Logo

القوات اليمنية تكشف حقيقة التصنيع الحوثي للصواريخ الإيرانية

الرأي الثالث 

تتكشف طرق الإمداد الإيرانية لحليفها الحوثي بشكل متتابع رغم التحذيرات وقرارات المنع الدولية، ما يؤكد استمرار طهران في نهجها بدعم المليشيات اليمنية المتمردة وإغراق اليمن والمنطقة في المزيد من الحروب المؤجلة.

ومساء أمس الثلاثاء، ضبطت قوات خفر السواحل لقوات "المقاومة الوطنية" التابعة للحكومة الشرعية في سواحل مدينة المخا المطلة على البحر الأحمر (غرب اليمن) ترسانة أسلحة ضخمة قادمة من إيران كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي تحوي صواريخ متطورة من النوع الذي تستخدمه الجماعة اليمنية وتدعي تصنيعه.

وكشف نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية العميد طارق صالح عن عملية غير مسبوقة نفذتها القوة البحرية التابعة للمقاومة الوطنية في البحر الأحمر تكللت بضبط شحنة أسلحة استراتيجية كانت في طريقها لميليشيا الحوثي الإرهابية من إيران.

وكتب طارق صالح، تدوينة على منصة "أكس"، "‏750 طناً من الأسلحة تتوزع بين منظومات صاروخية بحرية وجوية، ومنظومة دفاع جوي ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة، وأجهزة تصنت وصواريخ مضادة للدروع ومدفعية بي 10، وعدسات تتبُّع، وقناصات وذخائر، ومعدات حربية، سيطرت عليها بحرية المقاومة الوطنية بعد رصد ومتابعة شعبة الاستخبارات في المقاومة".

وأشار طارق صالح إلى أن "الإعلام العسكري بالمقاومة الوطنية سيكشف عن كل تفاصيل العملية التي كانت في طريقها من إيران إلى الحوثي استمراراً لقتالهم الشعب اليمني والسيطرة على قراره ومصادرة سلطته الجمهورية"،

 مؤكداً "العهد لكل يمني بجهود لا تتوقف ضد مشاريع الحرس الثوري وتصدير ثورة الخميني".

تحذير سابق

ويأتي هذا الاكتشاف متطابقاً مع ما سبق وحذرت منه الحكومة الشرعية من اتخاذ اليمن ساحة بديلة للأذرع الإيرانية التاريخية في المنطقة العربية كحزب الله والنظام السوري اللذين جرى تحييدهما بتدخل إسرائيلي خلال الأشهر الماضية، إذ أعلنت الحكومة اليمنية في مارس (آذار) الماضي عن مخطط حوثي وصفته بـ"الخطر" والهادف إلى عودة التصعيد في البلاد لتحقيق اختراق ميداني صوب المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وفي مقدمها محافظة مأرب الاستراتيجية.

وحذرت الحكومة خلال بيان نشره وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني من اجتماعات يجريها وفد حوثي في لبنان مع "الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في المنطقة بهدف تصعيد قادم في الجبهة اليمنية". 

وكشفت أن قيادات عسكرية تابعة للحوثيين لا تزال موجودة في العاصمة اللبنانية بيروت، وأنها تعقد اجتماعات مكثفة مع قيادات في الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي، وتوصلت إلى "اختيار اليمن ساحة رئيسة للتصعيد مع تكثيف نقل الأسلحة والخبراء العسكريين من الحرس الثوري و(حزب الله) إلى مناطق الانقلابيين الحوثيين". وهو ما اعتبرته "تطوراً خطراً يكشف عن نوايا المحور الإيراني لتعويض خسائره في المنطقة".
 
وعقب السقوط المتتابع للأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا، تأتي واقعة الضبط الضخمة تأكيداً لما تم الحديث عنه سابقاً من اتخاذ إيران لليمن ساحة بديلة عن لبنان وسوريا لمشروعها لاعتبارات عدة منها جاهزية الجماعة الحوثية ووقوعها في الخاصرة العربية، حيث تسعى إيران إلى ابتزاز المنطقة  كما تكشف عن انتهاج سياسة جديدة تكرس تدخلات مختلفة تهيئ اليمن والمنطقة لجولة أخرى من الصراع لإحياء مشروعها الذي تعرض لضربات مميتة.

وجاءت تصريحات النظام الإيراني المتتالية متوعدة بالانتقام الضمني والصريح مع التوقع بعدم الاستقرار في سوريا، إضافة إلى ما جاء قبل أشهر على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي الذي تنبأ "بمواجهات عسكرية شاملة في سوريا"، 

وهي المقابلة التي قال فيها، وفق وكالة "تسنيم" الإيرانية، إن بلاده "دعمت وستواصل بكل قوتها دعم الحوثيين الذين قالوا إنهم لا يحتاجون إلى أية مساعدة ويعتمدون على أنفسهم"، ساخراً من جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام في اليمن وتجنيب المنطقة كارثة المواجهة العسكرية.

