6 عقود على ثورة سبتمبر المجيدة: احتفاء شعبي واسع

يحتفي اليمنيون، اليوم الإثنين، بالذكرى الستين لثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، التي اندلعت ضد نظام حكم الإمامة، في ظل تحديات وجودية تهدد الثورة ، وهو ما جعل الاحتفاء الشعبي أكثر حضوراً هذا العام، تمسكاً بالجمهورية التي يرى اليمنيون أنها راسخة في وجدانهم.

وبدت العاصمة صنعاء عشية ذكرى الثورة بلا أي ملامح احتفال، حيث طغى اللون الأخضر على الشوارع والأحياء والمؤسسات الحكومية والخاصة، ضمن احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي، عدا احتفال باهت أقامته حركة الحوثي في ميدان التحرير وسط العاصمة بحضور عدد من المسؤولين.

وجرت العادة الرسمية خلال سنوات ما قبل الحرب أن تتلون صنعاء ومراكز المحافظات اليمنية بالعلم الوطني، وتفرض السلطات الاحتفاء بالمناسبة في كافة المؤسسات الحكومية، حيث يعد أهم الأعياد الوطنية في اليمن لأنه ارتبط بالثورة التي على أثرها تأسست الجمهورية.

 واندلعت الثورة اليمنية في 1962 في المحافظات الشمالية ضد نظام الإمامة، الذي اتسم بالاستبداد والقمع والتخلف ويطلق عليه اليمنيين "الكهنوت"، واستطاعت الثورة فتح آفاق الحرية والمواطنة، وأعلنت الجمهورية، وساعدت حينها في طرد المستعمر البريطاني من جنوب اليمن، وصولاً إلى تحقيق الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب.

 وقال رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي: "لم تكن ثورة 26 سبتمبر موجهة فقط ضد نظام الحكم المتخلف، بل كانت من أجل الحياة والكرامة، والتفاعل الايجابي مع متغيرات العصر، بناء على تاريخنا العريق".

وأضاف في كلمة عشية ذكرى الثورة: "الإماميون الجدد يريدون إعادة كتابته على أوجاع شعبنا، وتجريف هويتنا، حيث الإمام هو الدولة، وظل الله على الأرض، والقرآن الناطق كما يدعون"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" الرسمية.

ومنذ بداية الحرب وسيطرة حركة الحوثي على العاصمة صنعاء، تراجع الاحتفاء الرسمي بذكرى الثورة اليمنية، باعتبار أن الرمزية السياسية لها هي صنعاء التي اندلعت فيها الثورة ومنها أعلن إسقاط الإمامة، لكن جرت احتفالات رسمية، أمس، في محافظتي مأرب وتعز اللتين تسيطر عليهما الحكومة اليمنية الشرعية.

لكن اللافت هو الاحتفاء الشعبي الواسع الذي صاحب الذكرى، حيث تداول ناشطون على وسائل التواصل فيديوهات لاحتفالات مواطنين في بعض أحياء المدن والأرياف اليمنية بشكل تلقائي وغير منظم، ما أعطى زخماً شعبياً أوسع في ظل التهديدات الكبيرة التي تحدق بما حققته الجمهورية لليمنيين.

وتركزت احتفالات المواطنين في مناطق سيطرة حركة الحوثي حيث احتشد العشرات في عدد من مديريات محافظة إب (وسط اليمن)، وقال سكان محليون، إن "مواطنين في الأرياف أوقدوا شعلة الثورة في قمم الجبال وعلى أسطح المنازل وأطلقوا الألعاب النارية".

وفي العاصمة صنعاء، أطلق مواطنون الألعاب النارية في عدد من الأحياء. همدان اليحيري (24 عاماً) - طالب جامعي في صنعاء - احتفل بذكرى الثورة مع أصدقائه وقال: "وضعنا السيئ في البلاد جراء الحرب وبالتحديد عودة النظام الإمامي بشكل جديد يجعلنا نقاوم بالاحتفال حتى لا تموت تضحيات الثوار ضد التخلف والاستبداد".

وأضاف: "إن أهداف ثورة 26 سبتمبر لم تحقق إلى الآن، وهذا يجعل الناس يهتمون بذكراها لتحقيق الأهداف، وأولها التحرر من الاستبداد وإقامة حكم جمهوري وإزالة الامتيازات بين الطبقات، ونحن نعيش الآن مرحلة من الاستبداد والطبقية".

