Logo

تعنّت إسرائيلي حول المرحلة الثانية وسط تواصل الخروق في غزة

الرأي الثالث - وكالات 

 تتواصل تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر في ظل تصعيد ميداني متسارع وتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، 

بينما لا تزال تداعيات حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة الفلسطينيين، مع استمرار انتشال الشهداء من تحت الأنقاض بعد شهور طويلة من تدمير الأحياء السكنية بالكامل. 

وفي مشاهد تتكرر منذ إعلان وقف النار، تعمل طواقم الدفاع المدني والإسعاف في ظروف شديدة الخطورة، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية نتيجة منع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية الأساسية إلى القطاع المحاصر.

وفي جنوب القطاع، أعاد انتشال جثامين 25 فلسطينياً من تحت أنقاض منزل عائلة الأُسطل في منطقة السطر الغربي بمدينة خانيونس، من بينهم الصحافية هبة العبادلة ووالدتها، تسليط الضوء على حجم الخسائر البشرية الهائلة التي خلّفتها الحرب، وعلى استمرار وجود آلاف المفقودين تحت ركام المنازل المدمرة منذ ما يقارب عامين.

 ويأتي هذا التطور في وقت يحذّر فيه مسؤولون صحيون من تداعيات كارثية لأزمة نقص الوقود، التي تهدد بتوقف المستشفيات والمرافق الحيوية، وسط منع الاحتلال إدخال الوقود لليوم الرابع على التوالي، ما يضاعف المخاطر على حياة الجرحى والمرضى.

سياسياً وميدانياً، تتقاطع التحركات الدبلوماسية مع تصعيد عسكري مستمر، إذ طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء معاناة الفلسطينيين، 

بالتزامن مع تأكيدات إسرائيلية رسمية على استمرار العمليات العسكرية وعدم الانسحاب من قطاع غزة. وعلى الأرض، واصل جيش الاحتلال توغلاته في مناطق مختلفة من القطاع، تمهيداً لتفخيخ وتفجير مربعات سكنية، 

فيما يؤكد قادة الجيش أن "المعركة لم تنته" وأن مختلف الجبهات ما زالت نشطة، في مشهد يعكس انسداد الأفق السياسي واستمرار العدوان على غزة.

وكما تماطل إسرائيل في الانتقال للمرحلة الثانية متذرعة ببقاء رفات أحد جنودها في الأسر بغزة، رغم أن الفصائل الفلسطينية تواصل البحث عنه وسط الدمار الهائل الذي خلفته الإبادة الإسرائيلية. 

وتشمل المرحلة الثانية "تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة القطاع، وملف الإعمار، وتشكيل مجلس السلام، وإنشاء قوة دولية، وانسحابا إضافيا للجيش الإسرائيلي من القطاع، إضافة لنزع سلاح حماس". 

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية، مساء الخميس، عن مسؤول إسرائيلي قوله إنّ هناك تباينات داخلية بين موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، حول مسألة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، 

فيما أفادت القناة بأنّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أقرب بكثير إلى موقف نتنياهو في هذا الملف.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أنّ موقف ترامب نفسه لا يزال غير واضح، قائلاً إن نتنياهو "يحاول إقناع جمهوره بمفرده"، بينما يبقى السؤال عما إذا كان ترامب سينحاز إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية أم إلى كبار مستشاريه في ما يتعلق بملف غزة. 

وتابع المسؤول: "من يدري ما الذي سيختاره ترامب؟". والسؤال حالياً يدور حول إمكانية اختتام لقاء نتنياهو وترامب المرتقب في 29 ديسمبر/ كانون الأول الجاري ببيان عن الانتقال نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أو عدمه.

لقاء حاسم بين ترامب ونتنياهو حول غزة: المرحلة الثانية أم عودة الحرب؟

يصف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، اللقاء المرتقب بين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في فلوريدا، الاثنين المقبل، بأنه حاسم وبالغ الأهمية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصر، سواء لناحية المضي نحو المرحلة الثانية أو تكثيف العدوان.

ونقلت القناة 12 العبرية، مساء أمس الخميس، مخاوف مسؤولين في البيت الأبيض، من استئناف القتال، وسط حالة إحباط من نتنياهو وشكوك بشأن النيات الإسرائيلية، 

وتأكيدهم أنهم يرغبون في الإعلان خلال النصف الأول من يناير/كانون الثاني المقبل عن إقامة "مجلس السلام" برئاسة ترامب، وعن حكومة التكنوقراط الفلسطينية المخطط لها أن تأخذ دوراً في نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وحتى المليشيات المدعومة من إسرائيل، وعن إقامة قوة الاستقرار الدولية في القطاع. 

فيما أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الجمعة، إلى مخاوف إسرائيل من فرض الولايات المتحدة دوراً عسكرياً تركياً ضمن القوة الدولية، وسط معارضة نتنياهو والمؤسسة الأمنية الكبيرة لدخول تركيا إلى القطاع.

