تشكيك بمبادرة الحوثيين لإنهاء الجبهات العسكرية في تعز

أعلن رئيس مجلس الحكم التابع للحوثيين مهدي المشاط، أمس الاثنين، عن تقديم مبادرة تنهي كل الجبهات العسكرية لجميع الأطراف بمحافظة تعز، وسط تشكيك في نوايا الجماعة بشأن المحافظة.

وأشار المشاط إلى أن هذه المبادرة تتمثل في أن تتوقف جميع الجبهات العسكرية، وتحييد محافظة تعز، وإنشاء إدارة يشارك فيها الجميع.

وجاءت المبادرة التي أعلن عنها المشاط خلال زيارته إلى الجزء من محافظة تعز الخاضع لسيطرة جماعته، إذ تحدث إلى عدد من أنصاره قائلاً إن "تعز مستهدفة لإنهاك حالة الطموح والتطلع لأبناء المحافظة المعروفة بالثقافة والإبداع، والذين لهم النصيب الأكبر في بناء هذا البلد، لكن للأسف الشديد لا يزال أبناء تعز مستهدفين في وجودهم".

وأضاف المشاط: "تعاطينا إيجاباً فيما بعد مع كل المحاولات التي طُرحت من قِبل كثير من الخيرين، وكثير من المساعي. تعاطينا إيجابيا حرصاً منا على تجنيب محافظة تعز كل ويلات الصراع، والحروب".

وأفاد بأن المتتبع لوضع المحافظة "يُدرك أن هناك استغلالا سيئا وسلبيا للوضع الموجود داخل مدينة تعز، نتيجة الإدارة السيئة وتنفيذ أجندات العدو الذي لا يأبه بالمواطن"، وقال إن "هناك حرصا شديدا من قبل العدو على بقاء الانفلات داخل المناطق الخاضعة لسيطرته، وتدمير كل ما هو متعلق بالإنسان"، على حد قوله.

وأردف المشاط: "نحن من هنا وحتى نثبت أنهم مزايدون، وأنه لا يهمهم أمر المواطن، وإنما يستغلون وضع المواطن فقط، نقدم هذه المبادرة التي تنهي جميع الجبهات العسكرية من كافة الأطراف، وتستقر المحافظة، وتتجنب الصراع، لكننا نقدم الحجة ونفضحهم أكثر".

وأكد القيادي الحوثي أن الحل هو "بالتقييم السليم والصحيح للفترة الماضية، والتسع سنوات كفيلة وكافية، وفوق الكافية، للوصول إلى نتيجة حتمية لكل من له أدنى تفكير أو حس بأنه لا حل إلا بوحدة الكلمة والموقف من الجميع".

من جانبه، أكد محافظ تعز نبيل شمسان، ان المبادرة الاستعراضية الغامضة للمليشيات الحوثية، هي مناورة جديدة لتبرير استهداف تعز، ولا تختلف عن تلك التي أطلقتها بشأن مأرب، وغيرها من المناطق قبل ان تذهب الى هجمات بربرية فاشلة.

واستغرب محافظ تعز في بيان، من إطلاق ما اسمي بمبادرة للادارة المشتركة لتعز، في الوقت الذي تتهرب فيه المليشيات من الوفاء بابسط استحقاقات السلام، والقيم الانسانية متمثلة بفتح طرق المحافظة، وتخفيف المعاناة عن أبنائها في الانتقال، والحصول على الخدمات والسلع الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

ويرى البيان، في المبادرة الاستعراضية الغامضة للمليشيات، استباقاً لجهود الوساطة الحميدة التي يقودها الأشقاء في المملكة العربية السعودية، وما يترتب عليها من مكاسب للشعب اليمني بما في ذلك دفع رواتب الموظفين، وفتح طرق تعز، والمطارات والموانئ والمضي قدما نحو السلام المنشود الذي تتهرب المليشيات من استحقاقاته العادلة.

وشدد البيان، على ضرورة وجوب الإنهاء الفوري للحصار الظالم في تعز، وباقي المحافظات، ووقف هجمات المليشيات الحوثية المستمرة في مختلف الجبهات، وإلغاء القيود التعسفية على حركة الأفراد والسلع، وأنشطة القطاع الخاص، والمنظمات الإنسانية، كأحد مداخل بناء الثقة، وتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني.

كما حذر البيان، المليشيات الحوثية، من اي تصعيد تحت مبرر المناورة الاستعراضية في تعز..داعياً المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته في حماية المدنيين، وإلزام المليشيات وداعميها بعدم اللجوء إلى أي استفزازات لخلط الأوراق، وعرقلة جهود السلام، وتنفيذ التزاماتها المعلنة بشأن تعز بموجب الاتفاقات السابقة بصفتها القوة الغاشمة التي شنت الحرب على المحافظة، وفرضت الحصار، وصادرت الحقوق، والحريات، والممتلكات، والتهجير القسري للسكان.

