Logo

ميدان حضرموت يواصل التحشيد العسكري وخشية من شبح الحرب

الرأي الثالث - متابعات

 لا يزال التوتر في حضرموت اليمنية قائماً في ظل التصعيد المستمر الذي تتخذه فصائل تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وسط مواقف رافضة من الحكومة الشرعية وقوات التحالف التي دعت للتهدئة والانسحاب.

وقوبل نداء السعودية حين دعت عبر وزير دفاعها الأمير خالد بن سلمان "بضبط النفس وتغليب مصلحة الشعب اليمني"، بتأييد محلي وإقليمي.

ودعت الرياض لوقف التصعيد والانسحاب من المناطق التي سيطر عليها "الانتقالي" بقوة السلاح في محافظتي حضرموت والمهرة.

وعلى رغم من ذلك فإن الكيان الجنوبي يواصل حشد التعزيزات العسكرية، في ظل مخاوف مجتمعية ودولية من اشتعال الحرب في هذه المنطقة التي ظلت بمنأى عن الصراع الدامي منذ عقود طويلة.

وفي ضوء استمرار "الانتقالي" الإبقاء على قواته على رغم من المقترحات اليمنية والسعودية بإحلال "قوات درع الوطن" المنشأة أخيراً والموالية للسلطات الشرعية، دعا وزير الدفاع السعودي، المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، إلى الاستجابة لجهود الوساطة السعودية الإماراتية، لإنهاء التصعيد وسحب القوات من المعسكرات في حضرموت والمهرة، في جنوب اليمن.

ودعا "الانتقالي" إلى "تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة، ووحدة الصف بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية- الإماراتية لإنهاء التصعيد وخروج قواتهم من المعسكرات في المحافظتين وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن والسلطة المحلية".

وإزاء ذلك يرى المجلس أن عملية توسعه في حضرموت والمهرة جاءت لمصلحة أبناء هاتين المحافظتين لقطع خطوط تهريب السلاح التي تصل إلى ميليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية وعمليات الاستيلاء التي تتم على النفط والثروات لمصلحة قوى نافذة في الحكومة الشرعية.

لن نفقد شيئاً

وتعليقاً على التطورات الجارية وصف عضو الهيئة الوطنية بالمجلس الانتقالي محمد أحمد مبارك التطورات الجارية بأنها تمثل "خطراً كبيراً على تحالف دعم الشرعية" لأن ذلك يعني "دخول المنطقة في حرب متعددة الأطراف ستتحرك في ضوئها الجماعات الإرهابية التي تتحين الفرص لتنتقم مما لحق بها إضافة لجماعة الحوثي وعصابات التهريب".

وحذر مبارك خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" من "التصعيد والدفع نحو الاقتتال في حضرموت الذي سيشكل خطراً على أبناء الشمال النازحين الساكنين في الجنوب الذين سيكونون عرضة للخطر من كل جانب إذ لم يعد لهم مأوى إلا الجنوب وهم ليسوا بالعدد القليل بل يفوقون 6 ملايين مواطن".

ويتزامن ذلك مع تحشيد جماهيري واسع نظمه المجلس الجنوبي في ساحة العروض بمدينة عدن، ضمن مساعيه التصعيدية، سياسية وعسكرية، في خطوة غير مسبوقة.

وأمام الخشية من انزلاق هذه الأزمة نحو العنف قال، إن "الجنوب لن يفقد شيئاً وهو يخوض حرباً متعددة ومتنوعة منذ عام 1994 (اجتياح القوات الشمالية للجنوب بمزاعم الدفاع عن الوحدة) ولديه اليوم عزيمة وإرادة أكبر من ذي قبل". وفق وصفه. وأضاف "إشعال النار أمر سهل لكن التحكم في تمددها وإطفائها ليس بالأمر السهل".

والمجلس الانتقالي هو كيان سياسي يمني يتبنى مشروع "استعادة الدولة" الجنوبية. تشكلت هيئته الرئاسية في الـ11 من مايو (أيار) 2017 إثر خلافات حادة بين قادته والرئيس  السابق عبدربه منصور هادي، تضم هيئته عدداً من الشخصيات تمثل جغرافياً ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية قبل الوحدة،

 ويرأسه عيدروس الزبيدي الذي عين لاحقاً عضواً في مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الائتلاف المناهض للحوثيين ويمثل أعلى هيئة سياسية للحكومة الشرعية.