مساحة الراحة الإيرانية

وعلى وقع الضربات التي تلقاها حلفاء إيران قال السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين نعمان في مقال له إن حالة الصمت الإقليمي التي ترافق التطورات الهائلة التي تعيشها المنطقة "قد تركت مساحة مريحة لإيران للتحرك تكتيكياً لإنقاذ مشروعها الذي تعرض لنكسات ضخمة في أهم حلقاته مثل "حزب الله"، والنظام السوري بقيادة الأسد، ناهيك عما تتعرض له ميليشياتها في العراق من ضغوط الدولة العائدة، كما يبدو، برافعة وطنية بعد سنوات من الانهيار".

بحسب مراقبين، فإنه منذ مقتل نصرالله وقادة الصف الأول لحزب الله يسعى الحوثيون عبر زعيمهم عبدالملك الحوثي لتقديم نفسه خليفة لزعيم الحزب الراحل في إطار "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، وهو ما أكده في خطابات قادة جماعته.

 إذ كان الحوثي القيادي الوحيد التابع للمحور الإيراني الذي يحرص على إلقاء خطب أسبوعية منتظمة يتناول فيها بإسهاب تطورات المنطقة وثنائه الدائم على ما يسمى "محور المقاومة"، 

ومنها ترديد ما قاله المرشد الإيراني علي خامنئي بأن "مهما ارتكبت إسرائيل من جرائم إبادة فإن ذلك لن يغير المآل الحتمي لها وهو الهاوية والزوال المحتوم".
 
وفي حربها الأخيرة مع إسرائيل كان زعيم الحوثيين أعلن في إحدى خطبه عن وقوفه "بكل ما يستطيع إلى جانب إيران في المواجهة مع إسرائيل" في حين تبنى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إطلاق عدد من الصواريخ باتجاه إسرائيل 

وقال إن العملية نفذت بالتنسيق مع الجيش والحرس الثوري الإيراني"، في تأكيد معلن وصريح للتبعية الإيرانية.

إمدادات لا تتوقف

في العام الماضي 2024 ذكر تقرير سري صادر عن مراقبي تطبيق عقوبات الأمم المتحدة أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) اليمنية تطورت "من جماعة مسلحة محلية بقدرات محدودة إلى منظمة عسكرية قوية" بدعم من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني ومتخصصين عراقيين، وفقا لتقرير نشرته وكالة "رويترز".

وقالت لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن إن عناصر من الحوثيين كانوا يتلقون تدريبات تكتيكية وفنية خارج اليمن خلال سفرهم بجوازات سفر مزيفة إلى إيران ولبنان والعراق. وقال التقرير إنه منذ عام 2009 زادت إيران دعمها العسكري للحوثيين حيث قدمت لهم صواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

في 2013، احتجزت البحرية الأميركية في اليمن صواريخ مضادة للطائرات صنعت في الصين أو في إيران كما احتُجزت سفينة كانت تحمل صواريخ آر. بي. جي (RPG)، قذائف كاتيوشا والكثير من المعدات العسكرية الأخرى كانت في طريقها على الحوثيين.

وفي 2015 أوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الولايات المتحدة تعلم أن إيران تدعم الحوثي، وقال إن بلاده سترد على هذا الأمر. وخلال عام 2016، تم الإبلاغ عن دعم إيراني بقيمة 90 مليون دولار للحوثيين، 

إضافة إلى تدريب أكثر من 1300 مقاتل حوثي في قواعد الحرس الثوري وفيلق القدس في إيران. بالإضافة إلى ما أعلنته البحرية الأميركية بشأن ضبط سفينة كانت تحمل آلاف البنادق والصواريخ كانت في طريقها على الحوثيين.

وفي عام 2018، بعد الهجمات الحوثية على ناقلات النفط في السعودية، أعلن ناصر الشعباني من الحرس الثوري الإيراني أن إيران هي التي أصدرت أمر الهجوم. كما قدمت إيران دعماً للحوثيين لتنفيذ المزيد من الهجمات ضد السعودية.

في أغسطس (آب) 2024، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران بسبب العلاقات بين الحرس الثوري والحوثيين.

إلى صدور اليمنيين

وتعليقاً على الخبر كتب الصحافي اليمني صلاح الجندي قائلا إن "عملية الضبط هذه تكشف زيف التصنيع الحوثي". وأضاف أن الحوثي "يوهم أتباعه بالتصنيع المحلي وهو يدرك أن جماعته لا تستطيع صناعة طماشة (لعب أطفال)".

وفي تدوينة له على موقع "إكس" قال العميد في الجيش اليمني محمد الكميم إن "الأسلحة التي ضبطتها المقاومة الوطنية على مراحل أخيراً لم تكن متجهة لتحرير فلسطين، بل كانت موجهة إلى صدور اليمنيين".

 وأوضح أن كل الشحنة التي تم ضبطها كانت معدة للاستخدام في حروب داخلية، تحت لافتة كاذبة "مناصرة غزة".

وأضف "نحن لا نواجه مشروع مقاومة كما يروجون بل نواجه ميليشيات إيرانية ماضية في معركتها ضد الشعب اليمني، بأسلحة من إيران وروسيا والصين، ومد دعائي كاذب يتستر بشعارات فلسطين، بينما سلاحهم موجه إلى صدورنا".

توفيق الشنواح

صحافي يمني