تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية .. اليمنيون يدفعون ثمن الحرب والصراع

الرأي الثالث - خاص

يصنف اليمن ومنذ عقود ضمن الدول الأشد فقراً أو الأقل نمواً، وفق تصنيف البنك الدولي، وكان في أمس الحاجة للحفاظ على ما لديه من بنية أساسية ضعيفة. وبعد شن التحالف لهجماته على اليمن واستمرار الحرب والصراع، إلى الآن سجلت البلاد تراجعاً في مستوى المعيشة وزادت معاناته الاقتصادية والإنسانية.

يخوض اليمنيون في جميع مناطق البلاد الخاضعة لسلطات متعددة غمار حياة يومية شاقة نتيجة تردي الأوضاع المعيشية واتساع الفجوة بين الأسعار والأجور والتكلفة العالية لانهيار واضطراب العملة المحلية والتي لم يعد باستطاعة الكثير من المواطنين تحملها.

حيث وصلت البلاد إلى مرحلة صعبة من تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بشكل غير مسبوق بفعل تكالب تبعات مجموعة من الأزمات لا تتوقف عند حدود الحرب والصراع، بل اضيفت إليها مؤخراً تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا والتي تسببت في ارتفاعات كبيرة في فاتورتي استيراد الغذاء والوقود مع انعدام الموارد لتأمين الحد الأدنى والضروري منها، وتهدد بحدوث أسوأ كارثة إنسانية على وجه الأرض، وفق الأمم المتحدة.

وتتسع الفجوة بين أسعار الغذاء والأجور الشحيحة، إذ يتطلب ردم هذه الفجوة زيادة الأجور بمعدل خمسة أضعاف في مناطق سيطرة الحوثيين ونحو ثلاثة أضعاف في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وفق تقارير بحثية، لضمان قدرة العامل اليمني العادي على مواكبة ارتفاع الأسعار.

وأدت زيادة تكلفة المعيشة وتراجع القوة الشرائية وتقلص فرص العمل، إلى البحث عن أي مصادر متاحة للدخل في المهن والأعمال والتي يعتبر بعضها شاقا لمن لم يعتد عليها. ومع ارتفاع البطالة إلى أكثر من 50%، صار اليمنيون الذين لديهم وظائف يتحملون مصاريف أقاربهم الأقل حظًا بشكل متزايد، في ظل تزايد تبعات الصراع على قطاع الأعمال وانقطاع رواتب القطاع العام مع تغيير طبيعة سوق العمل.

كما أنّ انهيار العملة المحلية واضطرابها المتواصل هو السبب الرئيسي في أزمة الغذاء الحاصلة في البلاد وتوسع الفجوة بين الأسعار والأجور مثل الرواتب الحكومية التي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ عام 2015، على الرغم من كل هذه المتغيرات الحاصلة، في حين يختلف نظام العمل في القطاع الخاص والذي انخفضت قدراته على توليد فرص العمل أو منح أجور مناسبة إلا لنوع محدد من الوظائف التي تتطلب عمالة ماهرة.

حيث فقد اليمنيون الثقة في العملة الوطنية وأصبحت غالبيتهم غير قادرة على تحمل التكلفة العالية لانهيار العملة واضطرابها المستمر ومن أجل البقاء. بدأ السكان بتلقي المساعدات المالية والعينية من المجتمع الدولي وأفراد عائلاتهم في المهجر، من دون أن تلوح نهاية لهذه الأزمة في الأفق.

كما أنّ الاعتماد المفرط على الواردات من الأسباب التي ساهمت في زيادة أسعار المواد الغذائية، إذ يعتمد اليمن على استيراد احتياجاته من السلع الغذائية الأساسية بنسبة 90%.

 وفي ظل تغول أزمة السيولة وتضاؤل الدخل لنسبة كبيرة من اليمنيين وفرص العمل المجدية، هوت القدرة الشرائية للكثيرين، ما انعكس على الوضع المعيشي لملايين الأسر،  فإنّ الأزمات الاقتصادية المتزايدة دفعت بالكثيرين إلى البحث عن الفرص المتاحة للبقاء والصمود في وجه هذه الأزمات، فكانت المهن والأعمال الحرفية أهم خيار متاح لليمنيين لمواجهة شظف العيش.