إجراءات أمنية وتأهب حوثي لقمع احتفالات اليمنيين بثورة «26 سبتمبر»
الرأي الثالث
كشفت مصادر مطلعة، أن جماعة الحوثي بدأت إجراءات أمنية مشددة لمواجهة أي بوادر لدى اليمنيين للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، التي كانت قد أطاحت بأسلاف الجماعة في عام 1962،
ووجّهت أجهزتها الأمنية بتشديد الرقابة، ومتابعة أي أنشطة أو توجهات تؤشر على نيات لتنظيم احتفالات شعبية بالمناسبة.
وقالت المصادر إن التوجيهات تضمنت مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، والتجسس على مستخدميها، والتعامل مع أي دعوات أو إشارات للاحتفال بصرامة وحَزم، وعدم التساهل مع أي دعوة لذلك.
كما تقضي التعليمات بمراقبة أسواق الأقمشة ومحلات الخياطة والزينات، وتوجيه تحذيرات لها بشأن طلبات شراء العَلم اليمني، وإلزامها بعدم بيعه إلا بكميات محدودة، والإبلاغ عن أي طلبات لشراء كميات كبيرة.
وألزمت الجماعة القائمين على المدارس بمراقبة الطلاب والتجسس على أحاديثهم بشأن المناسبة، وتحذيرهم من التخطيط للاحتفال بذكرى الثورة، دون العودة إلى إدارات المدارس ومديريها.
واعتقلت الجماعة الحوثية، خلال العامين الماضيين، آلاف السكان؛ على خلفية احتفالهم بذكرى ثورة «26 سبتمبر»، التي تُصادف إسقاط نظام حكم الأئمة باليمن في عام 1962، واتهمتهم بالتخابر مع الحكومة الشرعية ودول أخرى.
ولا يزال عدد من المعتقلين بتلك التُّهم في سجون الجماعة، حيث أصدرت محاكم تابعة لها بحق عددٍ منهم أحكاماً بالسجن متفاوتة المُدد.
تنصل من الالتزامات
في غضون ذلك، اضطر المئات ممن أجبرتهم الجماعة الحوثية، الخميس الماضي، على المشاركة في احتفالاتها بالمولد النبوي، للعودة إلى منازلهم سيراً على الأقدام في عدد من المحافظات،
بعد أن فوجئوا بأن السيارات التي تكفلت بنقلهم إلى ساحات الاحتفال غادرت دونهم، وعجزوا عن الحصول على وسائل تنقُّل إما بسبب الزحام أو عدم امتلاكهم الأموال الكافية لذلك.
وذكر شهود في العاصمة صنعاء، أن الآلاف من المشاركين في الاحتفال، الذي نظّمته الجماعة في ميدان السبعين، أكبر ميادين المدينة، بدأوا الانسحاب قبل انتهاء الحفل بوقت طويل؛ بسبب خوفهم أن تُغادر السيارات التي نقلتهم إلى هناك دونهم،
وهو ما دفع المشرفين الحوثيين لتوجيه سائقي السيارات بعدم التحرك حتى انتهاء الفعاليات.
وبعد اضطرارهم للعودة مجدداً إلى الميدان والانتظار حتى انتهاء الحفل، فوجئ كثيرون منهم بأن السيارات غادرت مواقع الانتظار، في حين تنصّل المشرفون الحوثيون من إعادتهم إلى مناطقهم.
واستقدمت الجماعة عشرات الآلاف من سكان الأرياف المحيطة بصنعاء، للمشاركة في احتفالاتها بالمولد النبوي، وحملتهم على شاحنات وسيارات نقل لتخفيف التكلفة المالية.
وعقب انتهاء الاحتفال، شوهدت مئات النساء يقفن لوقت طويل في محيط ميدان السبعين في انتظار الشاحنات لإعادتهن إلى قراهن، قبل أن يضطر أقاربهن للتوجه إليهن لنقلهن على نفقتهم، طبقاً للمصادر.
وأكّد الشهود أن أعداداً كبيرة من المشاركين انتظروا في الميدان، لوقت طويل، قدوم المشرفين الحوثيين لمنحهم المبالغ النقدية والوجبات الغذائية التي وعدوهم بها مقابل المشاركة في الفعالية، إلا أنهم اضطروا للمغادرة بعد اكتشافهم أنه لا جدوى من الانتظار.
إكراه واعتداءات
وبيّنت المصادر، أن الجماعة أجبرت موظفي القطاع العام على حضور الاحتفال، وطلبت منهم إثبات ذلك مقابل الحصول على بدل مواصلات أو وجبات غذائية، وطلبت إثبات حضورهم لدى مشرفين تابعين لها.
ووفقاً للمصادر، فإن الجماعة كلّفت مشرفاً من عناصرها في كل جهة عمومية بالتأكد من حضور الموظفين، وذلك إما بالحضور قبيل الفعالية في مقر الجهة، قبل الانتقال بشكل جماعي إلى الميدان، أو الاتفاق على إثبات الحضور في أحد مداخل الميدان؛ حيث يقف المشرف في الانتظار.
وكانت الجماعة قد أصدرت إعلاناً باعتبار مناسبة المولد النبوي إجازة رسمية، في حين وجّهت مشرفها في قطاع التعليم بحشد طلاب المدارس والجامعات لحضور فعاليات الاحتفال بالمولد النبوي في كل المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وفي مدينة صعدة، اعتدى عناصر الجماعة الحوثية على عدد من المشاركين في الاحتفالات بسبب مغادرتهم دون الاستماع لخطاب زعيمها عبد الملك الحوثي، وحاولوا إجبارهم على العودة إلى الساحات.
ونقلت مصادر محلية أن الأفراد المكلّفين بحراسة ساحات الاحتفال منعوا المشاركين في الاحتفال من المغادرة، وحذّروهم من عواقب عدم الاستماع لخطاب الحوثي، وعدُّوا ذلك تعبيراً عن عدم الاحترام والطاعة، ووصفوهم بالعملاء والخونة، قبل أن يشتبكوا مع عدد منهم بالأيدي ويجبروهم على العودة إلى الساحات.
ونوهت المصادر بأن هذه الوقائع التي شهدتها عدد من ساحات المحافظة، التي تُعدّ المعقل الرئيسي للجماعة، تؤشر على الاستياء العام لدى السكان من ممارساتها تجاههم، والمتمثلة في القبضة الأمنية المشددة، وسياسات الجباية التي تسببت بإفقارهم، وإفلاس المزارعين والتجار.