 طمس هوية الجمهورية

 في صنعاء ومناطق سيطرة حركة الحوثي، يجرى استهداف الهوية الجمهورية بأشكال متعددة، وحالياً وبالتزامن مع ذكرى ثورة 26 سبتمبر، يطغى اللون الأخضر على صنعاء، سواء بالأضواء أو الأقمشة او حتى الطلاء، احتفالاً بالمولد النبوي الذي سيكون بعد نحو أسبوعين، ولا توجد أي ملامح للجمهورية.

 وخلال السنوات الماضية، عمد الحوثيون على استهداف الرموز الجمهورية بتغيير أسماء المدارس التي تحمل أسماء الثوار، بالإضافة إلى دفن القيادي في حركة الحوثي صالح الصماد في ميدان السبعين وتشييد مزار له بالقرب من مجسم للجندي المجهول الذي يخلد تضحيات شهداء الثورة، وارتباط اسم الميدان بحصار السبعين يوماً في صنعاء من قبل الإماميين، ولهذه الرموز ارتباط وجداني بالثورة لدى اليمنيين.

 واحتفل الحوثيون بشكل باهت بذكرى ثورة 26 سبتمبر، واستغل رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط كلمته بمناسبة الثورة للهجوم عليها، وقال: "إنهم مارسوا الغش والزيف لعقود طوال"، ودعا من أسماهم ثوار 21 سبتمبر أن يتصدوا للأكاذيب والتضليل. وخلال كلمته، لم يذكر النظام الإمامي الذي قامت الثورة ضده.

ويعتقد أغلب اليمنيون أن "الاحتفال بثورة 26 سبتمبر هو مقاومة لإبقاء الجمهورية في صنعاء واليمن كله في ذاكرة الأجيال التي تتعرض لعملية توعية جديدة من سلطات الحوثيين، والحرب التي صنعت الفوضى ودعوات التقسيم للبلاد".

كما أن تمسك الناس بأهداف الثورة اليمنية واحتفائهم بذكراها هما رفض للواقع الجديد المفروض عليهم، والذي أصبح شبيهاً بما كانت عليها اليمن في زمن الإمامة وما سمعناه من آبائنا وأجدادنا من قصص القمع والجوع والجهل".

 قصة ثورة 26 سبتمبر الخالدة..

قامت الحرب بين الموالين للجمهورية العربية اليمنية وبين موالي المملكة المتوكلية وسيطرت فصائل الجمهورية فيها على الحكم.

وانتهت المملكة في نهاية المطاف وقامت على إثر ذلك الجمهورية اليمنية، فيما هرب إمام المملكة إلى السعودية.

وتلقى إمام المملكة المتوكلية الدعم من السعودية والأردن وبريطانيا، فيما دعمت مصر في عهد جمال عبد الناصر الجمهوريين.

لكن الصراع انتهى بانتصار الجمهوريين وفك الحصار الملكي على صنعاء سنة 1968، وسبقها انسحاب بريطاني من جنوبي اليمن.

وبالمقابل قامت ما تسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لتبدأ ملامح تقسيم الدولة العربية بين شمالها وجنوبها.

ومع حلول الذكرى الستين للثورة تفاعل رواد مواقع التواصل بشكل لافت مع ثورة 26 سبتمبر بين منتقد لها ومادح بها.

ومن التغريدات التي رصدت منشور أنور محجان الذي سخر من الذكرى قائلاً إن الاحتفال بها يجري في المراقص.

وأضاف: للسنة الثامنة وهم يحتفلون بذكرى 26 سبتمبر بالفنادق والمراقص رجع الحوثي يستحي وعمل حفل بميدان التحرير.

لكن البرلماني أحمد سيف حاشد رأى أن ما حصل من إحياء لذكرى الثورة بمثابة استفتاء شعبي يؤكد أنها ثورة شعب ذات أهداف عظيمة.

وهاجم مختار الرحبي  المجلس الانتقالي قائلاً إنهم يمنعون الاحتفال بيوم 26 سبتمبر في اليمن.

ونقل الرحبي حديث وزير دفاع جنوب اليمن سابقاً علي عنتر بأن الفضل في ثورة 14 أكتوبر لثورة 26 سبتمبر في صنعاء.