Logo

مبادرة سلام تتحول إلى تهمة.. دوافع اعتقال الدكتور حمود العودي في صنعاء

 اعتقلت جماعة الحوثي الأكاديمي والمفكر الاجتماعي الدكتور حمود العودي، رئيس مركز "دال" للدراسات الاجتماعية ورئيس تحالف السلم والمصالحة الوطنية، عقب طرحه مبادرة تدعو إلى وقف التصعيد وبدء مصالحة وطنية شاملة، وهو ما اعتبرته الجماعة تحركًا خارجًا عن سلطتها الفكرية والسياسية.
 
وذكرت مصادر مطلعة أن مركز "دال" الذي يرأسه العودي، درج منذ تأسيسه قبل نحو 17 عامًا على تنظيم لقاءات فكرية مفتوحة أسبوعيًا تُعرف بـ"منتدى الأحد"، يشارك فيها باحثون ومثقفون من مختلف التيارات السياسية والمذهبية، بما فيها عناصر من جماعة الحوثي نفسها.
 
وخلال لقاء الأحد الماضي، نوقشت عدة موضوعات، أبرزها التصعيد بين الحوثي والرياض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وملف المعتقلين والأسرى في عموم اليمن.

 وقد طُرحت خلال الجلسة مبادرة تدعو إلى وقف التصعيد وبدء مرحلة مصالحة وطنية تبدأ بإطلاق سراح جميع المعتقلين، وتم تزكية العودي والمهندس عبدالرحمن العلفي وأنور شعب لقيادة جهود تطوير المقترح عبر تحالف السلم والمصالحة.
 
وفي اليوم التالي، استدعى جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثي العودي والعلفي إلى مقره في حي حدة، غير أنهما اعتقلا فور وصولهما، وانقطع التواصل معهما منذ ذلك الوقت.

 كما اقتحمت قوة مسلحة مقر مركز "دال" وصادرت أجهزة ووثائق وبحوثًا، واعتقلت أنور شعب، مدير المركز وسكرتير التحالف.
 
ويرى مراقبون أن هذه الحملة تعكس توجس جماعة الحوثي من أي نشاط فكري مستقل يمكن أن يفتح باب النقاش حول مستقبل البلاد خارج نطاق سيطرتها،

 مشيرين إلى أن العودي لم يُعتقل لموقف سياسي، بل لأنه تحدث عن السلام في بيئة ترفض الحوار.
 
ويُعد الدكتور حمود العودي أحد أبرز المفكرين اليمنيين المعروفين بدعواتهم للتعايش ونبذ العنف، حيث ساهم منذ عقود في تأسيس مبادرات مدنية وأكاديمية تهدف إلى تعزيز ثقافة الحوار والمواطنة.

وأكد النائب البرلماني أحمد سيف حاشد أن اعتقال جماعة الحوثي للأكاديمي الدكتور حمود العودي ورفيقيه عبد الرحمن محمد العلفي وأنور خالد شعب يأتي في سياق إسكاتهم باعتبارهم من الأصوات البارزة الداعية إلى السلام الشامل والمصالحة الوطنية العادلة بين اليمنيين والمطالبة بدولة حديثة قائمة على المواطنة المتساوية والعدالة، وهو ما ترفضه جماعة الحوثي. 

وقال حاشد في تغريدة على منصة إكس رصدتها "النقار" بعنوان (إجراءات أمنية تهدد أصوات السلام والاعتدال): "​تم اعتقال كل من: ​الوالد عبد الرحمن محمد العلفي، ​الدكتور حمود صالح العودي، ​الأستاذ أنور خالد شعب، ​من قبل جهاز الأمن والمخابرات".

وأضاف: "نرى أن هذا الإجراء هو محاولة واضحة لإسكاتهم ومنعهم من المطالبة أو الدعوة إلى السلام الشامل والمصالحة الوطنية العادلة، و​تحذيرهم بشدة من أي تحركات نحو جولة حرب جديدة، لأن الحرب أصبحت تهديداً وجودياً لما تبقى من الدولة والمجتمع، والتأكيد على ضرورة بناء الدولة الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية والعدالة".

بدوره، قال المحلل والخبير العسكري محمد عبدالله الكميم إنَّ حملة الاتهامات التي تطلقها جماعة الحوثي ضد شخصيات سياسية وحزبية وعسكرية ما زالت في العاصمة صنعاء، تكشف عن حالة ارتباك وخوف داخلي تعيشها الجماعة، وتعكس هشاشتها الأمنية والفكرية.
 
وأوضح الكميم أن جماعة الحوثي تنظر بعين الريبة إلى كل من بقي في العاصمة من قيادات المؤتمر والإصلاح والمستقلين والعسكريين، وتعتبر وجودهم تهديدًا لسلطتها، وتتهمهم جزافًا بالعمالة أو الارتزاق أو التجسس، في محاولة لتبرير ممارساتها القمعية ضدهم.
 
وأضاف: "جماعة الحوثي ترى في كل يمنيٍ حرٍّ خطرًا عليها، لأنها عاجزة عن استيعاب أن هناك رجالًا بقوا لأنهم يرتبطون بالوطن لا بها، وبالأرض لا بالكهنوت، وبالكرامة لا بالعبودية."
 
وأكد الكميم أن جماعة الحوثي تعيش حالة خوف دائم من أي صوت وطني داخل العاصمة، حتى الصامتين منهم، معتبرًا أن من بقي في صنعاء هم أوتاد الصبر الأخيرة وأبناء اليمن الأحرار الذين سيشهدون نهاية المشروع الكهنوتي.
 
وأشار إلى أن جماعة الحوثي، بعقلية الشك والانتقام، تزرع الكراهية والحقد وتخلق ثارات جديدة مع كل جريمة ترتكبها، مشددًا على أن هذا النهج سيعجّل بسقوطها الحتمي، لأن صنعاء – بحسب تعبيره – “تكرههم وتنتظر لحظة الخلاص منهم.”

وجدد سياسيون وحقوقيون وناشطون إدانتهم الشديدة لإقدام جماعة الحوثي على اعتقال ثلاثة من الشخصيات الوطنية البارزة في اليمن، وهم الدكتور حمود العودي، والأستاذ عبد الرحمن العلفي، والأستاذ أنور خالد شعب، محملين إياها كامل المسؤولية عن تدهور أوضاعهم الصحية، حيث يعانون من أمراض مزمنة فضلا عن كون اعتقالهم يعد جريمة ضد الإنسانية، حسب ما ورد في البيان . 

وأكد البيان أن اعتقال الدكتور حمود العودي، الذي تجاوز الخامسة والثمانين من عمره ويعاني من ظروف صحية بالغة السوء، يمثل "جريمة ضد الإنسانية"، مشددا على أن أي نيابة تحترم القانون لا يمكن أن تقبل بسجن رجل في مثل هذا العمر والوضع الصحي.  

كما ذكّر البيان بأن العلفي فقد إحدى عينيه سابقا نتيجة منعه من السفر للعلاج، وأجرى أكثر من عملية قلب مفتوح ويحتاج إلى علاج دائم، فيما أوضاعه الصحية لا تسمح ببقائه رهن الاعتقال، وكذلك الحال مع أنور خالد شعب، فأوضاعه الصحية هي الأخرى "بالغة السوء".  

الحقوقيون والسياسيون شددوا على أن هؤلاء الثلاثة يمثلون جزءا من "الرصيد الوطني لصناعة السلام في اليمن"، نظرا لإسهاماتهم في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، ودورهم في فتح الطرقات المغلقة بين المحافظات.