Logo

جبايات الحوثي تشعل احتجاجات قبائل عنس

 على رغم القبضة الأمنية الشديدة التي تمارسها جماعة الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فإن المجتمع اليمني يشهد بين حين وآخر حركات مناهضة ورافضة لإجراءات سلطات الميليشيات الموالية للنظام الإيراني.

ومنذ يومين تتصاعد حدة الاحتجاجات القبلية داخل محافظة ذمار (شمال اليمن) عقب اندلاع مواجهات مسلحة شهدتها مديرية عنس، احتجاجاً على ما وصفه الأهالي هناك بـ"النهب الممنهج" الذي تمارسه الميليشيات من خلال سلسلة متعددة من الجبايات والضرائب التي فرضتها أخيراً على المواطنين والتجار وحتى الباعة البسطاء.

وبينت مقاطع فيديو متداولة هجوماً شنه مئات المسلحين من أبناء قبيلة عنس على المباني التي اتخذها الحوثيون كمقار لجمع الضرائب في قرية "سامة"، عقب تواتر شكاوى الأهالي من تلك الإجراءات التي قالوا إنها ضيقت وضعهم المعيشي جراء الرسوم المفروضة على الدخل والممتلكات.

الرفض بالسيطرة المسلحة

وفي تصعيد مجتمعي غير مسبوق كونه يكسر حواجز الخوف ويعلن عن مواجهة مباشرة مع الميليشيات في المحافظة التي تشكل واحدة من أكبر المخازن البشرية التي تمدها بالعناصر المقاتلة، 

أكدت مصادر محلية في محافظة ذمار أن القبائل سيطرت يوم أمس الثلاثاء على عدد من النقاط الأمنية التي كانت تتمركز داخلها الميليشيات ورفضت الوساطات الحوثية التي عرضت فيها بعض الحلول السلمية معها، 

ومنها حصولها على نصف مدخول مادة النيس (الرمل المستخدم للبناء) الذي يقع في قرية سامة، مما سبب رفع منسوب التوتر بين الجانبين وسيطرة المسلحين القبليين على ثكنات مسلحة تابعة للميليشيات.

وأحرق مواطنون مكاتب تحصيل جبايات تابعة للقيادي الحوثي المكنى "أبو صلاح الجمل".

وتأتي هذه الممارسات وسط اتهامات أهلية واسعة للحوثيين بمحاولات السيطرة على مختلف القطاعات الإنتاجية والاستثمارية، فضلاً عن القطاعات الإيرادية الحكومية وبعض القطاعات الخاصة.
 
وفي قطاع مواد التعمير والبناء كشف الأهالي عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي عن استيلاء الجماعة على حقوق أنشطة الكسارات الصخرية، 

وإنشائها مكاتب وسيطة بالقوة لنهب الأموال وفرض أسعار مضاعفة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء.

وتداولوا وثائق تؤكد فرض جبايات تصل إلى 30 ألف ريال (نحو 120 دولاراً) للمتر المكعب الواحد من حصى (رمل) البناء إضافة إلى رسوم أخرى تحت تسميات عدة مثل "زكاة الركاز" والمجالس المحلية والتحسين والبيئة وغيرها.

العقاب بالاعتقال

وفي إطار ردة الفعل الوقائية قابلت ميليشيات الحوثي هذا الإجراء بحملة قمعية في المحافظة من خلال اختطاف أكثر من 20 شخصاً من سائقي شاحنات نقل الرمل، على خلفية مشاركتهم في إضراب مفتوح احتجاجاً على فرض جبايات جديدة تهددهم في مصدر رزقهم الضئيل الوحيد.

وبحسب مصادر، فإن الإجراءات العقابية الحوثية جاءت بعد أقل من يوم على دخول السائقين في إضراب شامل بمدينة ذمار، المركز الإداري للمحافظة، التي تحمل نفس الاسم، احتجاجاً على فرض مبالغ تصل إلى 15 ألف ريال (نحو 60 دولاراً) عن كل حمولة لمصلحة القيادي الجمل دون سند قانوني.

وأوضحت المصادر أنه علاوة على تجاهل الجماعة للنظر في احتجاجاتهم واجهت تحركهم بالقمع والاختطاف، في محاولة لإرهاب المضربين وإجبارهم على استئناف العمل، رافعة عصا الاعتقال الذي يمثل هاجس رعب للمجتمع نتيجة الممارسات القمعية داخل السجون.

سبق للحكومة الشرعية ومنظمات حقوقية وإنسانية من بينها "هيومن رايتس ووتش" أن اتهمت الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء "باحتجاز الرهائن وارتكاب انتهاكات خطرة بحق محتجزين لديهم، بما في ذلك التعذيب".

كان السائقون المضربون أصدروا بياناً أعلنوا فيه التوقف الكامل عن تحميل ونقل رمل البناء حتى الاستجابة لمطالبهم، ووقف ما وصفوه بـ"البلطجة الحوثية" و"الجبايات غير القانونية" التي تفرض عليهم قسراً.

توفيق الشنواح
 صحافي يمني