Logo

كيف لحكومة غير قادرة على دفع الرواتب أن تعين 17 ألف موظف جديد؟!

الرأي الثالث - متابعات

بلادنا أقل شيء يمكن وصفها به أنها بلاد العجائب، حقيقة لا يمكن إنكارها، ففي الوقت الذي تعاني من نكبات وآثار ومآسي الحرب نجد حكومتنا الموقرة تتشدق هنا وهناك بكبرياء الدولة الذي فقدته، وعنفوان الشباب الذي حرمت منه، وآخرها ما جاء في وثيقة رسمية حكومية تفيد باعتزام الحكومة تعيين 17 ألف موظف جديد في القطاع الحكومي، حالة من الاستغراب والاستعجاب في صفوف المواطنين.

أثار نشر هذه الوثيقة حفيظة الكثير من أبناء الشعب، حيث قال مواطنون ان نشر مثل هذا التوجه الحكومي يثير استغرابا شديدا خصوصا وان الحكومة ظلت لسنوات تقول انها غير قادرة على رفع رواتب المعلمين او صرف العلاوات للمستحقين الى جانب ان رواتب الأمنيين والعسكريين تصرف مرة كل أربعة اشهر.

ما النوايا من هذا القرار؟

أشار كثير من المتابعين إلى أن هذا التوجه الغريب قد يخفي نوايا سيئة لتدمير ما تبقى من قدرة الدولة على صرف المرتبات المنتظمة لبعض القطاعات الحكومية.

وأوضحوا بالقول "ألم يكن الأولى تحسين رواتب المعلمين وصرف العلاوات والوفاء بالالتزامات الحالية للحكومة قبل الذهاب صوب تعيين 17 ألف موظف".

وتساءلوا كيف يمكن لحكومة تدعي انها لا تستطيع حاليا صرف المرتبات لقطاع واسع من الناس ان تقوم بصرف رواتب 17 الف موظف إضافي.

وبحسب وثيقة حكومية فإن سير إجراءات تمضي صوب توظيف 17 ألف من المقيدين لدى الخدمة المدنية.

وبحسب الوثيقة المنشورة فان الاعتماد لـ17 ألف وظيفة سيتم خلال العام 2023.

رواتب مقطوعة وعلاوات ضائعة!

يعاني آلاف الضباط وبتسلسل الرتب العسكرية والأمنية من ضياع حقوقهم المالية والرسمية منذ العام المنصرم وهي رواتب مالية لفترة عشرة اشهر، ولكن ماذا حصل؟ تفاجؤوا بوثيقة رسمية لدراسة إعداد وظائف جديدة لتعيين 17 الف موظف جديد في القطاع الحكومي؟! ألم يكن الأولى صرف المستحقات المالية والرسمية لآلاف الضباط العسكريين والأمنيين؟! ألم يكن للحكومة أن تلتزم بمستحقات المطحونين قبل أن تقرر دون تفكير في استيعاب موظفين جدد يتكدسون فوق من سبقهم في ظل أوضاع مأساوية؟.

يبدو أننا نعيش في دولة اللا دولة، دولة لا تعرف ما عليها من التزامات، دولة لم تف بالالتزامات الملقاة على عاتقها تأتي وتعد الناس بالمدينة الفاضلة وعالم الأحلام!.

في المقابل لاحظ كثيرون أن العملية التعليمية بدأت بالدوران رغم بطئها، والمعلمون المغلوب على أمرهم عادوا إلى السلك التعليمي على مضض في ظل الوعود العرقوبية والتعهدات الرنانة التي كان آخرها صرف العلاوة الشهرية يدا بيد كل شهر، وها نحن مقبلون على منتصف شهر أكتوبر والمعلمون لم يتسلموا علاوة شهر سبتمبر! ألم يكن الأجدر بهذه الحكومة الموقرة أن تعزز ثقة المواطنين بها من خلال صرف المستحقات المالية للمعلمين ولجميع موظفي الدولة؟!.

هل هو نكاية بالحوثيين؟

من أهم أسباب تعثر الهدنة بين الحكومة والحوثيين هي مسألة صرف الرواتب، حيث كان دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية المدنيين في مناطق سيطرة الحوثيين أحد أهم الملفات التي حملتها وعملت على حلها الحكومة اليمنية منذ سنوات، وأكدت مصادر أنه وحرصاً منها على الحفاظ على كادر الدولة، وانتظام أعمال المرافق الحيوية، قامت الحكومة في العام 2019 بدفع رواتب ما يزيد على 120 ألف موظف ومتقاعد مدني في مناطق سيطرة حركة الحوثي، بما في ذلك رواتب المتقاعدين ورواتب موظفي القطاع المدني في الحديدة، ورواتب القطاع الصحي، و50 في المائة من رواتب كوادر وموظفي التعليم العالي والجامعات.

 كما أن الحكومة قادت نقاشاً مع الأمم المتحدة لتخصيص جزء من المساعدات الإنسانية لتغطية رواتب الموظفين المدنيين، وأنه نتيجة للانقسام النقدي الذي فرضته ميليشيا الحوثي تعطل صرف رواتب الموظفين بداية العام 2020، بينما تفرض حركة الحوثي جبايات مضاعفة على القطاعات التجارية والأوعية الإيرادية في مناطقها، وتتنصل من أي مسؤولية تجاه المواطنين في الرواتب والخدمات الأساسية، كما أنها قامت بنهب مبالغ كبيرة تجاوزت 60 مليار ريال تمثل إيرادات الحديدة وفقاً للاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة في 2019، وخصصتها لتمويل حملاتها الحربية ضد مأرب خلال الفترة الماضية، بدلاً من صرفها فيما تم الاتفاق عليه، وهو دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية.

وقالت المصادر إن دفع رواتب موظفي القطاع العام أولوية إنسانية تحرص عليه الحكومة، في إطار معالجة شاملة للإيرادات العامة، بما في ذلك إيرادات ميناء الحديدة والإيرادات الضريبية في مناطق سيطرة المليشيات، وبدعم دولي يساهم في تغطية الفجوة، ولا يقبل الأمر مزايدات وفرض إرادات.

فهل كانت هذه الوثيقة هي رسالة مشفرة مبطنة للحوثيين تدل على قدرة الحكومة على توظيف المزيد والمزيد من طالبي الوظائف الحكومية فضلا عن قدرتها على صرف رواتب الموظفين القابعين تحت سيطرة مليشيا الحوثي في المحافظات غير المحررة؟!.

على البركة

إن تسريب مثل هذه الوثيقة لا يدل إلا على أن حكومتنا الموقرة تسير على البركة دون خطط ودون دراية بمتطلبات العمل، كيف تفتح باب التوظيف دون أن توفر لهم متطلبات التوظيف الحقيقية من بنى تحتية، فالكهرباء متهالكة، والطرقات مشققة والمؤسسات الحكومية أغلبها قديمة، وقبل ذا وذاك كيف ستصرف لهم ومن أين؟ فمازالت إلى الآن حكومتنا الموقرة تستجدي الدول المانحة التسريع بتسليم الوديعة التي أُعلن عنها قبل ستة أشهر؟!.

فإذا كانت الحكومة تضع يدها على خدها منتظرة بتلهف وصول الوديعة لحلحلة الكثير من الملفات المستعصية والمعقدة كيف لها أن تخطو تلك الخطوة الجريئة حيث أعلنت إجراءات تمضي صوب توظيف 17 الفا من المقيدين لدى الخدمة المدنية؟!. ففاقد الشيء لا يعطيه!.

تقرير: ماجد الكحلي - عدن الغد