Logo

السودان يعرض على روسيا قاعدة عسكرية بحرية وذهباً مقابل التسليح

الرأي الثالث - وكالات

 نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده بينوا فوكون ونيكولاس باريو قالا فيه إن السودان عرض على روسيا إنشاء قاعدة عسكرية في ميناء إستراتيجي على البحر الأحمر.

ويعتبر عرض الحكومة العسكرية السودانية أول قاعدة عسكرية حيوية لروسيا في أفريقيا وخطوة غير مسبوقة حيث ستقام في منطقة مهمة لخطوط التجارة العالمية.

ولو تم تحقيق الصفقة فإنها ستعطي موسكو موقعا إستراتيجيا في القارة الأفريقية التي كافحت فيها لبناء موطئ قدم وتأثير. 

ولكن القاعدة ستمثل مشكلة إضافية للولايات المتحدة التي كافحت للحد من التأثير الصيني والروسي، ومنع سيطرتهما على الموانئ الأفريقية التي قد تتحول إلى مراكز لإعادة تسليح وصيانة البوارج البحرية وخنق طرق التجارة الدولية.

وعرضت الحكومة السودانية الصفقة على روسيا في تشرين الأول/ أكتوبر. وهي تعطي لروسيا الحق في نشر 300 من قواتها في القاعدة البحرية ببورت سودان، أو أي منشآة بحرية أخرى على البحر الأحمر،

 إضافة إلى عدد من البوارج الحربية قد تصل إلى 4، ولمدة 25 عاما.

وسيحصل الكرملين على معاملة تفضيلية في مجال التعدين، حيث يعد السودان من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا.

وستمنح القاعدة البحرية في بورت سودان، روسيا الفرصة لمراقبة حركة الملاحة البحرية من وإلى قناة السويس، وهي الممر البحري الذي تعبر منه نسبة 12% من التجارة العالمية.

ومقابل فتح الأراضي السودانية للقوات الروسية، ستحصل الحكومة المحاصرة والتي تقاتل ميليشيا شبه عسكرية منذ أكثر من عامين، على أنظمة متقدمة مضادة للطائرات ومعدات عسكرية بأسعار مخفضة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سوداني قوله بأن السودان بحاجة إلى معدات عسكرية، ولكنه اعترف أن عقد صفقة مع روسيا قد يؤدي إلى مشاكل مع أمريكا والاتحاد الأوروبي. ولم ترد الحكومة السودانية ولا القوات المسلحة على أسئلة الصحيفة للتعليق.

وتشير الصحيفة إلى أن احتمال إنشاء قاعدة روسية على البحر الأحمر يثير قلق مسؤولي الأمن الأمريكيين، الذين يتنافسون مع بكين وموسكو منذ سنوات في أفريقيا.

وتعد الأنشطة البحرية الروسية محدودة حاليا بسبب نقص موانئ المياه الدافئة، حيث يمكن للسفن إعادة الإمداد أو الخضوع للإصلاحات.

 وعلى سبيل المثال، ستسمح قاعدة في ليبيا أو البحر الأحمر للسفن الروسية بالإبحار في البحر الأبيض المتوسط ​​والمحيط الهندي لفترات أطول مما هو متوفر لها الآن.

وعلق مسؤول أمريكي بارز، قائلا إن وجود قاعدة روسية في ليبيا أو في بورت سودان يمكن أن يعزز قدرات روسيا على إبراز قوتها ويسمح لها بالعمل دون عقاب. وتوفر القاعدة فوائد أقل وضوحا لاستعراض النفوذ العالمي.

 ويرى الجنرال المتقاعد في القوات الجوية مارك هيكس، الذي قاد وحدات العمليات الخاصة الأمريكية في أفريقيا، أن وجود قاعدة في أفريقيا “يزيد من نفوذ روسيا من خلال منحها المزيد من المكانة والنفوذ الدوليين”.