بدوره،  قال وكيل أول محافظة تعز عبد القوي المخلافي، إن مبادرة الحوثيين "قديمة وجرى رفضها في حينه، وهي تحاول تكريس صورة مضللة عن طبيعة ما يدور في تعز، وتصويره صراعاً بين طرفين، وهو أمر يدعو إلى السخرية، لأن حقيقة وجوهر الصراع مغايران تماما، فهذه المليشيا هي من تشن حربا عدوانية على محافظة تعز، وتقتل أبناءها وترتكب المجازر بحقهم، وتحاصر السكان منذ نحو تسعة أعوام".

وأضاف: "إذا أرادت هذه المليشيا أن تجنح للسلام، فالطريق إلى ذلك لا يكون بإطلاق وممارسة الأكاذيب والمغالطات، بل عليها أن ترفع حصارها عن المدينة، وتسحب معسكراتها ومقاتليها من المناطق التي تسيطر عليها بالقوة في محافظة تعز"، مشيرا إلى أن "الظهور بين فينة وأخرى بمبادرات من هذا النوع يعكس استمرار الجماعة بمغالطاتها وأكاذيبها، وإصرارها على الاستمرار في هذا العدوان الوحشي ضد تعز، والذي لن ينتهي إلا بالقوة والحسم، وهو أمر يدركه كافة أبناء تعز ويعملون لأجله".

ويتقاسم الحوثيون والحكومة المعترف بها دولياً السيطرة على محافظة تعز، التي تعد أكبر محافظة يمنية من حيث السكان.

وكان الحوثيون قد سيطروا على معظم مديريات المحافظة مطلع العام 2015، قبل أن تنجح المقاومة الشعبية والجيش الوطني بتحرير نصف المحافظة، التي بقت أكثر الجبهات اشتعالا منذ بداية الحرب.

ويفرض الحوثيون حصاراً خانقاً على مدينة تعز من الجهات الشمالية والشرقية والغربية، ولا تملك المدينة إلا منفذاً وحيداً يربطها بمحافظتي لحج وعدن، عبر طريق هيجة العبد من الجهة الجنوبية.

ويتقاسم محور تعز التابع لوزارة الدفاع التي يرأسها العميد طارق صالح النفوذ في المناطق الداخلية، حيث تتركز سيطرة المحور على الجزء الأكبر من المدينة ومديريات الريف الجنوبي، فيما تفرض قوات طارق صالح سيطرتها على المديريات الساحلية التي تضم ميناء المخا ومضيق باب المندب الاستراتيجي.

من جانبه قلل السياسي والكاتب المعروف الأستاذ محمد المقالح من أهمية المبادرة التي قدمها الحوثيين مؤخراً لادارة محافظة تعز بشكل مشترك بين كل الأطراف .

ووصف المقالح هذه المبادرة بانها تهدف لادارة منطقة الحوبان شمال شرق تعز .

ودعا المقالح الى ضرورة طرح مبادرة سياسية شاملة تنهي الحرب وتتضمن مشاركة كاملة لكل الأطراف في إدارة عموم اليمن .

وعلّق رئيس مركز يمن المستقبل للدراسات الاستراتيجية فارس البيل، على مبادرة المشاط واصفاً إياها بأنها "نوع من المناورة الجديدة التي تجريها مليشيا الحوثي.

كيف تقدم مبادرة مِمَّن يحاصر المدينة ذاتها ويدعو لتحييدها في الصراع؟"، مضيفا: "المؤكد أن المليشيا تشعر أن هناك تطورات في تعز خلال الفترة الأخيرة ليست في صالحها، وبالتالي هي حريصة على أن تبقي سيطرتها على منافذ تعز وإبقائها في حالة الحصار، لأنها تدرك أن تعز إذا فُتحت أبوابها فهي أبواب النار للمليشيا، وستفتح على أثرها كل الجهة الجنوبية لحرب الحوثيين، ومن ثم تنحسر المليشيا من هذه المحافظات تباعاً".

وأضاف البيل: "لا أتصور أنه من المهم أخذ مثل ما يسمى بالمبادرة على محمل الجد ولا الحقيقة، لأنها خالية، ولا تصدر من ذي قيمة، لكن تمكن قراءة مثل هذا التحرك على أنه مزايدة ومناورة من المليشيا لتظهر بمظهر الحريص مع جهود المفاوضات التي تجرى الآن، ولتخلط الأوراق والضغوط وتوزع الشروط والتوازنات في لعبة مكشوفة".

