سلطة الحوثي تستخدم قرارات المقاطعة في إحكام سيطرتها على الاقتصاد
مقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية عادت الى الواجهة مرة أخرى، رغم إعلان المقاطعة رسميا في نهاية العام 2023، واشهار قائمة بعشرات السلع الأمريكية والصهيونية المقاطعة.
ظهر المشاط مرة أخرى ومن على مكتب وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار بصنعاء، وهو يوجه الوزير معين المحاقري الجالس امامه بالمقاطعة، وإلى جواره مستشار المجلس السياسي الأعلى، علي القيسي، في مشهد غير مسبوق برتوكوليا،
حيث من المعروف أن المسؤول الأعلى حين يزور مرفق حكومي يترأس الاجتماع في قاعة الاجتماعات.
بعد توجيهات المشاط بدأت عمليات ابتزاز التجار من قبل من مفتشي وزارة الصناعة، خصوصا محلات الهواتف الذكية،
وحسب معلومات من عمال في محلات بصنعاء وإب؛ أشاروا فيها أن مفتشين وزعوا استمارات بحصر أجهزة الهواتف، تشمل نوع الجهاز، والتاجر المورد، وبلد المنشأ.
وأفاد مُلاك لمحلات بيع الهواتف المحمولة بصنعاء وإب أن مفتشي وزارة الصناعة، برفقة مسلحين، داهموا المحلات وفرضوا تعبئة استمارات لحصر الأجهزة، تتضمن نوع الهاتف والتاجر المورد وبلد المنشأ. وتم منع عرض أجهزة آيفون بذريعة المقاطعة، رغم إعلان المشاط عن مهلة ثلاثة أشهر لتصريف المخزون.
مصادر تجارية أكدت أن المهلة ليست أكثر من إعلان غير ملزم للمفتشين، الهدف منه تصفية المخزون لصالح تجار محسوبين على الجماعة، قبل أن تبدأ حملات مصادرة أوسع.
وأوضح أحد التجار أن ما يجري اليوم هو استكمال لما حدث في العام الماضي، حينما تم استغلال قرار المقاطعة لابتزاز التجار ودفع الكثير منهم إلى مغادرة مناطق سيطرة الجماعة بعد أن تم تطفيشهم عبر الغرامات والمصادرات.
واعتبر المصدر أن القرار الأخير "لا يحمل جديداً سوى تكريس الابتزاز"، مع استهداف السلع التي كانت قد استُثنيت سابقاً لعدم وجود بدائل، وعلى رأسها هواتف وأجهزة طبية وقطع غيار مركبات.
وأفاد عاملون في محلات بيع هواتف في مدينة إب ان احدهم ابلغهم بأنه مفتش وإلى جواره مسلحان، دخل الى عدة محلات في المدينة، ومنعهم من عرض هواتف الايفون،
وعندما اخبروه ان المشاط اعطى مهلة 3 أشهر، أكد لهم ان المهلة هدفها تصفية المخزون، وانه ان عاد ووجد الاجهزة معروضة سيتم مصادرتها.
وأكد مصدر مطلع ان نقاشات تجري في اروقة سلطة الحوثي لتشكيل لجنة عليا للمقاطعة برئاسة مدير مكتب الرئاسة أحمد حامد،
لكن مصدر حكومي افاد ان وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار تعكف على إعداد قائمة بالبضائع المقاطعة، رغم صدور قائمة سابقة في عهد الوزير محمد شرف المطهر.
توجيهات المشاط الاخيرة روج لها إعلاميا وكأن المقاطعة صدرت لأول مرة، مع أن التجار لم ينسوا حجم الابتزاز الذي تعرضوا له والتطفيش الذي أجبر البعض على مغادرة جغرافية سيطرة الجماعة في عهد الوزير محمد شرف المطهر.
يقول مصدر تجاري إن قرار المشاط جاء لإكمال ما تم استثناؤه العام الماضي، مبينا ان الـ13 سلعة التي تم استثناؤها لعدم وجود بدائل هي المستهدفة، ومن بينها هواتف أيفون، وأجهزة طبية، وقطع غيار مركبات، واجهزة مختلفة.
وكشف المصدر أن أغلب السلع التي تم ادراجها في قوائم المقاطعة السابقة عادت الى الأسواق تحت مسميات مختلفة، ووكلاء جدد يتبعون الجماعة او مرتبطين بها، باستثناء 5 شركات رفضت منح وكالات لعلاماتها التجارية لوكلاء جدد،
معتبرا أن الجماعة باتت تستغل الازمات والصراعات القائمة لاحكام سيطرتها على الاقتصاد.
والمتتبع للسلع الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة، سيجد ان عشرات السلع الجديدة ظهرت في الاسواق، كبديل للسلع المقاطعة، فمثلا اختفت كوكا كولا لتظهر بديلا عنها دريم، وبنفس مواد الخام، ولكن عبر وكيل جديد،
وفي تلك الفترة تم الترويج لاعادة مشروبات سينالكو المستوردة من العراق عبر وكيل مرتبط بالجماعة، فيما اختفت بعض منتجات وكالات شهاب، وظهرت بدائل لها في الأسواق، تحمل مسميات متقاربة، وبجودة أقل.
ويبدو أن الجماعة تجهز للاستيلاء على كميات سلع جديدة بحجة المقاطعة، على غرار ما حصل بداية العام الماضي،
وفي هذا السياق قالت مصادر مطلعة على سير حملة المقاطعة التي نفذت العام الماضي، أن كميات من السلع حجزت في مخازن بعض التجار بصنعاء والحديدة بعد مداهمتها، وبعضها حجزت في مراكز الرقابة الجمركية، ليجري بعد ذلك مساومة التجار على بيعها لأخرين مرتبطين بالجماعة وبسعر بخس.
ومع الكساد الذي يضرب الأسواق، فإن فترة الثلاثة الأشهر غير كافية لتصريف المنتجات التي تزمع السلطة مقاطعتها، فضلا عن أن المهلة حددت، دون أن يتم إشهار قائمة بالسلع المقاطعة، ما يعني أن التجار سيتفاجئون بالقائمة، ما سيجعلهم عرضة للابتزاز، كما حصل العام الماضي.
وأوضح مصدر تجاري أن من ضمن السلع التي تم حجزها العام الماضي كانت بضائع إيرانية المنشأ تتبع شركة نستلة، والتي سبق أن صنفتها سلطة صنعاء بأنها صهيونية.
ورغم أن هذه السلع كانت تأتي عبر وكالة نستلة في إيران، إلا أنها مُنعت من الدخول بغرض الضغط على الوكيل لمنح وكالة من الباطن لتاجر مرتبط بنافذ كبير في الجماعة.
هذا التاجر هو إبراهيم عبد الإله سعيد، الذي سبق أن أدخل مع آخر يدعى رائد التعكري شحنة مرقة دجاج مقلدة للعلامة التجارية “ماجي” المملوكة لنستلة مطلع عام 2024،
ورغم مخاطبة نيابة التجارة والصناعة لجمارك صنعاء بعدم إدخال الشحنة بناءً على شكوى وكيل نستلة، إلا أن الشحنة دخلت الأسواق وتم توزيعها خلال شهر رمضان الماضي، قبل أن يتم لاحقاً تمرير وكالة الباطن له بعد أن أوشكت البضائع المحجوزة في المنافذ الجمركية على التلف.