القاهرة تعلن عن تدريب الشرطة الفلسطينية واستضافة مؤتمر إعمار غزة
الرأي الثالث - وكالات
أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء، أن القاهرة بدأت بالفعل تنفيذ برامج لتدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية على الأراضي المصرية، تمهيداً لتمكينهم من تولي مسؤولية حفظ الأمن في قطاع غزة بعد تثبيت وقف إطلاق النار، وإنهاء حالة الفراغ الأمني التي خلّفها العدوان والحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
جاءت تصريحات عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مشترك في برلين مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، في إطار زيارة رسمية يجريها الوزير المصري لألمانيا لبحث ملفات غزة، والسودان، وسد النهضة، والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وقال عبد العاطي إن مصر "تنفذ برامج لتدريب الشرطة الفلسطينية على الأراضي المصرية"، مؤكداً أن الهدف "تمكين الشرطة الفلسطينية من العمل في غزة لإنهاء الفراغ الأمني"،
في إشارة إلى أن القاهرة ترى في عودة أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية جزءاً من الترتيبات الأمنية والحوكمية لما بعد الحرب في القطاع.
وأضاف أن مصر "مستعدة للتشاور مع الدول الأوروبية بشأن تدريب الشرطة الفلسطينية"، في إطار تقاسم الأعباء وترتيب مساهمة أوروبية في بناء القدرات الأمنية الفلسطينية.
وتتقاطع هذه التصريحات مع ما نشرته في وقت سابق وسائل إعلام أوروبية وإقليمية عن بدء القاهرة بالفعل في استقبال دفعات من عناصر الأمن الفلسطينيين،
على أن يصل العدد الإجمالي إلى نحو خمسة آلاف شرطي، يجري إعدادهم لتولي مهامهم في القطاع في إطار الترتيبات المنصوص عليها في الخطة الأميركية المعروفة بـ"خطة ترامب لغزة".
وفي الملف الاقتصادي - السياسي للأزمة، كشف عبد العاطي أن مصر "تمضي قدماً في الإعداد لمؤتمر إعادة إعمار غزة بالتعاون مع الشركاء"،
موضحاً أن المؤتمر سيكون برئاسة مشتركة مصرية-أميركية، مع استمرار التنسيق مع واشنطن لتحديد موعد انعقاده النهائي.
وفقاً لبيان الخارجية المصرية، أوضح الوزير أن القاهرة تتشاور مع الاتحاد الأوروبي ودول عربية وإسلامية ومؤسسات مالية دولية من أجل ضمان مشاركة واسعة في المؤتمر المرتقب، بما يسمح بتعبئة تمويلات كافية لمرحلة إعادة الإعمار المبكر،
على أن يجري التنسيق بشكل وثيق مع السلطة الفلسطينية، والأمم المتحدة، والبنك الدولي، وهي الجهات التي سبق أن أُشير إلى دورها في إدارة ملف الإعمار في الخطة العربية-الإسلامية التي تبنتها قمة القاهرة الطارئة في مارس/ آذار الماضي.
وقال عبد العاطي في المؤتمر إن "إعادة إعمار غزة جزء لا يتجزأ من خطة ترامب للسلام"، مشيراً إلى أن مصر "شارفت على الانتهاء من المرحلة الأولى من الخطة"، مع تأكيد ضرورة البدء في تنفيذ المرحلة الثانية قريباً.
وتنص "خطة ترامب للسلام في غزة"، التي قادتها الإدارة الأميركية بالتنسيق مع مصر وقطر وتركيا وأطراف أخرى، على ثلاث مراحل رئيسية: وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين،
يليها نزع الطابع العسكري عن القطاع وترتيبات أمنية دولية، ثم مرحلة الحوكمة وإعادة الإعمار على مدى سنوات، مع فتح مسار مشروط للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقد أُقرَّت الخطة في مجلس الأمن الدولي عبر القرار 2803، الذي تبنى الإطار العام لوقف النار وترتيبات ما بعد الحرب في القطاع.
سياسياً، شدد وزير الخارجية المصري على رفض القاهرة القاطع لأي سيناريو لتقسيم قطاع غزة، أو فصله عن بقية الأراضي الفلسطينية،
مؤكداً "ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية" على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك "الضمان الوحيد لاستقرار المنطقة".
وذكّر عبد العاطي بأن الرؤية المصرية تقوم على وحدة الأراضي الفلسطينية جغرافياً وسياسياً بين الضفة الغربية وغزة، وعودة مؤسسات السلطة الفلسطينية الشرعية لممارسة دورها في القطاع،
بالتوازي مع مسار سياسي أوسع لتطبيق حل الدولتين وفق المرجعيات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وعلى هامش حديثه عن غزة، استعرض عبد العاطي مواقف مصر من ملفات إقليمية أخرى، إذ دعا إلى "التوصل إلى هدنة شاملة في السودان" وإطلاق عملية سياسية ذات ملكية سودانية لا تُقصي أحداً،
مع التشديد على ضرورة إنشاء ممرات إنسانية آمنة لوصول المساعدات إلى المدنيين. كذلك جدد رفض القاهرة "الإجراءات الإثيوبية الأحادية" في ملف سد النهضة، باعتبارها مخالفة لقواعد القانون الدولي وحكماً يهدد الأمن المائي المصري.
وفي السياق ذاته، طالب وزير الخارجية المصري بوقف الانتهاكات الإسرائيلية في كل من لبنان وسورية، محذراً من مخاطر اتساع نطاق التصعيد في الإقليم في حال استمرار الهجمات العابرة للحدود،
ومشدداً على أن تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ خطة السلام، بما في ذلك إعادة الإعمار وتمكين السلطة الفلسطينية، يمثلان المدخل الأساسي لاحتواء التوترات على أكثر من جبهة.