فرص تمديد الهدنة باليمن بين الخروقات والانقسامات

رغم التجديد المتكرر لهدنة بين الأطراف المتصارعة في اليمن، إلا أن احتمالات تمديد هذه الهدنة وجعلها دائمة ضمن تسوية سلمية للنزاع اليمني لا تبدو في المتناول للآن نتيجة لاستمرار الخروقات والانقسامات بين أطراف صراع يمنية عدة على الساحة.

ومن طهران، أعلن محمد عبد السلام مسؤول ملف المفاوضات في حركة الحوثي، عن أربعة شروط لقبول الجماعة باستمرار الهدنة الأممية التي ترعاها الأمم المتحدة منذ 2 أبريل/ نيسان الماضي، وجرى تمديدها لثلاث مرات آخرها في 2 أغسطس/آب الماضي.

والشروط الأربعة هي التطبيق الصحيح لبنود الاتفاق ورفع الحصار عن الموانئ والمطارات وإيقاف الحرب ودفع رواتب الموظفين من ميزانية الحكومة الشرعية.

وتأمل الأطراف الإقليمية والدولية أن تنجح مساعي البعثة الأممية في إرساء أسس جديدة لهدنة تفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار في كافة أنحاء اليمن، للسماح بمفاوضات سلام شامل يستطيع إنهاء 8 سنوات من حرب خلّفت معاناة إنسانية هائلة.

تزداد الحاجة لهدنة منتهية بالسلام، في ظل واقع يؤكد عجز طرفي الصراع عن حسم الحرب عسكريا، الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف، وحركة الحوثي المدعومة من إيران.

تدرك الأمم المتحدة حقيقة الدور الإيراني في الحرب باليمن وقدرة طهران على تثبيت الهدنة المؤقتة أو تمديدها، وحث حركة الحوثي على إنهاء الحصار على محافظة تعز، وهو أحد البنود التي التزمت بها الحكومة الشرعية المعترف بها من المجتمع الدولي.

في 4 سبتمبر/ أيلول الجاري، زار المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبورغ العاصمة الإيرانية، والتقى وزير الخارجية أمير عبد اللهيان بهدف وقف التصعيد وفتح الطرقات في تعز، والعمل على تثبيت الهدنة وبحث سبل إحلال السلام في اليمن.

إن الوقف الدائم لإطلاق النار في اليمن وفق تصريحات الوزير الإيراني يعتمد على "إلغاء كامل الحصار"، وهذا لا يعني فك الحصار على تعز، إنما رفع أي قيود على حركة الشحن والتجارة والوقود ونقل الأسلحة وما إلى ذلك عبر الموانئ والمطارات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وخلال يوم واحد فقط، أعلن الجيش التابع للحكومة (مجلس القيادة الرئاسي) في 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، عن ارتكاب حركة الحوثي 16 خرقا للهدنة الأممية في جبهات محور تعز العسكري، تنوعت بين استهداف مواقع الجيش بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والطيران المسيّر في كافة الجبهات.

في مقابل هذا الوضع الميداني، تطغى الخلافات والانقسامات في صفوف الجبهة المناهضة لحركة الحوثي، وهي جبهة متعددة الأطراف بعضها يدين بالولاء لقوى إقليمية أو دولية.

ويتحدث المجلس الانتقالي الجنوبي في بيانات سياسية عن رغبته تطبيق اتفاق الرياض ومقتضيات تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، عبر نقل كل القوات في وادي وصحراء محافظة حضرموت (شرق) إلى خطوط التماس مع الحوثيين، وتسليم مهام الإدارة الأمنية والعسكرية للسلطات المحلية وقوات النخبة الحضرمية.

لكن حزب الإصلاح" الإخوان المسلمين" وبعض القادة السياسيين والعسكريين يرفضون ذلك ويعتبرونه تمكينا للمجلس الانتقالي وخطوة نحو الانفصال بين الشمال والجنوب.

ويؤدي إضعاف الجبهة المناوئة لحركة الحوثي إلى خلق مساحة أوسع من المناورة تستفيد منها الجماعة لفرض شروطها في أي مفاوضات جديدة لتمديد الهدنة المؤقتة التي ستنتهي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

قدمت الحكومة اليمنية بالتنسيق مع التحالف تنازلات كثيرة على أمل التخفيف من المعاناة الإنسانية لجميع اليمنيين.

رغم ما يمكن أن تحققه حركة الحوثي من مكاسب مالية أو إمكانية الالتفاف على منع وصول الأسلحة، إلا إن الحكومة اليمنية وافقت على فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية لوجهات سفر محددة، والسماح لسفن الوقود بالدخول إلى ميناء الحديدة وتفريغ حمولتها، وهو ما يصب في دعم القدرات القتالية للجماعة.

في مقابل ذلك، رفضت حركة الحوثي فتح الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز التي تخضع لحصار مستمر منذ سبع سنوات.

كان رفع الحصار عن تعز أهم بنود اتفاق الهدنة المؤقتة، بل قد يكون من بين أهم دوافع التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية التي قبلت بشروط الحوثيين.

ربما لم تحقق الهدنة المؤقتة إلا القليل على الصعيد الداخلي، لكنها أوقفت عمليا أي هجمات بالطائرات المسيّرة أو الصواريخ البالستية على الإمارات والسعودية، حيث كانت الرياض تصد خلال السنوات الأخيرة مئات الضربات التي استهدفت مرافق حيوية في العمق السعودي.

أبقت الهدنة المؤقتة التي افتقرت لآليات المراقبة الأممية، على الواقع العسكري "المتفوق" ميدانيا لحركة الحوثي.

ويرى خبراء أن جماعة الحوثي خلال الأشهر الخمسة من الهدنة واصلت تخريج دفعات من المتدربين، كما استمرت في تطوير أسلحتها وإعادة نشر قواتها وبناء التحصينات الدفاعية استعدادا لمرحلة ما بعد انتهاء الهدنة المؤقتة.

عدن الغد