أزمة جنوب اليمن: ساعات حاسمة للتهدئة أو التصعيد
الرأي الثالث
دلّت المعطيات السياسية والميدانية في اليمن اليوم الأحد على أن البلاد أمام ساعات حاسمة للأزمة في جنوبي البلاد وشرقيها الناتجة عن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظتي حضرموت والمهرة أوائل الشهر الحالي، فبعد دعوة الرياض إلى انسحاب "الانتقالي" من المحافظتين،
كانت الأنظار تتجه إلى رد المجلس، مع الحديث عن مهلة أعطيت له تنتهي غداً الاثنين للاستجابة للدعوة السعودية. لكن ميدانياً، كانت الأجواء تشي بأن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد، مع تحشيدات عسكرية متبادلة، ووقوع اشتباكات جديدة في حضرموت.
جهود لحل أزمة جنوب اليمن
وبعد حديث مصادر من الشرعية اليمنية ومن التكتل الوطني للأحزاب والمكوّنات السياسية الموالي للحكومة، عن مهلة تنتهي غداً الاثنين حُددت للمجلس الانتقالي لسحب قواته من حضرموت والمهرة،
وبعد مطالبة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، السبت، المجلس بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواته من المحافظتين، نفى المتحدث الرسمي باسم "الانتقالي"، أنور التميمي أن يكون المجلس قد تبلغ بأي مهلة زمنية سعودية،
لافتاً ، إلى أن ما وصلهم هو فقط ما ورد في القنوات الرسمية السعودية. وأضاف: "نحن نرى أن الأمور لا يمكن أن تتم بهذه الصيغة المتداولة
لأن هذا يتعارض مع ما ورد على لسان وزير الدفاع السعودي الذي أشار إلى أن هناك تحركات سعودية إماراتية لحلحلة الأمور، وليس من المنطقي أن يكون هناك جهود وساطة وفي الوقت نفسه مهلة مزمنة مطلوبة من القوات الجنوبية".
وبحسب التميمي، فإنّ من يدفع باتجاه المواجهة العسكرية، "أطراف يمنية ليست لديها قدرة على المواجهة، لذلك تستدعي السعودي إلى هذه المعركة، ونحن نحاول تجنب ذلك وترك المساحة للتحرك السعودي الإماراتي لإنهاء فتيل الأزمة".
في المقابل، تحدثت مصادر من السلطة اليمنية المعترف بها دولياً عن استدعاء رئيس المجلس الانتقالي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزبيدي، ونائب رئيس "الانتقالي" عبد الرحمن المحرمي إلى أبوظبي بشكل مستعجل،
وأن السعودية سمحت لطائرة إماراتية خاصة بالهبوط في مطار عدن.
وأكد أكثر من مصدر قيادي في المجلس الانتقالي أن قوات المجلس لم تنسحب من أي نقطة أو موقع من المناطق التي سيطرت عليها خلال الأيام الماضية، مشددين على أن القوات الموجودة شرقي البلاد لن تنسحب من محافظتي حضرموت والمهرة تحت أي ظرف.
وأشارت المصادر إلى أن المجلس بقيادة عيدروس الزبيدي، لا ينوي التراجع عن أي خطوة من الخطوات والإجراءات التي قام فيها سواء في الجانب العسكري والأمني، أو في الجانب السياسي والاقتصادي وغيره، بل هو ذاهب إلى تعزيز وجوده وتثبيته في كل مناطق الجنوب ومحافظاته الثماني، والدفاع عنه سلماً أو حرباً.
وبحسب المصادر، فإن "الانتقالي" لن يسمح بعودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وحكومته إلى أي من مناطق سيطرة "الانتقالي" وفي مقدمتها عدن لإدارة البلاد، مع تلميح المصادر إلى توجّه "الانتقالي" لاتخاذ خطوة كبيرة قد يعلنها خلال أيام قليلة.
وبرز في السياق قول رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي علي الكثيري، خلال لقائه في مدينة سيئون (في حضرموت) وجهاء وأعيان، بحسب الموقع الإلكتروني للمجلس، إن "الجنوب يقترب من لحظة حاسمة تتمثل في إعلان الدولة، وهذا الأمل أصبح شبه مكتمل".
ودعا إلى "تحصين الجبهة الداخلية من أي فوضى أو انقسامات للحفاظ على الانتصارات المحققة".
ومشيراً إلى الدعوات اليمنية والإقليمية إلى انسحاب قوات المجلس، ادعى أن "المجلس الانتقالي لم يعتد على أحد في الداخل أو الخارج، وشعب الجنوب يدافع عن أرضه التي حررها".
وأكد "الحرص على العلاقات مع الأشقاء في دول التحالف العربي وفي مقدمتها السعودية والإمارات".
