوصاً في ظلّ الاحتقان الناجم عن الدعوات المتكررة لانتهاج الخيارات العسكرية لحسم الموقف مع "قسد" بسبب تعنتها ومماطلتها في تنفيذ الاتفاقيات طوال الأشهر الماضية، لا سيما مع اقتراب انتهاء مهلة تطبيق الاتفاق، وهي نهاية العام الحالي.

وكان من المُقرّر أن تُعقد جولة من المفاوضات بين قيادة "قسد" والحكومة السورية بعد أسبوع من عودة الرئيس أحمد الشرع من واشنطن (زار واشنطن بين 8 و11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي)، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن،

 رغم مرور نحو أسبوعين على عودته، ما يشير إلى تأزم في الأفق بين الطرفين، يتعلق أساساً بصيغة الاندماج المقترحة لـ"قسد" في مؤسّسات الدولة الأمنية والعسكرية، مع تباين في تفسير مفهوم "اللامركزية" بين النموذج الإداري المطروح من جانب دمشق، والمفهوم السياسي الذي تطرحه "قسد".

وخلال مشاركته في "منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط" في دهوك قبل يومين، جدّد قائد "قسد" مظلوم عبدي، الحديث عن وجود "عقبات" في طريق المحادثات بين الطرفين، 

مؤكداً أنه لا يمكن لسورية أن تعود إلى دولة مركزية بعد 15 عاماً من الحرب. ورغم ذلك، اعتبر أن الملفات العسكرية والأمنية شهدت تقدماً كبيراً ولم يبقَ سوى "تفاصيل أخيرة" قبل الإعلان الرسمي عنها بشكل مكتوب وخطّي موقع بين الطرفين.

ورأى الباحث الكردي جميل الحسن، أن أبرز العقبات أمام الطرفين تتمثل في انعدام الثقة بينهما وتراجع كل طرف عما يتم التوصل سابقاً إليه تحت الضغط الخارجي. 

وأضاف الحسن، أن الحكومة السورية، بعد موافقتها على دمج "قسد" في كتلة واحدة ودمج قوات "الأسايش" (الأمن الداخلي التابع لـ"قسد") في بنية وزارة الداخلية، عادت لترفض التعامل مع مطلب اللامركزية بسبب ضغوط تركية مورست عليها بحسب تعبيره.
 
وحول وجود تيارات داخل "قسد" لا ترغب في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية خشية أن تفقد دورها وامتيازاتها، اعتبر الحسن أن هناك قوى قد لا تكون متحمسة للاتفاق، وهو الأمر القائم أيضاً لدى الحكومة السورية، التي يوجد فيها أيضاً قوى تفضل الحلّ العسكري مع "قسد"، وليس الحل السياسي، 

معتبراً أن العامل الحاسم في موقف الطرفين هو الموقف الأميركي الذي وحده يستطيع دفعهما نحو اتفاق معقول يستجيب للحدّ الأدنى من شروطهما ومطالبهما.

غير أن الباحث السياسي بسام السليمان، نفى أن تكون الحكومة السورية وافقت على إدماج "قسد" في المؤسسة العسكرية كتلةً واحدة. 

وأضاف ، أن الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه قضى بتقسيم "قسد" إلى فرق مثل بقية المجموعات المسلحة التي اندمجت بالجيش بعد سقوط النظام وتخضع لقيادته، 

معتبراً أن من أهم العقبات أمام التقدم في تطبيق الاتفاق بين الجانبين وجود "تيار طائفي" داخل "قسد" معادٍ للدولة السورية. 

وأوضح أن قادة من "حزب العمال الكردستاني" أمثال قائد الحزب، جميل باييق، والقيادي البارز مراد قره ييلا، يحاولون الاستعانة بتيارات طائفية ، والذين انضم الآلاف منهم إلى "قسد" بعد سقوط نظام الأسد، ما عزّز هذا التيار الطائفي الذي يتصارع اليوم مع "التيار الوطني" للاستحواذ على القرار داخل "قسد"، وفق تعبيره.