إسرائيل تبدأ بناء "جدار أمني" على الحدود مع الأردن بطول 500 كم
الرأي الثالث - وكالات
شرع الاحتلال الإسرائيلي في أعمال بناءٍ لإنشاء مقطعين من العائق الأمني المزمع أن يُغطي امتداد الحدود مع الأردن، وفق ما أعلنته وزارة الأمن الإسرائيلية، اليوم الاثنين،
مشيرةً إلى أن طول المقطعين يبلغ 80 كم، وأنه في المرحلة الأولى من البناء ستتركز العمليات في منطقة غور الأردن،
وذكرت أن كلفة المشروع ناهزت 5.5 مليارات شيكل، ويتضمن إقامة عائق على طول الـ500 كم الممتدة من جنوب هضبة الجولان السورية المحتلة، وصولاً إلى "حولوت سمَار"، شماليّ إيلات، جنوب فلسطين المحتلة.
وتشارك في أعمال البناء هيئات مختلفة، من بينها "مديرية الحدود وخط التماس"، وشعبة الهندسة والبناء في وزارة الأمن، والقيادة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بحسب بيان للوزارة.
وبموازاة أعمال البناء، تواصل وزارة الأمن والجيش تخطيط المقاطع المزمع إقامتها لاحقاً بما يتسق مع "المفهوم الأمني على الحدود والأدوات المطلوبة لتحقيق ذلك".
وذكرت الوزارة أن "مشروع تعزيز الأمن القومي وإحكام القبضة والسيطرة الاستراتيجية على الحدود الشرقية هي جزء أساسي من استراتيجية وزارة الأمن والسياسات التي يقودها مدير عام الوزارة، اللواء في الاحتياط أمير برعام".
وتعليقاً على البدء في عمليات البناء، قال وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه "فور تسلّمي المنصب وضعت إقامة العائق الأمني على الحدود الشرقية باعتباره المهمة الأساسية لأمن إسرائيل"،
لافتاً إلى أن "العائق الجديد سيُقوّي المستوطنات على طول الحدود، ويُقلّص بشكل كبير عمليات تهريب السلاح إلى أيدي المخربين (المقاومين الفلسطينيين) في يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية المحتلة)"،
وعدّ ذلك "ضربة قاسية لجهود إيران ووكلائها لتأسيس جبهة شرقية ضد دولة إسرائيل"، على حد تعبيره.
وفي 18 مايو/ أيار الماضي، قالت القناة 12 العبرية إن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) صادق على بناء ما سماه "جداراً أمنياً" على الحدود مع الأردن.
وأرجعت القناة حينها هذه الخطوة إلى ما قالت إنهما "حادثتا تسلل" تمكّن خلالهما أجانب من دخول إسرائيل دون أن ترصدهم السلطات.
الجدار الإسرائيلي يتجاوز البعد الأمني
ويأتي بناء الجدار في ظل تبريرات إسرائيلية تتحدث عن ضرورة وقف تهريب السلاح والعبور غير المشروع من الأردن إلى الضفة الغربية، وهي ادعاءات يصفها خبراء أردنيون بأنها تتجاوز البعد الأمني نحو رسائل سياسية داخلية وخارجية،
وقال الخبير الأمني والعسكري الأردني، جلال العبادي، إنّ دولة الاحتلال تحاول تبرير بناء هذا الجدار بوقف تهريب السلاح والعبور غير المشروع من الأردن إلى الضفة الغربية، ومنع وصول أي أسلحة إليها.
وأوضح أن الجدار سيمتد على أجزاء واسعة من الحدود، ويُتوقع أن يكون مشابهاً في تصميمه للجدران التي أُقيمت على الحدود بين إسرائيل وكلٍّ من مصر وجنوب لبنان وقطاع غزة، بحيث يكون مرتفعاً وسميكاً ويصعب الحفر تحته أو العبور المباشر من خلاله.
وأضاف أن ذلك ربما يدل على عدم الثقة في الاتفاقيات الأمنية، إذ تحاول إسرائيل الإيحاء بأن الإجراءات القائمة غير كافية. لكن، بشكل عام، يسعى الأردن دائماً إلى الحفاظ على سلامة حدوده ومنع أي عبور غير مشروع إلى داخل البلاد أو خارجها،
ومع ذلك، فإنه لا يمكن لأي دولة في العالم منع جميع حالات التسلل، مثلما يحدث على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، رغم الإمكانات المادية والتكنولوجية الهائلة.
