تقارير حقوقية توثّق آلاف الانتهاكات الحوثية ضد اليمنيات
الرأي الثالث - متابعات
كشفت تقارير حقوقية يمنية حديثة عن اتساع رقعة الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية بحق اليمنيات في مختلف مناطق سيطرتها،
مؤكدة أن تلك الانتهاكات بلغت مستويات «صادمة» من القتل والتعذيب والاختطاف والعنف الجنسي، وسط توسع غير مسبوق في نشاط «كتائب الزينبيات» التي تمثل الجناح الأمني النسائي للجماعة، والتي تقوم بأدوار قمعية منظمة لاستهداف النساء والناشطات والمجتمع المدني.
التقارير التي أصدرتها «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، و«مؤسسة تمكين المرأة اليمنية» وثّقت آلاف الحالات التي قالت إنها «جزء من نمط عنف ممنهج» تديره قيادة الجماعة الحوثية بهدف ترهيب المجتمع وإخضاعه، وتكريس القبضة الأمنية عبر تفكيك الدور الاجتماعي والسياسي للمرأة اليمنية خلال السنوات الماضية.
وأفادت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» في تقرير خاص بمناسبة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، بأنها وثقت 1654 انتهاكاً ارتكبتها «كتائب الزينبيات» خلال الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 2021 حتى الأول من فبراير (شباط) 2025.
وأوضح التقرير أن الانتهاكات شملت الاعتقال والاحتجاز التعسفي، والنهب، والضرب، والتعذيب الجسدي والنفسي، إضافة إلى تسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز احتجاز سرية.
وأشار التقرير إلى أن «الزينبيات» قد «تورطن في مقتل 10 نساء»، بينها ست حالات نتيجة الضرب المبرح بالهراوات والكابلات النحاسية، وثلاث حالات بطلق ناري مباشر.
كما تسببن في إصابة 42 امرأة بجروح متفرقة، واعتقال وخطف 571 امرأة، في حين تعرضت 62 معتقلة ومختطفة ومخفيّة قسراً للتعذيب داخل السجون التي تديرها هذه العناصر.
ووثق الفريق الميداني تعرض 58 امرأة للتحرش أو الاغتصاب، بينها 27 حالة داخل سجون تديرها «الزينبيات»، و31 حالة في منازل خاصة لقيادات حوثية.
وأكد التقرير أن الميليشيات جنّدت نحو 4000 عنصر نسائي تلقين تدريبات قتالية في صنعاء، في حين حصلت مجموعات منهن على تدريب في الخارج – خصوصاً في لبنان وإيران – على أيدي خبراء من «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني.
أدوار قمعية متنوعة
تطرق التقرير إلى الأدوار المتنوعة لـ«الزينبيات»، والتي تشمل التحريض والتلقين الطائفي وإلقاء الدروس والمحاضرات في المساجد والمنازل والمدارس،
إضافة إلى مراقبة النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنفيذ الاقتحامات وفضّ الوقفات الاحتجاجية واعتقال الناشطات.
كما تعمل هذه العناصر في «رصد الأحاديث الخاصة، والتجسس، والإيقاع بالخصوم»، عبر زراعة مجنّدات في أوساط النساء لجمع المعلومات وتقديم تقارير دورية تعتمد عليها الميليشيات في عمليات الملاحقة والاختطاف.
وأضاف التقرير أن اسم «الزينبيات» بات «مرادفاً للرعب» في المجتمع اليمني، معتبراً أن الجماعة حوّلت هذه التشكيلات إلى «وحوش» تنفذ اقتحامات للمنازل، وتعتدي على المتظاهرات، وتستخدم العنف لإخضاع النساء.
وأشار أيضاً إلى ممارسات قمعية طالت المشاركات في الوقفات النسوية، مثل «رابطة أمهات المعتقلين»، إضافة إلى حملات اعتقال طالت طالبات وموظفات في معاهد ومدارس بصنعاء بعد مداهمة مرافقهن واتهامهن بـ«تهم مخلة بالشرف».
ودعت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات جادة لحماية المرأة اليمنية، والضغط على الميليشيات الحوثية لوقف الانتهاكات والإفراج عن المعتقلات، وإدراج المتورطين في قوائم العقوبات الدولية.
40 ألف انتهاك
كشفت «مؤسسة تمكين المرأة اليمنية» عن أرقام «مروّعة» لانتهاكات الحوثيين خلال الفترة من 2015 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، مؤكدة توثيق أكثر من 40 ألف انتهاك طالت النساء والفتيات في مختلف المحافظات اليمنية.
وبحسب تقرير المؤسسة، فقد ارتكبت الجماعة الحوثية 1901 عملية اعتقال وخطف لنساء وفتيات، بعضها شمل الإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، إضافة إلى 2940 حالة اعتقال إضافية صدرت ضد بعضها أحكام بالإعدام والسجن والمصادرة والغرامات.
وسجّل التقرير 2720 حالة قتل للنساء نتيجة القصف العشوائي بالصواريخ والقذائف والأسلحة الثقيلة، إلى جانب 375 إصابة بعمليات قنص مباشر، وتضرر 605 نساء من الألغام والعبوات الناسفة المزروعة عشوائياً.
كما وثقت المؤسسة 169 حالة قتل لأقارب نساء ضمن نمط عنف أسري «ذي طابع عقائدي» مدفوع بالتحريض الحوثي، إضافة إلى 42 حالة اغتصاب داخل أماكن الاحتجاز أو خلال المداهمات وعمليات النزوح.
وأشار التقرير إلى وجود نحو 4 ملايين نازح نصفهم من النساء، وأن 9.6 مليون امرأة وفتاة يعشن في نطاق الجوع وانعدام الخدمات نتيجة سياسات التجويع والحصار.
ووفق بيانات المؤسسة، فقد تعرضت 16451 امرأة للفصل التعسفي من الوظائف العامة، في حين جرى تنفيذ 14800 حالة إحلال وظيفي استُبدلت فيها عناصر موالية للجماعة بموظفات،
مؤكدة أن الأرقام المتوفرة «تمثل جزءاً مما يحدث فعلياً» بسبب صعوبة الوصول إلى العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وطالبت المؤسسة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة في الجرائم المرتكبة ضد النساء، وفرض عقوبات على القيادات الحوثية، وحماية النساء والفتيات، ورفع القيود المفروضة على التنقل والعمل،
ودعم برامج التمكين والحماية، وتوفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا.
وأكدت المؤسسة استمرارها في توثيق الانتهاكات «وكشف الحقائق والدفاع عن حقوق النساء حتى تحقيق العدالة بكافة أشكالها».