وتتوزع القوات الروسية وجماعات المرتزقة التابعة لها في عدة مناطق بأفريقيا، من غينيا بيساو إلى جمهورية أفريقيا الوسطى. ولم يرد الكرملين على عدة أسئلة للاستسفار طرحتها الصحيفة،

 إلا أن موسكو تحاول الحصول على قاعدة بحرية في بورت سودان منذ خمسة أعوام. وقال الجنرال هيكس إن موافقة السودان على القاعدة، سيكون مفيدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقد شجعت السلطات السودانية موسكو في طموحها لبناء القاعدة، لكنها ظلت مترددة في إكمال الصفقة. وقد أقامت الصين عددا من الموانئ التجارية في أفريقيا، كجزء حملة إعمار البنى التحتية. 

وفي عام 2017، أكملت الصين بناء أول قاعدة عسكرية بحرية في جمهورية جيبوتي المطلة على مضيق باب المندب. والرصيف في هذه القاعدة كاف بدرجة لاستقبال طائرة حربية.

وتقع القاعدة الصينية على بعد 6 أميال من أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفريقيا، معسكر ليمونيه.

 ويضم المعسكر، الذي يدعم العمليات الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة في الصومال، قوة لرد الفعل السريع للرد على التهديدات التي تواجه السفارات الأمريكية في المنطقة، ويعمل فيها حوالي 4,000 عنصرا.

كما تنشر الولايات المتحدة قوات كوماندوز وقوات أخرى في الصومال نفسها، حيث تساعد قوات النخبة المحلية التي تقاتل حركة الشباب المتمردة التابعة لتنظيم القاعدة، والفرع الصومالي لتنظيم الدولة الإسلامية.

وتأتي الصفقة السودانية الروسية في الوقت الذي فقدت فيه موسكو بعضا من فرصها في أفريقيا. 

فقبل عامين فقط، كانت دول مثل مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى تستأجر مرتزقة من مجموعة فاغنر المتحالفة مع الكرملين لحماية قادتها ومحاربة أعدائها. 

وتفككت بعض مشاريع فاغنر في القارة منذ عام 2023 عندما تمرد مؤسسها، يفغيني بريغوحين، على بوتين، راعيه السابق. 

وقُتل بعد ذلك بوقت قصير، عندما انفجر جناح طائرته وهي على ارتفاع 28,000 قدم. وحتى الآن، فشلت القوة العسكرية الرسمية الجديدة للكرملين، التي تعتمد على المرتزقة، في تكرار نجاح فاغنر المالي ونفوذها السياسي في أفريقيا.

وتشير الصحيفة إلى أن الحرب التي اندلعت بين الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023 تمثل فرصة، 

وتستغلها القوى الإقليمية والعالمية على حد سواء لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يُنتج تشابكا في التحالفات المتغيرة. وقد دعمت موسكو في البداية متمردي الدعم السريع، 

واستخدمت علاقاتها للوصول إلى مناجم الذهب السودانية فيما حاولت أوكرانيا دعم الجيش السوداني. وسرعان ما انقلبت هذه الولاءات. ووجد المتمردون أن الدعم الروسي غير كاف، فبدأوا اتصالات مع أوكرانيا.

وقال مسؤولون سودانيون ومتمردون، إن ذلك دفع روسيا إلى التوجه نحو حكومة الخرطوم. فيما علق مسؤولون حاليون وسابقون معنيون بالشأن السوداني أن إيران ومصر وتركيا زودت الجيش السوداني بطائرات بدون طيار.

لكن الخرطوم رفضت العام الماضي مقترحًا بإنشاء قاعدة بحرية تسيطر عليها طهران لتجنب نفور الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقا لمسؤولين سودانيين. 
 
ويعكس حرص النظام السوداني على إبرام صفقة مع موسكو تدهور وضعه في ساحة المعركة. 

وعلى الرغم من عدم سيطرتها على الخرطوم، سيطرت قوات الدعم السريع في تشرين الأول/أكتوبر على كامل إقليم دارفور، المنطقة الواقعة غرب السودان حيث ترتكب الجماعة مجازر بحق المدنيين، في تكرار للإبادة الجماعية المزعومة التي ارتكبها أسلاف الدعم السريع في أوائل القرن الحادي والعشرين، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان.