Logo

جدل الهوية على منصة X في اليمن والخليج: كيف كشفت الميزة الجديدة التزييف وحروب التشويه؟

 أثار الجدل الأخير على منصة X  (تويتر سابقا) في اليمن ودول الخليج العربي بشأن هوية الأماكن والمواقع الجغرافية تفاعلاً كبيراً، خصوصاً مع ظهور الميزة الجديدة التي تتيح إظهار بلد المستخدم، 

مما كشف عن وجود حسابات يمنية، تقيم في دول أخرى تنتحل هويات ومواقع جغرافية سعودية بهدف تشويه صورة المملكة والمرأة السعودية.
 
التحديث التجريبي، الذي ظهر لساعات ثم اختفى ريثما يتم إصلاح الأخطاء، قدّم للمستخدمين نافذة معلومات غير مسبوقة عن أي حساب، تتضمن: بلد إنشاء الحساب وتاريخ إنشائه والدولة التي يُستخدم منها حالياً وعدد مرات تغيير الاسم
 
وخلال الساعات القليلة التي ظهرت فيها الميزة للجميع، تمكّن المستخدمون من كشف عدد كبير من الحسابات التي كانت تدّعي وجودها في دول معيّنة، بينما أظهر النظام أنها تعمل من دول أخرى مختلفة كلياً .
 
وتداول المستخدمون أمثلة لأشخاص جمعوا تبرعات باسم دولة معينة بينما هم في بلد آخر كلياً. كما برزت حالات لحسابات كانت تدّعي أنها «من دولة خليجية» ليتضح أنها تعمل من قارة أخرى.
 
ورغم أن التحديث يُنظر إليه كوسيلة فعّالة لكبح الحسابات الوهمية، إلا أنه أثار جدلاً واسعاً وإرباكاً لدى كثيرين، حيث عبر ناشطون عن الخوف من أن يُستخدم كشف البلد لملاحقتهم،

 وآخرون تساءلوا عن دقة تحديد الدولة بوجود الـVPN، لكن «إكس» أوضحت أن المستخدم يمكنه اختيار عرض الدولة أو المنطقة الجغرافية فقط، 

وسط معلومات أفادت أن الحسابات التي تخفي الدولة سيظهر عليها مؤشر خاص، وأن المنصة قد تكشف استخدام الـVPN بعلامة تحذيرية للمستخدمين الآخرين.
 
ويقول نيكيتا بير، رئيس قسم المنتجات في "إكس"، إن الميزة ستكون "ثورة في التحقق من هوية الحسابات"، لأنها تمنح المستخدمين القدرة على معرفة ما إذا كان الحساب يدّعي وجوده في مكان غير حقيقي، والتمييز بين الحسابات البشرية والآلية، وكشف الحسابات المموّلة.
 
ووفق خبراء التقنية، فإن هذه الخطوة تعكس توجهاً عالمياً نحو الهوية الرقمية الشفافة في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث يصبح إخفاء الموقع الحقيقي أصعب بكثير.
 
ورغم الجدل الدائر، فإن التحديث الجديد لـ«إكس» الجديد قد يغيّر قواعد اللعبة، حيث سيُسهم في تعزيز الثقة بين المستخدمين، وفي الوقت نفسه سيفضح الحسابات الوهمية المتخفية وراء هويات غير حقيقية ويكشف نشاط الحسابات الآلية.
 
وتأتي هذه الخطوة ضمن توجه منصة "إكس" لتقوية الثقة الرقمية في زمن تتزايد فيه الحسابات الوهمية والمعلومات المضللة، حيث أصبحت معرفة بلد الحساب أداة مهمة للمستخدمين لتقييم مصداقية مَنْ يتحدث أو ينشر.
 
وعلى الرغم من عدم إعلان الشركة رسميًا عن إطلاق ميزة تكشف موقع المستخدم، إلا أن ما لاحظه عدد كبير من الحسابات أثار نقاشًا حادًا حول الخصوصية، ودقة البيانات، وآثار ذلك على النقاشات العامة.
 
وكشفت الميزة عن آلاف الحسابات الوهمية والمُسيّسة المُدارة من خارج البلاد بغرض التلاعب بالرأي العام. هذه الشفافية الجديدة أربكت الحسابات التي ادعت تمثيل الرأي العام اليمني وساعدت في تقويض حملات التشويه وحروب التضليل الإعلامي. بما يعرف بالذباب الالكتروني.
 
وفي اليمن كشفت الميزرة العديد من الحسابات الوهمية والمُسيّسة التي كانت تشارك في حملات تزييف وتشويه إعلامي.
 
ويشير محللون في الإعلام الرقمي إلى أن بعض الحملات التي شهدتها المنصة خلال السنوات الماضية اعتمدت على حسابات غير موثقة أو غير واضحة الموقع، ما جعل كثيرين يربطون بين موضوع “تحديد المواقع” وبين إمكانية تتبع الحسابات التي تثير الفتنة أو تحرّض على دول أخرى.
 
كما اكتسب الموضوع في اليمن ومنطقة الشرق الأوسط، بُعدًا آخر، إذ تزامن مع ملاحظات حول نشاط حسابات تُستخدم لإثارة التوتر بين دول وشعوب المنطقة.
 
ومن ضمن هذه الحسابات شخصيات غير موثقة أو غير واضحة الموقع، على أنها تعمل من اليمن، وظهر أنها تقيم من دول أخرى كالإمارات والسعودية وعواصم ومدن دول عربية وأجنبية، تعمل ضمن أجندات دولية وإقليمية.
 
وفي السياق كتب مصطفى القطيبي، إن انكشاف المواقع الحقيقية كشف المستور: حسابات بأسماء نساء خليجيات ويمنيات تُدار من غرف مغلقة في صنعاء، هدفها الإساءة للمرأة والخليج واليمن والمجتمع كله".
 
من جانبه قال هيثم الكاسبي "بعد تفعيل منصة X لخاصية إظهار موقع ودولة الحسابات، اتضح أن أغلب الحسابات الوهمية والمحتوى غير الأخلاقي مصدره من اليمن، في مشهد يفضح حجم الفوضى والانحدار الإلكتروني والأخلاقي هناك".
 
وأضاف "واقع يستدعي وقفة جادة لكشف هذه التجاوزات وتنظيف المنصات من تلك الممارسات الساقطة".
 
د. سويد العبكل يرى أن ما يحدث اليوم ليس مجرد كشف مواقع بل لحظة تكشف طبيعة المشروع نفسه، لحسابات تُدار من الخارج.
 
وقال "ما كشفه X اليوم يربط المال بالمنصّات المزوّرة في خط واحد. ومن يسأل عن أهداف ذلك فلينظر إلى الشبكات التي انفضحت مواقعها اليوم. الحسابات التي ظهرت على سبيل المثال وليس الحصر بواجهات كويتية وسعودية وإماراتية ومصرية، تُدار من دول خارجية تسعى لشق وحدة الصف وهزّ ثقة المواطن بنظامه".
 
وأضاف: ليست فوضى رقمية بل بنية منظّمة تقوم على: تمويل خارجي من أموال التبرعات، مراكز تنسيق، وهويات مصنوعة لخدمة هدف واحد: ضرب الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته".
 
وتابع "المال الذي خرج والمنصّات التي نطقت من خلف الحدود، لم يكونا عملاً عشوائياً ولا صدفة، بل خطّاً واحداً يبدأ بالتمويل وينتهي بالتأثير".
 
وأردف "اليوم، مع انكشاف المواقع، لم تتساقط حسابات بل انكشف المسرح كله؛ وتبيّن أن الأصوات التي ادّعت الغيرة، والوجوه التي تزيّنت بالوعظ، والمنابر التي حرصت أن تُوقِع الدول فيما بينها، والخطابات التي تخفّت خلف شعارات الدين والوطن، لم تكن إلا أقنعة على دمى تُحرّكها خيوط خارج الضوء".
 
وختم د. سويد العبكل تدوينته بالقول "سقط الستار وانكشفت الحقيقة بلا تزيين، بلا صوتيات، بلا تمويه".
 
الباحث خالد صافي قال خاصية اكس الجديدة فضحة البنى الخفية للجيوش الإلكترونية، قفي السنوات الأخيرة، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى سلاح استراتيجي مؤثر يُستخدم في الصراعات السياسية والفكرية، وأصبحت جزءًا من ميدان الحرب الناعمة ضد الشعوب، وضد كل من يقف في وجه الأنظمة القمعية والصهيونية العالمية.
 
وأضاف "أمام هذا الواقع، بدأت أنظمة وجماعات أيديولوجية بتشكيل جيوش ضخمة من الحسابات الوهمية تعمل بشكل منهجي ومحترف بهدف:

- مهاجمة القيم والمبادئ والرموز الإيجابية.

- تقويض الثقة في الإسلام كدين وهوية حضارية.

- مهاجمة كل من يناهض المشروع الصهيوني عالميًا.

- تشويه التيارات والأحزاب الإسلامية خشية من نفوذها الشعبي.

- تكريس صورة قداسة الأنظمة الفاسدة وأذرعها.

- تشويه صورة المقاومة الفلسطينية لصالح المحتل المجرم.

- تضخيم إنجازات دعائية وهمية لتضليل الرأي العام.

- اغتيال معنوي للشخصيات والعلماء والدعاة.
 
وقال الصافي "نحن أمام حرب رقمية مركّبة هدفها: تفكيك الوعي الجمعي العربي. تشويه الحقائق وتزييف الوعي. تدمير الروابط الدينية واللغوية والإنسانية. صناعة صراعات بين الشعوب، وتهيئة بيئات خصبة لفتن إقليمية قد تتطور إلى صدامات مستقبلية.
 
وأكد أن هذا ليس نشاطًا عشوائيًا، بل هندسة وعي معاكسة تستثمر فيها حكومات وأجهزة استخبارات وشبكات مصالح عابرة للحدود. مشيرا إلى أن الحل: الوعي هو خط الدفاع الأول.
 
وقال "ما يحدث ليس مجرد ظاهرة رقمية، بل مشروع ضخم لإعادة تشكيل العقول والولاءات وتفكيك العالم العربي من الداخل".