تأجيل التوقيت الصيفي يقسم اللبنانيين ويضيف إلى أزماتهم العديدة

الرأي الثالث - وكالات

قررت الحكومة اللبنانية ألا تعتمد التوقيت الصيفي إلى حين انتهاء شهر رمضان، في خطوة لاقت موجة اعتراضات من البطريركية المارونية وأحزاب مسيحية، وسط تفاعل واسع بين اللبنانيين مع القرار على منصات التواصل الاجتماعي بين القبول والرفض والنقد.

وأمام ذلك، سيضطر اللبنانيون للتعامل مع توقيتين بدءا من ليل السبت - الأحد، الأول توقيت الحكومة الرسمي، والآخر هو توقيت رافضي القرار وأبرزهم الفضائيات والكنائس وعدد من النواب.

ويلتزم لبنان سنويا بالتوقيت الصيفي العالمي الذي يبدأ هذا العام الأحد 26 مارس/آذار، لكنّ مجلس الوزراء قرر تمديد العمل بالتوقيت الشتوي استثنائيا حتى 21 أبريل/نيسان المقبل.

وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، القرار بعد اجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أصر مرارا على تمديد العمل بالتوقيت الشتوي، وفقا لمقطع فيديو للاجتماع نشره موقع "ميجافون" اللبناني على الإنترنت.

وقال بري، وفقا للمقطع المصور: "بدل ما يكون الساعة 7 يضل الساعة 6 من هلق لآخر رمضان".

وعلى الرغم من عدم ذكر سبب للقرار، اعتبره البعض محاولة لخطب ود المسلمين بإتاحة الفرصة للصائمين في رمضان للإفطار مبكرا وفقا للتوقيت الشتوي عند حوالي الساعة السادسة مساء بدلا من السابعة حال تطبيق العمل بالتوقيت الصيفي في موعده المعتاد.

لكن الكنيسة المارونية ذات النفوذ في لبنان، أعلنت السبت أنها ستخالف القرار الذي وصفته بأنه "مفاجئ"، وقالت إنه لم تجر أي مشاورات مع الجهات المعنية الأخرى، ولم تؤخذ المعايير الدولية في الاعتبار.

وقالت إنها ستقدم التوقيت ساعة مساء السبت، وأعلنت مؤسسات وأحزاب ومدارس مسيحية خططا مماثلة.

من جانبه، دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى التراجع عن القرار، واعتبره سيعرقل كثيرا من الأعمال، ولا سيما على مستوى حركة الطيران والشركات العالمية.

كما قال النائب عن كتلة حزب الكتائب في البرلمان سليم الصايغ، إنه لا يمكن لرئيس مجلس النواب مصادرة صلاحيات رئاسة الجمهورية أو الحكومة مجتمعة، وأخذ قرار من هذا القبيل.

كذلك أعرب رئيس حزب "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، عن رفضه القرار، معتبرا في تغريدة، أنه "لا يجوز السكوت عنه ويجب التفكير بالطعن فيه أو بعصيانه".

في الوقت نفسه، بدا أن المؤسسات والأحزاب الإسلامية ستسمر في العمل وفقا للتوقيت الشتوي، مما يعمق الانقسامات في بلد عاش حربا أهلية من عام 1975 إلى 1990 بين فصائل مسيحية وإسلامية، ويقسم مقاعد البرلمان على أسس طائفية.

وأعلنت شركات ومؤسسات إعلامية أنها ستبدأ أيضا العمل بالتوقيت الصيفي مساء السبت، مع تزايد الدعوات إلى العصيان.

ومن بين هذه المؤسسات الإعلامية تلفزيوني "إل بي سي آي"، و"إم تي في"، وهما من أبرز القنوات الإخبارية في لبنان.

وقال تلفزيون "إل بي سي آي"، في بيان، إنه لن يمتثل لقرار ميقاتي لأنه يؤثر على أعماله، مضيفا أن "لبنان ليس جزيرة معزولة".

بيد أن مصرف لبنان المركزي، سيتعامل بالتوقيت الدولي كما هو؛ لكون ذلك سيؤثر على تعاملاته، لكن الحضور والانصراف للموظفين سيكون بتوقيت الحكومة، حسب وسائل إعلام محلية.

فيما قالت شركة الخطوط الجوية اللبنانية (طيران الشرق الأوسط) إن ساعاتها وأجهزتها الأخرى ستبقى على التوقيت الشتوي تماشيا مع قرار ميقاتي، لكنها ستعدل أوقات رحلاتها لتتماشى مع التوقيتات الدولية.

وأرسلت شركة الاتصالات التي تديرها الدولة، رسائل إلى العملاء تنصحهم بضبط الوقت على هواتفهم يدويا يوم الأحد، في حالة تقدم الساعة على هواتفهم تلقائيا.

وانعكس الجدل أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، فرحب ناشطون لبنانيون بالقرار في شهر رمضان.

بينما اعترض آخرون على القرار.

فيما اعتبر آخرون أن الأزمة في البلاد أكبر بكثير من مسألة "توقيت الساعة"، منديين بالطائفة التي تتفاقم في البلاد.

يأتي ذلك فيما يشهد لبنان أزمة سياسية حادة، حيث فشل البرلمان في 11 جولة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، بانتخاب رئيس للبلاد خلفًا لميشال عون، الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

ويعدّ التوافق على شخصية الرئيس مفتاحًا لانتخابه، لكن الأمر يرتبط بتوافقات إقليمية ودولية، بحسب مراقبين.

وتتوزع الرئاسات الثلاث في لبنان بواقع: رئاسة الجمهورية للمسيحيين المارونيين، ورئاسة البرلمان للمسلمين الشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للمسلمين السنة.

كما يمر لبنان منذ عام 2019 بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، وجعلت 80% من مواطنيه تحت خط الفقر، فضلا عن تراجع كبير بخدمات المؤسسات الحكومية، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة في اليوم.

وألغت دول عدة حول العالم العمل بالتوقيت الشتوي وأصبح التوقيت المعتمد لديها طيلة السنة هو الصيفي، ومن بين هذه الدول روسيا وبيلاروس وأوكرانيا وتركيا.

هذا ولا تغير دول الخليج والعديد من الدول العربية توقيتها طيلة السنة، ففي السعودية والكويت وقطر والبحرين يبقى التوقيت على أساس توقيت جرينتش (+3 ساعات)، والوضع عينه بالنسبة لليمن والسودان.

أما في الإمارات وسلطنة عمان يبقى على أساس توقيت جرينتش (+4 ساعات).