حوار يقابل بالتحشيد

وفي ظل هذه التطورات، يحذر مراقبون من تفاقم حدة الانقسام داخل كيان الحكومة الشرعية فضلاً عن تهديده شكل الدولة بالتشظي والانقسام القائم على التوسع والنفوذ.
  
ويضع التوافق الذي أعقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل (نيسان) 2022 برئاسة رشاد العليمي أمام اختبار صعب، لا سيما أن المجلس يضم أكثر من ممثل عن "الانتقالي" 

 بينهم رئيسه عيدروس الزبيدي، وسط مخاوف من أن تقود هذه التطورات إلى تعميق الأزمة المستمرة منذ انقلاب الحوثيين عام 2014.

تعزيزات عسكرية

من جانبه قال رئيس الإعلام في حلف قبائل حضرموت المناوئ للمجلس الانتقالي صبري بن مخاشن، إن قوات "الانتقالي" لا تزال تعزز حضورها في حضرموت بإرسال مزيد من التعزيزات العسكرية استقدمتها من معسكراتها في عدن وشبوة نحو مناطق الوادي والصحراء بحضرموت وهو تصعيد يكشف عن نية لإشعال الحرب التي لا تحمد عقباها.

وفقاً لبن مخاشن يحاصر "الانتقالي" في الأثناء مناطق "خرد وحلفون وبادية الشحر وقبائل الحموم وقبائل تعين إضافة لمحاصرة منازل الرافضين له في وادي نحب وغيل بن يمين مع حملة اعتقالات لم تستثن حتى كبار السن".

وفي رد فعل السكان، قوبلت إجراءاته القمعية برفض شعبي واسع، وذلك عبر تظاهرات مناوئة خرجت في المكلا وسيئون وغيرها من المناطق المؤيدة للشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية".

ومع الجهود الدبلوماسية الداعية لتغليب لغة الحوار والتوصل إلى حلول سلمية لهذه الأزمة، كشف بن مخاشن أنه سبق وجرت عديد من اللقاءات والمشاورات خلال الأعوام الماضية بين حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع الذي يتزعمه الشيخ عمرو بن حبريش ويتبنى خيار إقامة حكم ذاتي للمحافظة، 

والمجلس الانتقالي بتوصية من الأمم المتحدة والتحالف العربي الداعم للشرعية بعدما أوصوه بذلك و"خضنا حوارات في الرياض والقاهرة بغية التوصل إلى صيغة حلول مشتركة مع أبناء حضرموت واقترحنا سلسلة حلول تتعلق بمصالح الناس إلا أن ’الانتقالي’ لا يرى إلا نفسه في الجنوب".

مع الشرعية والرياض

وباسم حلف قبائل حضرموت أعلن بن مخاشن ترحيبهم بقرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الذي تضمن طلباً إلى قوات تحالف دعم الشرعية، "لاتخاذ التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين الأبرياء في محافظة حضرموت ومساندة القوات المسلحة في فرض التهدئة ودعم جهود الوساطة التي تقودها السعودية".

ووصف بن مخاشن قرار الحكومة الشرعية بـ"الوطني المسؤول"، مؤكداً "دعمهم الكامل لتوجهات القيادة الشرعية الهادفة إلى حماية أبناء حضرموت وصون أمن المحافظة واستقرارها ورفض أي محاولات لفرض واقع بالقوة أو زعزعة السلم المجتمعي، أو جر حضرموت إلى صراعات أو فوضى".

وحث وزير الدفاع السعودي بحسب ما ورد في بيان نشره على منصة "إكس"، على "عدم إعطاء فرصة للمتربصين لتحقيق أهدافهم في اليمن والمنطقة" 

 مشدداً على أن "القضية الجنوبية ينبغي أن تُحل من خلال التوافق والوفاء بالالتزامات وبناء الثقة بين أبناء اليمن جميعاً لا من خلال المغامرة".

وقال، إن "عديداً من المكونات والقيادات الجنوبية أدركت التحديات الكبرى التي تواجه اليمن في الوقت الراهن".

وأضاف، أن "الأحداث المؤسفة منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) 2025 في محافظتي حضرموت والمهرة أدت إلى شق الصف في مواجهة العدو"، مؤكداً أن "المملكة تؤكد أن القضية الجنوبية ستظل حاضرة في أي حل سياسي شامل ولن تنسى أو تهمش".

توفيق الشنواح 
صحافي يمني