ولفتت الصحيفة إلى عقد نتنياهو، الليلة الماضية، جلسة للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، وذلك استعداداً للقاء ترامب. وعرض قادة الأجهزة الأمنية خلال الاجتماع سيناريوهات مختلفة تتراوح بين الانتقال إلى المرحلة الثانية في غزة وبين استئناف القتال. 

وبحسب الصحيفة، يصل نتنياهو إلى واشنطن في وقت يشعر مستشارا ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بالإحباط من سلوك إسرائيل، 

ويعتقدون أنها تضع عراقيل وصعوبات أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية، وأن يدها خفيفة على الزناد في إطلاق النار داخل مناطق "الخط الأصفر" الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال.
 
وتواصل إسرائيل اشتراط الانتقال إلى المرحلة الثانية باستعادة الجثة الأخيرة لأسير إسرائيلي في غزة، وبالتوصّل إلى تفاهمات بشأن نزع سلاح حماس وتجريد القطاع من السلاح. 

بالمقابل، يكتفي الأميركيون، وفقاً للصحيفة، بصياغات مبهمة في ما يتعلق بنزع السلاح، مضيفة: "في إسرائيل يخشون أن يفرض ترامب على نتنياهو قبول هذه الصياغات".

إلى ذلك، أفادت القناة 12، بأن ترامب يخطط لإطلاق عدة إعلانات مهمة بشأن غزة، لكن اجتماعه مع نتنياهو قد يحدد ما إذا كانت خطة السلام الخاصة به ستتقدم إلى مرحلتها التالية وكيف.

 ونقلت القناة عن مصادرها، خشية المسؤولين في البيت الأبيض، أنه إذا لم يكتسب مسار السلام في غزة زخماً حقيقياً، فقد يحدث تدهور وقد يُستأنف القتال. 

ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إنهم يرغبون في الإعلان خلال النصف الأول من يناير عن مجلس السلام، وعن حكومة التكنوقراط الفلسطينية، وعن قوة الاستقرار الدولية في القطاع. 

كما يدرس البيت الأبيض عقد "مجلس السلام" برئاسة ترامب ضمن إطار المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في الأسبوع الأخير من يناير.
 
في غضون ذلك، يعمل ويتكوف وكوشنر، مع المصريين والقطريين والأتراك لاستكمال جميع التفاهمات ووضع الأساس للمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل بدء نزع سلاح حماس وانسحاباً إضافياً لقوات الجيش الإسرائيلي. 

ومع ذلك، وبحسب مصدر مطلع على التفاصيل، لم تسمّه القناة، أعرب نتنياهو عن شكوكه تجاه أفكار كوشنر وويتكوف، خصوصاً في ما يتعلق بنزع السلاح في غزة، وذلك خلال اجتماعه الأخير مع السيناتور ليندسي غراهام في القدس المحتلة قبل عدة أيام. 

ويجعل كل ذلك، اللقاء بين ترامب ونتنياهو في فلوريدا بالغ الأهمية. وبحسب القناة بدون موافقة نتنياهو، لن يتقدّم مسار السلام في غزة، بينما يأمل الأخير من جانبه، أن يتمكّن من إقناع ترامب بتبنّي موقفه.

يأتي ذلك، فيما تراكم قدر كبير من الإحباط لدى الفريق الرفيع لترامب، بسبب سلوكيات نتنياهو وخطواته، والتي يقول مسؤولون في البيت الأبيض إنها تضر بوقف إطلاق النار الهش وتعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. 

ووجد فريق ترامب نفسه أيضاً يتجادل مع الإسرائيليين لأسابيع حول قضايا "تكتيكية" مثل فتح معبر رفح مع مصر وتوفير الخيام للفلسطينيين النازحين الباحثين عن مأوى في فصل الشتاء.

في غضون ذلك، قال مسؤول رفيع في البيت الأبيض إن "ترامب يريد أن يرى اتفاق غزة يتقدم بسرعة أكبر مما هو عليه الآن". 

وأضاف مسؤول آخر في الإدارة الأميركية لنفس القناة العبرية: "منذ فترة نشعر وكأن الإسرائيليين نادمون على اتفاق غزة"، في إشارة إلى خطة ترامب للسلام المكوّنة من 20 نقطة والتي وافق عليها نتنياهو،

 مضيفاً أن "تنفيذ الاتفاق في غزة صعب بحد ذاته، لكن أحياناً يقوم الإسرائيليون بخطوات تجعل الأمر أكثر صعوبة".
 
من بين هذه الخطوات، اغتيال قائد عسكري رفيع في حماس وهجمات للجيش الإسرائيلي استشهد فيها مدنيون فلسطينيون، بينهم أطفال. كل هذه الأمور تُعتبر في إدارة ترامب خروقاً لوقف إطلاق النار. 

وقال مسؤول ثالث في البيت الأبيض: "أحياناً نشعر بأن قادة الجيش الإسرائيلي في الميدان يتصرفون بيد خفيفة على الزناد".