وأعرب في الوقت نفسه عن رفضه "أي محاولات لكسر إرادة شعب الجنوب من قبل أطراف لم تتمكن من تحرير مناطقها، وتسعى لتصفية قضية شعب الجنوب".
على الجهة المقابلة، قالت مصادر رفيعة في قيادة السلطة الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً إن الشرعية تستعد لإطلاق مجموعة من الإجراءات والخطوات ضد "الانتقالي" منها في الجانب العسكري، بدعم من دول التحالف بقيادة السعودية،
تبدأ مع انتهاء المهلة المحددة للمجلس اليوم الاثنين، إلى جانب مجموعة من الإجراءات والخطوات الأخرى منها دعوة مجلس الأمن ولجنة العقوبات الخاصة باليمن إلى فرض عقوبات على "الانتقالي" وقياداته العسكرية والسياسية، والدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الأمن في هذا الاتجاه،
إضافة إلى اتخاذ إجراءات ضد المسؤولين والوزراء في الحكومة ومحافظي المحافظات الذين دعموا ووفروا غطاء لـ"الانتقالي" في خطوات وضع يده على مؤسسات الدولة وقراراتها.
وقالت المصادر إن السعودية وعدت قيادة الشرعية باتخاذ ما يلزم عسكرياً لاستعادة الدولة اليمنية سلطتها في حضرموت والمهرة، بعد أن بذلت الحكومة ومعها قيادة السعودية جهوداً لتجنب أي تصعيد عسكري، من خلال محاولة إقناع "الانتقالي" الانسحاب والتراجع عن خطواته الأخيرة.
تحشيد عسكري متبادل
عسكرياً، تصاعد التوتر مع التحشيد العسكري الذي تقوم به الحكومة الشرعية ومعها التحالف العربي بقيادة السعودية، من خلال الدفع بقوات عسكرية كبيرة إلى محافظات شرق اليمن،
مقابل تحشيدات عسكرية للمجلس الانتقالي، في محافظات حضرموت والمهرة وشبوة ومأرب.
وفيما نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول عسكري يمني لم تسمه قوله أمس السبت إنّ 15 ألف عنصر من القوات المدعومة سعودياً يحتشدون قرب حدود المملكة على تخوم حضرموت والمهرة،
قالت مصادر ميدانية أن "الانتقالي" دفع بقوات عسكرية سحبها من الساحل الغربي ومن عدن وأبين، إلى شبوة وحضرموت لدعم قواته المنتشرة في المحافظتين، استعداداً لمعركة ممكنة مع قوات الحكومة المدعومة بقوات من التحالف.
كما تجددت الاشتباكات المسلحة في حضرموت اليوم الأحد بين قوات المجلس الانتقالي من جهة، وقوات حلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت وما بات يعرف بالمقاومة الشعبية الحضرمية من جهة أخرى،
بعد دفع حشود عسكرية وقبلية الى مناطق المواجهات في غيل بن يمين والشحر شرق حضرموت.
وقال مصدران في السلطة المحلية في حضرموت وآخر في حلف قبائل حضرموت لـ"العربي الجديد" إن اشتباكات وقعت في مديرية غيل بن يمين معقل رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش
وبحسب المصادر فإن "الاشتباكات جاءت بعد محاولة قوات "الانتقالي" التوغل في المنطقة فتصدت لها قوات الحلف".
وأكد شهود عيان أن قوات تابعة لـ"الانتقالي" شنت قصفاً على أحياء في غيل بن يمين التي تواصل حصارها منذ يومين، بالتزامن مع وصول تعزيزات كبيرة لقوات المجلس إلى غيل بن يمين والشحر،
في موازاة تعزيز حلف قبائل حضرموت قواته المتمركزة في بعض الهضاب والجبال في هذه المناطق.
وكان "الانتقالي" قد أعلن مقتل خمسة من جنوده في هجوم بحضرموت.
وقال نائب رئيس المجلس فرج البحسني في بيان:"ببالغ الحزن والأسى، ننعى ثلّة من جنود قوات النخبة الحضرمية الذين ارتقوا شهداء في كمينٍ غادر نفذته قوى متمردة في منطقة عيص خرد قرب مدينة الشحر في حضرموت".
كما ذكرت مصادر محلية في حضرموت ، أن قوات "الانتقالي" اقتحمت منازل مواطنين وارتكبت انتهاكات في بادية الشحر والديس الشرقية خرد وحلفون، وكذا في غيل بن يمين ووادي نحب بوادي حضرموت.
كذلك، نظم "الانتقالي" تظاهرة شارك فيها الآلاف من أنصاره في سيئون بحضرموت اليوم الأحد، انتهت بإصدار بيان يعتبر أن "استعادة وبناء دولة الجنوب العربي بحدودها التاريخية بات خياراً وطنياً جامعاً لا يقبل التفاوض".
فارس الجلال
صدام الكمالي