Logo

حملات حوثية في صنعاء لملاحقة مالكي أجهزة الإنترنت الفضائي

الرأي الثالث 

شنت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء حملة لملاحقة مالكي أجهزة «ستارلينك» للإنترنت الفضائي، ضمن مخاوف الجماعة من الاختراق الأمني وفقدان موارد قطاع الاتصالات الذي تستغله لتمويل المجهود الحربي ودعم برامج التطييف وأعمال التجسس على السكان.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء ، بأن عناصر تتبع أجهزة المخابرات التي تديرها الجماعة (الأمن الوقائي، والأمن والمخابرات)، نفذت حملة دهم للمنازل ومحلات الإنترنت في أحياء وشوارع في مديريات السبعين وصنعاء القديمة ومعين وآزال والتحرير، بحثاً عما تسميه «أجهزة إنترنت محظورة».

وأسفرت الحملة، وفق المصادر، منذ انطلاقها عن اعتقال نحو 54 شخصاً من مُلاك الشبكات والسكان، ومصادرة العشرات من الأجهزة، بذريعة امتلاك الإنترنت الفضائي «ستارلينك».

وأشارت المصادر إلى أن الجماعة الحوثية استبقت هذه الحملة بإطلاق أوسع حملة تحريض ضد خدمة الإنترنت الفضائي، وأرغمت الكادر التعليمي وطلبة كلية الحاسوب في جامعة صنعاء على تنظيم ندوة فكرية، بعنوان: «خطر شركة الاتصالات والإنترنت – ستارلينك».
 
ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى السكان في صنعاء ومدن أخرى تحت قبضة الجماعة، من استمرار تردي خدمة الإنترنت والاتصالات بصورة غير مسبوقة، لافتين إلى تصاعد ذلك البطء أكثر خلال الفترة الأخيرة.

وتشهد المناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية حالياً انتشاراً ملحوظاً لأجهزة «ستارلينك»، حيث يلجأ كثير من السكان لاستخدام خدمة الإنترنت الفضائي، هرباً من أعمال المراقبة والتجسس الحوثية المفروضة على مستخدمي الخدمة.

مخاوف أمنية واقتصادية

ويرى مختصون في قطاع الاتصالات في صنعاء أن الدوافع الحقيقية وراء استمرار الحملة الحوثية ضد مُلاك محال وشبكات الإنترنت في صنعاء، تتمثل في خشية الجماعة من الاختراق الأمني، إلى جانب خشيتها من خسارة الأموال التي تجنيها من قطاع الاتصالات الخاضع لها، 

خصوصاً بعد عزوف كثير من السكان عن استخدام الإنترنت عبر الشبكات المحلية مرتفعة التكلفة وانتقالهم للخدمة الجديدة الأعلى جودة.

وتحدث «رمزي»، وهو مالك محل إنترنت في صنعاء القديمة، عن تعرض محله التجاري للدهم وتخييره بين الاعتقال والغرامة التأديبية بنحو 100 ألف ريال يمني (تعادل 200 دولار)، بعد أن اتهمته عناصر الجماعة بالاشتراك في أعمال التجسس عبر قيامه بالترويج لأجهزة «ستارلينك».
 
وطالب «رمزي» المنظمات الحقوقية بالضغط على الجماعة لرفع التعسف عن ملاك شبكات الإنترنت ووضع حد للحرب الحوثية المفروضة عليهم التي تستهدف مصادر عيشهم.

يشار إلى أن الحكومة اليمنية الشرعية كانت أصدرت ترخيصاً في مناطق سيطرتها يسمح باستخدام خدمة الإنترنت الفضائي من «ستارلينك»، من أجل حصول السكان على خدمات أكثر جودة، في حين رأت الجماعة الحوثية في هذه الخدمة خطراً أمنياً واقتصادياً.

تهديدات سابقة

سبق للجماعة الحوثية أن دعت في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، السكان القاطنين بمناطق سيطرتها في صنعاء ومدن أخرى إلى تسليم جميع طرفيات ومعدات خدمة ستارلينك في موعد حددته بالأول من مايو (أيار) الماضي.

وأعلنت الجماعة، عبر بيان صادر عما تسمى وزارة الاتصالات بالحكومة غير الشرعية، عن اتخاذ ما سمتها التدابير اللازمة لمنع وصول هذه الخدمة للسكان في مناطق سيطرتها، كما توعدت بإطلاق حملة استهداف تشمل مصادرة الأجهزة والاعتقال وفرض إجراءات عقابية وغرامات ضد المخالفين.
 
ويتحكم الحوثيون منذ سبتمبر (أيلول) 2014، بخدمة الإنترنت التي تزود بها شركة «يمن نت» ومقرها صنعاء ويقومون بصورة متكررة بعملية تقليل للبيانات المرسلة والمستقبلة عبر الشبكة في المدن المحررة، وهو ما تسبب في عدم حصول المستخدمين على الخدمة بالشكل المقبول.

وليس هذا هو الاستهداف الأول لملاك محال وشبكات الإنترنت في صنعاء، فقد سبق للجماعة أن شنت سلسلة حملات تعسف مماثلة طالت أكثر من 50 ألف شبكة إنترنت محلية، بغية الابتزاز المالي، والإجبار على الترويج لأفكار الجماعة، والمساهمة في التعبئة العسكرية.

وتأتي هذه الحملات ضمن سلسلة إجراءات تتخذها الجماعة الحوثية لتعزيز سيطرتها على المعلومات والموارد، في وقتٍ تتزايد فيه شكاوى السكان من تردي خدمات الإنترنت والاتصالات، وتزداد المخاوف من تحول هذا القطاع الحيوي إلى أداة أوسع قمعاً بيد جماعة لا تعترف بحرية التعبير أو الاتصال.