قرار مرتقب لتحرير الدولار الجمركي في اليمن... ما هي التداعيات؟
من المتوقع أن يشهد اليمن المزيد من القرارات والإجراءات المهمة في إطار تنفيذ برنامج الإصلاحات النقدية والمالية والاقتصادية التي ستركز خلال الفترة القادمة على تفعيل الأوعية الإيرادية، وربطها بنافذة موحدة في البنك المركزي اليمني.
وقالت مصادر رسمية خاصة، عن قرار حكومي مرتقب سيصدر خلال الأيام القليلة القادمة بتحرير الدولار الجمركي، وهي خطوة ستكون لها تبعات واسعة، وردات فعل متعددة عليها، خاصة من قبل القطاع التجاري الخاص،
كما يتوقع أن ترمي هذه الخطوة حجراً في مياه الإيرادات الراكدة والمشتتة.
وقالت المصادر، إن تحرير ورفع الدولار الجمركي قد يصلان إلى نسبة كبيرة، إلى جانب فرض رسوم في قطاعات أخرى وتفعيل الأوعية الإيرادية والضريبية،
ناهيك عن الجهود التي يتم بذلها لاستعادة إيرادات عشرات الجهات والمؤسسات الحكومية لا تخضع لأي رقابة، ولا تقوم بتوريد إيراداتها بصفتها جهات عامة للبنك المركزي اليمني في عدن.
في السياق، يؤكد المستشار الاقتصادي في رئاسة الجمهورية فارس النجار، أن ما تم تنفيذه من إصلاحات خلال الأيام القليلة الماضية حصل بالتوافق مع الأشقاء من الدول المانحة، ومع المؤسسات الدولية الداعمة لليمن، وما يجري تنفيذه من خطة اقتصادية هو المتفق عليه مع كل هذه الأطراف.
في هذا الصدد، يكشف النجار، في حديث ، أن "هناك إجراءات وقرارات أخرى سيتم اتخاذها إلى جانب ما سبق، أهمها تحرير الدولار الجمركي بشكل تدريجي، فهذا القرار قد اتخذ، لكن تأخرت عملية تنفيذه حتى يحصل تحسن في سعر صرف الريال، وتنخفض الأسعار".
كما يكشف النجار عن أن رفع الدولار الجمركي لن يشمل السلع الأساسية، والتي تصل إلى أربعة منتجات ستكون معفاة من الجمارك، وهناك سلع الرسوم الجمركية المفروضة عليها تصل إلى 5%، والبعض الآخر 10% من قيمة السلعة.
وبالنسبة لبعض السلع، مثل الحديد والمشتقات النفطية التي سيشملها قرار رفع الدولار الجمركي، فإنه سيؤثر في سعرها بنسبة تراوح بين 6% و7% وبشكل غير مباشر، وهي نسبة يراها الخبير الاقتصادي والمستشار الاقتصادي في رئاسة الجمهورية غير مؤثرة، مع استمرار التحسن في أسعار السلع الذي وصل إلى حوالي 30% ـ 40%،
لذا فالتأثير سيكون محدوداً للغاية عند رفع الدولار الجمركي على السلع، مقابل تعظيم الإيرادات، وفق قول النجار. وأضاف "نستطيع من خلال هذه الإجراءات التعامل مع الالتزامات الحتمية"،
لافتاً إلى أن "بقاء الدولار الجمركي على وضعه الراهن لا يخدم أحد سوى التجار الذين يأخذون رسوماً على السلع الكمالية وغير الأساسية بمعدل 700 ريال على الدولار الجمركي، ويضعون كلفة السلعة بسعر السوق".
ويتحدث النجار ، عن قيمة الإصلاحات النقدية التي تمت خلال الفترة الماضية، لأن خطة الإصلاحات الاقتصادية التي انتهى جزء منها كانت مهمة للغاية،
حيث شهدنا انتقال البنية التحتية المصرفية إلى عدن بالكامل، لجنة الاستيراد، تحديد سقوف الحوالات، حصر المعاملات الحكومية والمعاملات التجارية في الإطار المحلي بالريال اليمني،
فكل هذه الإجراءات الإصلاحية ساهمت في تخفيف وتقليص الشريان الذي كانت تتغذى منه قوى المضاربة في السوق،
وبالتالي عاد سعر الصرف إلى المستوى المناسب الطبيعي، فالسعر السابق لم يكن طبيعياً بل كان مدفوعاً بقوى المضاربة.
وكان البنك المركزي اليمني قد أعلن منذ أيام عن اكتمال نقل المنظومة المصرفية إلى عدن، واستكمال هيكلة الشبكة الموحدة وإطلاقها بقيادة البنوك لتعزيز الرقابة والالتزام، وتفعيل أدوات السياسة النقدية، ووقف أي إصدار نقدي جديد، وتفعيل أدوات الدين العام، وتعزيز الرقابة على سوق الصرف، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات المالية الدولية.
وفقاً لمصادر خاصة مطلعة، فإن ذلك يأتي بالتوازي مع جهود أخرى للحصول على وديعة مالية سعودية بعد فشل الحصول عليها طوال الفترة الماضية بسبب وجود عديد الاشتراطات للحصول عليها، من ضمنها تنفيذ الحكومة برنامج البنك المركزي اليمني في عدن للإصلاحات النقدية والمالية والمصرفية والاقتصادية،
بعد مماطلة وتلكؤ لفترة طويلة من قبل الحكومة التي وافقت منذ نحو 15 يوماً على التنفيذ بالاشتراك مع البنك المركزي.
هذا البرنامج الخاص بالإصلاحات يعتبر أيضاً من ضمن اشتراطات صندوق النقد الدولي الذي رفض طلباً حكومياً منذ نحو خمسة أشهر لتخصيص منحة مالية لليمن،
كي توضع في البنك المركزي اليمني في عدن لتمويل استيراد السلع الأساسية، وتوفير الدولار لتغذية احتياجات السوق المصرفي لتهدئة انهيار واضطراب العملة خلال الفترة الماضية، وأيضاً رفضه ضم اليمن إلى برنامج المساعدات العاجلة التي يقدمها الصندوق للدول المتضررة من النزاعات.
ويقول النجار إن برنامج الإصلاحات الذي شرِع في تنفيذه يحظى بدعم واهتمام دولي وإقليمي، وهو أمر مهم للغاية لحصول اليمن على المساعدات الدولية، مشدداً على حاجة اليمن لمنحة أو وديعة لأن ما يمتلكه من إيرادات واقتصاد ريعي من موارد الموازنة على صادرات النفط لا بغطي سوى ما بين 20 و30% من الالتزامات الحتمية.
من جانبها، أكدت المصادر أن الوديعة السعودية مربوطة بجهود وتحركات المبعوث الأممي إلى اليمن في الملف الاقتصادي وتنفيذ خريطة الطريق المعلن عنها في نهاية العام 2023، وبطاولة الحوار التي يجب أن يذهب الطرفان إليها: الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيون.
محمد راجح