وتابع: "إن بعض حالات التسلل قد تقع أحياناً"، لكنه رجّح أن إسرائيل تبالغ في الحديث عن محاولات التسلل والتهريب، بهدف ممارسة الضغوط على الأردن، مشيراً إلى أنّ المهمة الرئيسية للجيش والأمن الأردني هي منع التسلل إلى الأردن.
ورأى العبادي أن القيمة الأمنية للجدار ليست كبيرة، في ظل التطور التكنولوجي، واستخدام المسيّرات والبالونات في التهريب، لكن للحكومة الإسرائيلية أهدافاً سياسية داخلية وخارجية من وراء المشروع، من بينها إرسال رسائل للداخل بأنها تبذل كل السبل لحماية أمن السكان.
وأوضح أن الجدار ليس وحده، يسبقه في بعض المناطق حقولُ ألغام وأسلاكٌ شائكة وكاميراتٌ إلكترونية، كما أن بعض الأسلحة مربوطة بأنظمة تُطلق النار من خلال كاميرات يجري التحكم بها بشكل مباشر من خلال منظومة أمنية إلكترونية.
وأشار إلى أنّ جيش الاحتلال أعلن سابقاً عن تشكيل فرقة "جلعاد" المسؤولة عن منطقة غور الأردن والمثلث الحدودي الأردني - الفلسطيني - الإسرائيلي، لافتاً إلى أن الاحتلال يبرر هذه الخطوة بتعزيز "الأمن" في وجه تهريب السلاح،
لكن الأمر يتجاوز الشق الأمني إلى رسالة تكشف عن العقلية الإسرائيلية الساعية لخلق مبررات جديدة للتوسع وإعادة رسم الخرائط، في محاولة لإيصال رسائل للإسرائيليين عن اهتمامها بأمنهم وسلامتهم.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، إنّ هذا الجدار يأتي في إطار تنفيذ إسرائيل مخططاتها على حساب استقرار المنطقة، تحت شعار "لن يحفظ حدود إسرائيل إلا إسرائيل"، متخذة من أحداث 7 أكتوبر ذريعةً لما كانت تخطط له سابقاً.
ولفت إلى أن عشرات التقارير في وسائل الإعلام العبرية، خلال العامين الماضيين، ضخت أخباراً عن التخوف من الحدود مع الأردن، والتهيئة لإجراءات أمنية في هذا الاتجاه،
مذكّراً بتصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال فيها: "إن الحكومة تعدّ مشروعاً لتغليف كل إسرائيل بجدار أمني لحمايتنا من الوحوش الضارية في محيطنا، وسنبني جداراً على الحدود مع الأردن".
وأضاف "لا أعتقد أن يكون للجدار تأثير مباشر على الأردن، لكن الخطر يكمن في استغلال الوضع لسرقة أراضٍ من الضفة الغربية، والقضاء على إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة،
وهو ما ينعكس على الأردن الباحث عن حل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة".
ويبلغ طول الحدود الأردنية 335 كيلومتراً، منها 97 كيلومتراً مع الضفة الغربية، ويرتبط الأردن بإسرائيل عبر ثلاثة معابر حدودية: الشيخ حسين (نهر الأردن)، وجسر الملك حسين (معبر اللنبي)، ومعبر وادي عربة (إسحاق رابين).
يُذكر أنه يوجد حالياً سياج شبكي قديم مجهّز بأجهزة استشعار على طول أجزاء من الحدود، وتحديداً الممتدة بمحاذاة الضفة الغربية، فيما تُجهّز أجزاء أخرى بالأسلاك الشائكة فقط.
وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" في إبريل/نيسان الماضي إن إسرائيل عازمة على البدء ببناء سياج جديد على الحدود مع الأردن لوقف تهريب الأسلحة والمخدرات المتكرر، بحسب قولها، بكلفة تُقدّر بـ1.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن يستغرق إنشاؤه ثلاث سنوات.