ألوية درع الوطن.. هل تواجه الحوثيين أم تستعيد بها السعودية الزمام من الإمارات؟

أثار إصدار رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي"، الأحد، قرارا بإنشاء قوات عسكرية جديدة تحت مسمى "درع الوطن" جدلاً واسعاً.

حيث اعتبر البعض أن الخطوة تهدف إلى محاصرة واحتواء القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي المدعومة من الإمارات، فيما أكدت صفحة منسوبة لهذا التشكيل أنها تستهدف جماعة الحوثي.

وبموجب القرار الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، تكون "قوات درع الوطن" احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة (أي العليمي).

وينص أيضا على أن "يحدد القائد الأعلى للقوات المسلحة عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها في أمر عملياتي يصدر عنه".

كما يفرض القرار على هذه القوات "أن تلتزم بقانون الخدمة في القوات المسلحة، والقوانين ذات الصلة، وبتوجهات القائد الأعلى للقوات المسلحة".

وذكرت الوكالة أن "العليمي" أصدر قرارا بتعيين العميد "بشير سيف الصبيحي" قائدا لقوات درع الوطن، وهو أحد قادة المقاومة الجنوبية ضد تحالف "الحوثيين – صالح" في 2015، كما شارك كقيادي ميداني في معركة قاعدة العند الاستراتيجية.

وهذه القوة العسكرية ليست جديدة بل وجدت قبل القرار الجمهوري الرسمي، حيث أنشئت في منتصف العام 2022 باسم "ألوية العمالقة الجديدة".

وفي 19 سبتمبر/أيلول الماضي، تم الإعلان عن اسمها الجديد بصورة غير رسمية، وحمل اسم "قوات درع الوطن".

واستند رئيس المجلس الرئاسي اليمني في قرار تشكيل القوة إلى إعلان نقل السلطة في 7 أبريل/نيسان الماضي، الذي جعل من اختصاصات رئيس مجلس القيادة الرئاسي قيادة القوات المسلحة.

وتشبه "درع الوطن" في تشكيلها تشكيل قوة الحماية الرئاسية التي أعلن عنها الرئيس اليمني السابق "عبدربه منصور هادي" في أغسطس/آب 2012، والتي كانت تتبع "رئاسة الجمهورية".

وحسب وسائل إعلام يمنية، فإن قوات "درع الوطن" شكلتها السعودية، وتتألف من 7 ألوية عسكرية معظمها من السلفيين، تم تدريبها في محافظات عدة جنوبي البلاد.

وتقول المصادر إن هذه التشكيلات حالياً تتكون من أكثر من 9 آلاف مقاتل، مع عمليات مستمرة للتجنيد والتدريب وتشكيل ألوية جديدة.

ويتركز انتشار هذه التشكيلات في محافظتي لحج والضالع، بالإضافة إلى ألوية قيد التشكيل في محافظات جنوب اليمن الأخرى، مثل اللواء الخامس في محافظة حضرموت بقيادة "فهد سالم بامؤمن"، طبقاً للمصادر.

وزعمت مصادر عسكرية، أن بعضا من هذه الألوية تم إلغاؤها، وهو ما نفاه "علي الذناني" أحد المسؤولين العسكريين في "درع الوطن".

ويقول: "لدينا ثلاثة ألوية في محافظة لحج، ولواء واحد في كل من الضالع، وعدن، وأبين، وحضرموت.. جميع قواتنا متواجدة على الأرض وكثير منها في طور التدريب".

ويتابع: "الألوية التي تمّ تجهيزها حتى الآن 7، ويجري تجهيز 7 ألوية أخرى ضمن المرحلة الثانية، و7 ألوية أخرى ضمن المرحلة الثالثة أيضاً."

وعن طبيعة مهام هذه التشكيلات، يقول "الذناني" إنها "لم تتسلَّم أي مهام حتى الآن".

ويضيف: "لا زلنا في الوقت الراهن ندرّب قواتنا وفي طور تجهيزها تجهيزا عسكرياً منظّما، لتوجيهها إلى جبهات القتال".

وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصلت عشرات المركبات العسكرية السعودية إلى محافظة لحج، ضمن الدعم المقدم لقوات "درع الوطن".

