«الجثث المجهولة».. غطاء الحوثيين للتستر على جرائم القتل خارج القانون

 مئات الجثث دفنها الحوثيون في مناطق سيطرتهم من دون إعلان هوية أصحابها ولا سبب الوفاة.

"جثث مجهولة الهوية" غطاء يتستر خلفه الحوثيون في محاولة لتمرير جرائم التعذيب والقتل خارج إطار القانون، التي يمارسونها، حسب حقوقيين.

وخلال الأيام الأولى من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري وحده، دفنت مليشيات الحوثي 126 جثة مجهولة الهوية، في محافظتي الحديدة وصعدة  ، دون أي توضيح لتفاصيل تتعلق بأسباب الوفاة، أو هوية الجثث التي جرى دفنها.

وذكرت وسائل إعلام الجماعة قبل يومين، أنه جرى دفن نحو 60 جثة مجهولة الهوية في محافظة صعدة، وأن النيابة الخاضعة لسيطرة الجماعة نسّقت عملية الدفن مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إذ إن هذه الجثث كانت موجودة في ثلاجة هيئة المستشفى الجمهوري بصعدة.
 
ولم توضح الجماعة أي تفاصيل أخرى تتعلق بهوية الجثث التي جرى دفنها، سوى زعمها أن بعضها تعود لجنسيات أفريقية، في حين لم يستبعد ناشطون حقوقيون أن تكون الجثث لمدنيين مختطَفين لقوا حتفهم تحت التعذيب في سجون الجماعة.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت قبل عدة أشهر عن دفنها نحو 62 جثة مجهولة في معقلها الرئيسي، وادّعت حينها أنها كانت محفوظة منذ عدة سنوات في ثلاجات مستشفيات حكومية.

وتزامنت عملية الدفن الأخيرة للجثث المجهولة مع تأكيد عدد من الحقوقيين ، أن معتقلات الجماعة الحوثية بالمحافظة نفسها وغيرها من المناطق الأخرى تحت سيطرتها، لا تزال تعج بآلاف المختطفين، وسط تعرض العشرات منهم للتعذيب.

وتتهم المصادر الجماعة بحفر قبور جماعية لدفن مَن قضوا تحت التعذيب في سجونها، وذلك ضمن مواصلتها إخفاء آثار جرائمها ضد المخفيين قسرياً.

وتحدّثت المصادر عن وجود أعداد أخرى من الجثث مجهولة الهوية في عدة مستشفيات بمحافظة صعدة، تعتزم الجماعة الحوثية في مقبل الأيام القيام بدفنها جماعياً.

وكانت الجماعة الحوثية قد أعلنت، مطلع ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عن عملية دفن جماعي لنحو 62 جثة لمجهولي الهوية في محافظة صعدة (شمال اليمن).

وبلغ عدد الجثث المجهولة التي دفنتها مليشيات الحوثي منذ العام 2020 وحتى السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، 848 جثة مجهولة، وفقا لإحصائيات

.

جرائم حوثية

وتكشف عمليات الدفن الجماعي التي تمارسها المليشيات منذ انقلابها على الدولة، حجم الجرائم التي تقوم بها بحق المعتقلين والمختفين قسرا في سجونها، الذين يتعرضون لأشكال قاسية من التعذيب الجسدي والنفسي، حسب تقارير حقوقية.

وتأتي عمليات الدفن مع تصاعد حملات الاختطافات والاعتقالات الحوثية في مناطق شمال اليمن الواقعة تحت سيطرة المليشيات، التي تزامنت مع احتفالات اليمنيين بالذكرى 62 لثورة 26 سبتمبر اليمنية.

ويرى حقوقيون ومحامون أن عمليات الدفن الجماعية لما تسميها المليشيات "جثث مجهولة"، تأتي ضمن سياسة المليشيات للتعتيم على جرائم التعذيب والقتل المتعمد خارج القانون بحق المختطفين والمعتقلين في سجونها.