وبرأيه، فإن ما طرحه المشاط "يشير إلى قلق الحوثيين من أي تغير في جبهة تعز لا يكون في صالحها عسكرياً وسياسياً، وفي كل الأحوال، تعز هي الكابوس المرعب الذي تحرص مليشيا الحوثي على ألا ينفجر في وجهها".

نشطاء يمنيون يسخرون من مبادرة الحوثيين الأخيرة في تعز

وسخر نشطاء يمنيون بمواقع التواصل الاجتماعي على المبادرة التي أطلقها رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثيين مهدي المشاط في تعز.

وقال المشاط  “ أتقدم بمبادرة تنهي كل الجبهات العسكرية من جميع الأطراف بمحافظة تعز بما يسهم في استقرار المحافظة”.

وأفاد أن المبادرة “تتضمن وقف كافة الجبهات العسكرية في تعز وتحييد المحافظة وإدارتها بشكل مشترك من الطرفين” دون مزيد من التفاصيل.

وعلق الناشط الحقوقي ماهر العباسي على مبادرة الحوثي قائلا: من قرار مجلس حقوق الانسان رقم A/HRC/54/L.28 الصادر في 12 أكتوبر الحالي، يدعو المجلس إلى رفع الحصار الذي فرصة الحوثيين على مدينة تعز.

وأضاف: ما يقوله القيادي قي جماعة الحوثي مهدي المشاط اليوم ان جماعته تريد إنهاء معاناة ابناء محافظة تعز هو مجرد خطابات اعلامية تفتقد المصداقية، من قبل جماعة تفرض حصار على مدينة تعز منذ 9 سنوات وتغلق جميع الطرقات الرئيسية وترفض كل المقترحات التي قدمت من قبل الأمم المتحدة أو الوسطاء المحليين لرفع هذا الحصار الذي يسبب معاناة كبيرة لملايين السكان ويرقى لان يكون جريمة حرب.

ويرى الصحفي عبد السلام القيسي أن الحوثي بعجرفته لم يتخيل أن يرى العرض العسكري للجيش، في تعز، وبحضور قيادات عسكرية من المقاومة الوطنية..

وأضاف: كان الحوثي يراهن على الخلاف البيني وأن يعتلي تبة قريبة وهو يرمي القشر على المتصارعين ابناء القضية الواحدة، يتابعهم ويضحك وهم يقتلون بعضهم..

وتابع: خاب ظن الحوثي فالتوحد بين الجبل والساحل ليس مجرد خطاب سياسي متخيل بل توحداً مبنياً على واقع حقيقي لا مثالي، واقع ضرورة التوحد ضد العدو المتفق عليه لذا هبط المشاط الى تعز.

وتابع: يريد أن يستثمر معاناة ابناء تعز ويطلب الشراكة بالحكم على شرط فتح الطرقات، ولم يحدث أن جماعة حولت الطريق وهو الحق الطبيعي لمجال ابتزاز، كما يفعل الحوثي.

ويذهب الناشط أنيس الدخيني إلى أن مبادرة الحوثي بشأن تعز ليست أكثر من محاولة للحصول على مكاسب لم يستطيع أن تنتزعها عسكرياً.

وأضاف: حتى في الفهلوة تقدم ميليشيات الحوثي نفسها في الصورة الأسوأ.

من جانبه علق سفير اليمن لدى المغرب عز الدين الأصبحي قائلا: ميليشيات الحوثي تشدد حصارها على ‎تعز، وتقطع الطرقات بين المحافظات اليمنية، ويزايد قادتها بأنهم سينصرون ‎فلسطين، ويطالبون بفتح دول العالم لهم للذهاب إلى ‎غزة وتلك أبشع المزايدات في التاريخ.

وأضاف: للميليشيات وانصارها، اوقفوا قتل المدنيين، وفكوا الحصار عن تعز، إذا أردتم قهر إسرائيل فقط.

وعلق الناشط أحمد باشا: الحوثيون يعلنون عن مبادرة تتضمن إنهاء جميع الجبهات العسكرية من جميع الأطراف في ‎تعز، وتشكيل إدارة مشتركة للمحافظة. وقد اتفاق السلم والشراكة الذي انقلبوا عليه أخبر بهم.

وأضاف: بالمختصر يريدون تسليم ما تبقى من المدينة لهم ، وما لم يستطيعوا اخذه بالقوة سيأخذون بالتحايل كعادتهم.

المصدر :  وكالات