وقبل ذلك، بنفس الشهر، وصل "وفد سعودي رفيع من قيادة التحالف" لتفقد اللواء السابع - درع الوطن في محافظة الضالع، وفقاً للإعلام الرسمي لهذه القوات. 

ويوضح "عبدالله هريش" ركن عمليات اللواء السابع في "درع الوطن"، أن مقاتليهم "ينتشرون في أقرب المناطق الحدودية مع الحوثيين، مثل: البيضاء، والضالع وفي الصبيحة بلحج".

ويؤكد على الدور السعودي في التأسيس، ويقول: "لقد أنشأ التحالف قوات درع الوطن كامتداد للألوية المرابطة في الساحل الغربي. نتلقى الدعم من التحالف ممثلا بالمملكة العربية السعودية."

ويضيف: "لقد تم إنشاء الألوية من عامة الناس ومختلف طوائفهم؛ إلا أنَّ السواد الأعظم منهم ينتمون إلى التيار السلفي".

ويعتقد "هريش" أن التحالف "يثق بالسلفيين الذين يواجهون الحوثيون عقديا".

ويطرح الإعلان رسميا عن التشكيل العسكري بعد زيارة طويلة لـ "العليمي" إلى السعودية استمرت نحو شهرين، أكثر من علامة استفهام من حيث الغرض من ذلك، طالما أن هناك جيشا اسمه "الجيش الوطني"، وأيضا من حيث التوقيت في ظل علاقة المجلس الانتقالي الجنوبي بالرياض التي يشوبها الفتور إن لم يكن التوتر.

كما أن إصرار "العليمي" بقراره الجمهوري على أن تكون هذه القوات تتبعه مباشرة، ولا تتبع المجلس الرئاسي كله أو حتى تتبع وزارة الدفاع حسب الدستور، دفع البعض إلى الاعتقاد بأن الغرض من هكذا تشكيلات قتالية، هو محاصرة القوات الجنوبية واحتواؤها، بعد أن استعصى على القوى المحلية والإقليمية الإجهاز عليها باسم الهيكلية.

ووفق مراقبين، فإن إغراق الساحة الجنوبية بهذه التشكيلات يستهدف القوات الجنوبية ومن خلفها القضية السياسية الجنوبية برمتها وبالضرورة أيضا المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً.

وأكدت مصادر يمنية أن السعوديين يسعون إلى كسب وتعزيز النفوذ جنوب البلاد، في ظل تعاظم التنافس مع الإماراتيين الذين نجحوا في تعزيز حضورهم في المناطق الساحلية اليمنية، عند خطوط الملاحة البحرية في خليج عدن ومضيق باب المندب، باتجاه القرن الأفريقي.

يقول الباحث والمحلل العسكري "علي الذهب"، إن "تشكيل قوات درع الوطن في هذا التوقيت يأتي لخلق توازن داخلي بين الإمارات والسعودية وخارطة سيطرتهما في البلاد".

ويضيف أن "قرار المجلس الرئاسي الذي صدر أمس بتشكيلها لا يعني شيء سوى إضفاء الطابع القانوني على تلك القوات".

ويوضح أنه ليس هناك علاقة بين نجاح أو إخفاق اللجنة العسكرية في توحيد القوات المسلحة وبين قرار تشكيل قوات "درع الوطن"، لأنه قد تم تشكيلها الفعلي منذ وقت طويل.

ويذكر "الذهب" بأن الرئيس السابق عبده ربه هادي أصدر نفس هذا القرار بتشكيل قوات "الدعم والإسناد"، لكنها في نهاية المطاف تمردت واتخذت نهجًا إنفصاليًا في إشارة إلى ولاءها للمجلس الانتقالي.

ويلفت إلى أنه عندما يأتي الحديث عن تلك القوات "الدعم والإسناد" يقول "الانتقالي" بأنها أنشئت بقرار رئاسي، ويفرضها الانتقالي كقوات نظامية.