وقال الحقوقيون، إن الجثث التي تقوم المليشيات بدفنها بطرق جماعية بشكل متواصل في مناطق سيطرتها، لا شك أن بينها جثامين تعود لمختطفين تمت تصفيتهم أثناء التعذيب داخل السجون.

وأكدوا أن دفن مليشيات الحوثي لمئات الجثث تحت ذريعة أنها مجهولة الهوية، يعد جريمة إنسانية خطيرة، ويعكس مدى انتهاكها للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

وأشاروا إلى أن هذه الممارسات تكشف عن الوجه القبيح وحجم الجرائم البشعة التي ترتكبها المليشيات بحق المعتقلين والمخفيين قسراً في سجونها كل يوم.

وقالوا: "يجب على المجتمع الدولي القيام بواجبه وفتح تحقيقات مستقلة للكشف عن ملابسات هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها، وضمان تحقيق العدالة للضحايا وأسرهم".

إحصائيات

وكانت وسائل إعلامية تابعة للحوثيين، أعلنت دفنها منذ مطلع العام الجاري، أكثر من 150 جثة مجهولة الهوية بشكل جماعي في محافظات صنعاء والحديدة وصعدة.

وبحسب إحصائيات ، فإن الجثث المجهولة التي قامت المليشيات بدفنها خلال العام الماضي، بلغت 247 جثة مجهولة.

واحتلت محافظة الحديدة النصيب الأكبر لتبلغ عدد الجثامين التي دُفنت فيها 132 جثة تم دفنها بشكل جماعي على مرحلتين في يناير/كانون الثاني، وأكتوبر/ تشرين الأول 2023، 

تليها محافظة صعدة معقل زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، والتي بلغت الجثث المجهولة التي تم دفنها فيها خلال العام الماضي 62 جثة، وكان ذلك في ديسمبر/كانون الأول، ثم صنعاء 53 جثة في مارس/أذار 2023.

وفي عامي 2020 و 2021، بلغ عدد الجثث المجهولة التي دفنتها مليشيات الحوثي، 446 جثة في محافظات صنعاء والحديدة وصعدة والمحويت وعدد من المناطق الواقعة تحت سيطرتها

أعمال خطف

وكشفت تقارير يمنية حكومية في أوقات سابقة، عن مقتل مئات المختطَفين والمخفيين قسراً تحت التعذيب في سجون الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب والحرب.

وفي تقرير حديث لها، أقرّت الجماعة الحوثية باعتقال أجهزتها الأمنية والقمعية خلال الشهر قبل الماضي، أكثر من2081 شخصاً من العاصمة صنعاء فقط، بذريعة أنهم كانوا من ضمن المطلوبين الأمنيين لدى أجهزتها.

وجاء ذلك متوازياً مع تقدير مصادر أمنية وسياسية يمنية بارتفاع أعداد المعتقلين اليمنيين على ذمة الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر (أيلول)» إلى أكثر من 5 آلاف شخص، معظمهم في محافظة إب، متهمة في الوقت نفسه ما يُسمى بجهاز الاستخبارات الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، بالوقوف وراء حملة الخطف والاعتقالات المستمرة حتى اللحظة.

واتهمت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» في وقت سابق الجماعة الحوثية بقتل المختطفين تحت التعذيب وإخفاء جثثهم. وطالبت بتحقيق دولي في دفن الجماعة مئات الجثث مجهولة الهوية، محملة إياها مسؤولية حياة جميع المخفيين قسراً.

واستنكرت المنظمة، في بيان، قيام الجماعة وقتها بإجراءات دفن 715 جثة، وأدانت قيام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالمشاركة في دفن تلك الجثث وغيرها، لافتة إلى أن دفنها بتلك الطريقة يساعد الجناة الحوثيين على الإفلات من العقاب، والاستمرار في عمليات القتل الممنهج الذي يقومون به.