وفي المقابل، يذهب شق آخر إلى أنها تستهدف الجماعة الحوثية المدعومة، حيث أشاد الصحفي "عبدالله آل هتيلة" المقرب من عملية صنع القرار في السعودية بقرارات "العليمي"، عبر حسابه على "تويتر"، قائلا "القرارات التي أصدرها رئيس مجلس القيادة الرئاسي ‎اليمني رشاد العليمي تشكل دعما عسكريا وأمنيا غير مسبوق للجمهورية اليمنية".

ويضيف "آل هتيلة" الذي يشغل منصب مساعد رئيس التحرير في صحيفة "عكاظ" (حكومية): "ننتظر المزيد من القرارات في مواجهة المشروع ‎الإيراني وميليشياته الحوثية".

ويحذر "آل هتيلة" في تغريدات أخرى من الانفلات الأمني بجنوب الوطن ومن القوى الداعمة للفوضى وتفكيك اليمن، داعيا إلى إحلال الأمن والسكينة في مناطق الشرعية ومواجهة الحوثيين الذين يشكلون الخطر الأكبر لليمن والمنطقة.

في المقابل، وفي بيانات نشرتها صفحة منسوبة لهذه التشكيلات، قالت "درع الوطن" إنَّ هدفها الرئيسي هو قتال الحوثيين.

كما نفت صلتها بتشكيلات عسكرية أخرى دعمتها السعودية في شمال اليمن مثل "ألوية اليمن السعيد"، وهي تشكيلات مكونة من مقاتلين سلفيين وقبليين انتشرت في بعض المناطق بمحافظة مأرب وسط البلاد.

ويرى مستشار الشؤون العسكرية العميد ركن "ثابت صالح"، أن إنشاء هذه التشكيلات العسكرية بدعم سعودي يأتي نتيجة لـ"عجز الجيش الوطني" ضد الحوثيين.

ويقول: "التحالف أدرك مُتأخراً أن هذا الجيش الذي يسيطر عليه حزب الإصلاح والمخترق من قبل الحوثيين لن يُحرّر محافظات الشمال".

ويضيف: "التحالف لم يجد أمامه قوة جادّة ومخلصة لمحاربة الحوثيين غير القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها، ولخلق نوع من التوازن، جرى تشكيل ألوية درع الوطن".

ويزيد: "إنها الوجه الآخر لألوية (اليمن السعيد) التي أعلن عنها متحدث التحالف الركن تركي المالكي، عقب تحرير ألوية العمالقة الجنوبية لمديريات بيحان في شبوة، ومديرية حريب في مأرب".

ويصف مسؤولون في "درع الوطن" علاقتهم بالقوات الجنوبية، بما فيها ألوية العمالقة الجنوبية، بـ"المتينة والقوية".

معارضون ومؤيدون.. قرار رئاسي بإنشاء قوات "درع الوطن" يثير تفاعلاً كبيراً

وأثار قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بإنشاء وحدات عسكرية تحت اسم "قوات درع الوطن"، جدلًا واسع النطاق على مواقع التواصل الإجتماعي مابين مؤيد ومعارض.

واعتبر مواقبون بالشأن اليمني، أن تأسيس "قوات درع الوطن" يأتي بهدف "تضييق الخناق على القوات  الموالية للإنتقالي". فيما أكد البعض على انها "قوة تمثل فاصلاً مهماً في مسيرة الحرب اليمنية" ودعما لحضور مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال الكاتب السياسي ياسين التميمي، إن تأسيس قوات "درع الوطن"، تمثل فاصلاً مهماً في مسيرة الحرب اليمنية التي يكتنفها الغموض وتغلب عليها الاضطرابات والمفاجآت، مشيراً إلى أن إنشاء القوات يأتي ضمن مهام التحكم الكلي بالحرب ونتائجها الجيوسياسية. حد تعبيره.

وأضاف التميمي، أن قوات درع الوطن، أسست عملياً إلى الفترة التي تشكل فيها مجلس القيادة الرئاسي، وكانت تحمل مسمى" قوات العمالقة الجديدة" أي ان قوام هذه القوات تم جلبه من قوات العمالقة السلفية.

وأعتبر، أن لا غرابة في أن تنتشر ألوية ومناطق قوات درع الوطن من قاعدتها الرئيسة في العند في كل من الضالع ووادي حضرموت، وسط توقعات بأن تنتشر  أيضاً في مناطق أخرى ضمن هذا النطاق الجغرافي.  

وأضاف، أن الرئيس "رشاد العليمي" لديه من الخبرة الأمنية والعسكرية والحس القيادي بما يسمح له بتعزيز البعد الوحدوي لهذه القوات عبر تطعيمها بعناصر وقيادات وطنية مهنية من مختلف مناطق اليمن؛

لافتاً، بان هذه الخطوة ستكون معياراً لمدى جدية السعودية في دعم الرئيس وتحويل هذه القوات إلى درع اليمن وليس إلى مجرد قوات ردع مكافئة لفوضى القوات والميليشيات والمشروع الانفصالي الذي يكاد يخرج عن السيطرة بفعل الإسناد الإماراتي.

وأوضح، إن لا شك بأن تكون ردود الأفعال غاضبة من قبل أنصار الانتقالي تجاه صدور قرار رئاسي بتشكيل قوات درع الوطن. معتبراً إن رد الفعل هذا يكشف مخاوف المجلس الانتقالي وأنصاره وداعميه من تشكيل هذه القوات الآتية من خارج المشروع الانفصالي رغم هويتها الجنوبية. حد وصف التميمي.

من جانبه، قال الصحفي والسياسي "صلاح السقلدي" إن الغرض من إنشاء قوات عسكرية جديدة خارج سياق ما يُعرف بـ"الجيش الوطني" هو محاصرة "القوات الجنوبية" واحتوائها.

وأضاف السقلدي، أن تأسيس قوات "درع الوطن" يأتي لإغراق الساحة الجنوبية بهكذا تشكيلات عسكرية، التي بدورها تستهدف القضية السياسية الجنوبية برمتها وبالضرورة أيضًا المجلس الانتقالي الجنوبي. حد تعبيره.

وأكد، على أن قوات "درع الوطن"، أُسست بعد أن استعصى على القوى المحلية والإقليمية الإجهاز على "القوات الجنوبية" باسم الهيكلة. لافتاً بأن تشكيلها تم تحت إشراف وتمويل سعودي.

وبيّن، أن العلاقة بين السعودية والمجلس الانتقالي يشوبها "الفتور" إن لم يكن "التوتر"، مشيرًا إلى أن الإصرار على أن تتبع قوات "درع الوطن" الرئيس العليمي مباشرةً وليس المجلس الرئاسي أو وزارة الدفاع يؤكد أن الهدف هو "رأس القضية الجنوبية"؛

مشيراً، إلى أن قرارًا كهذا اتخذ دون التشاور مع أعضاء المجلس الرئاسي -بحسب قوله- رغم أن المجلس تأسس على التوافق في اتخاذ القرارات.

في المقابل، يرى عدد من المراقبين السياسيين أن إنشاء قوات "درع الوطن" يأتي بشكل اضطراري بعد أن غابت قوات متخصصة بحماية الرئاسة اليمنية، في ظل سيطرة المجلس الانتقالي على القوات المتواجدة بعدن.

وفي هذا الشأن، يعتقد الناشط السياسي ورئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد، أن مهام وأهداف إنشاء قوات درع الوطن التي جاءت بقرار جمهوري من الرئيس العليمي، تكمن في إيجاد قوات حماية رئاسية "عابرة للمناطقية".

وأكد الناشط عبدالسلام، أن قوات درع الوطن جرى بنائها وتدريبها تدريبًا خاصًا وملائمًا لتكون قوات حماية رئاسية بعيدة عن سيطرة المناطقية؛

مشيراً، إلى إن مهمة هذه القوات هو الانتشار في العاصمة المؤقتة عدن لتأمينها وحماية المجلس الرئاسي والحكومة ومؤسسات الدولة. حد تعبيره.

ومنذ شهور عديدة، شهدت مدينة عدن والمحافظات الجنوبية في اليمن، تحركات لتسجيل الشباب الراغبين بالالتحاق بقوات "درع الوطن"، من كافة التخصصات العسكرية والفنية والهندسية، وحتى الإعلاميين وأصحاب المهن الأخرى.

ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.

واشتد النزاع منذ مارس/آذار 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.