"حرب بيولوجية إمامية" تعيد اليمن الى زمن الأوبئة.. "الحصبة" تواصل حصد أرواح الأطفال

 يواصل مرض "الحصبة" منذ أسابيع، حصد أرواح العشرات من الأطفال في مختلف مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، فيما تواصل سلطة الميليشيا سياسة التكتم حول المرض.

ووفقا لتقارير طبية، فإن حالات انتشار الأوبئة ومنها الحصبة تتزايد يوم لآخر، في محافظة حجة، وكذا في مناطق عدة بالعاصمة صنعاء التي سجلت فيها عشرات حالات إصابة بالحصبة الألمانية، وسط تكتم ومنع الحوثيين الحديث حولها حتى لا ينفضح أمرهم.

وتشن ميليشيا الحوثي حملة منظمة خلال الأشهر الماضية ضد اللقاحات تحت مزاعم أنها "مؤامرة أميركية صهيونية" تستهدف اليمنيين، وهو ما أسهم مؤخراً بعودة انتشار عدد من أمراض الطفولة القاتلة في مناطق سيطرة الجماعة، وباعتراف الجماعة ذاتها.

ونظمت الميليشيات بصنعاء، ندوة بعنوان "خطورة اللقاحات على البشرية" بحضور عديد من قياداتها، على رأسهم رئيس حكومة الحوثي عبدالعزيز بن حبتور ووزير الصحة، الذي قال إن اللقاحات وجرعات التحصين "سموم ومؤامرة يهودية وفكرة شيطانية تهدف إلى قتل ملايين البشر".

في الندوة ذاتها شارك وزير الصحة في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) طه المتوكل، قائلاً إن وزارته تعتبر "اللقاح ليس إلزامياً بالمطلق"، وإن "من يصر عليه ويطالب به نمنحه إياه على أن يتحمل المسؤولية".

وكانت الحكومة اليمنية ومنظمات حقوقية اتهمت الحوثيين بحظر اللقاحات، ما تسبب في عودة انتشار أمراض مثل شلل الأطفال والحصبة، مع تسجيل العديد من الحالات مؤخرا خصوصا في محافظتي حجة وصعدة المعقل الرئيسي للميليشيا شمال وغربي البلاد.

حصاد يومي لأرواح الأطفال

وأكدت منظمة اليونيسيف، التابعة للأمم المتحدة، وفاة 15 طفلا في اليمن نتيجة إصابتهم بمرض شلل الأطفال، وأنه حتى منتصف2022، سجل إصابة ما يقارب 1400 طفل، مؤكدة ارتفاع معدلات الأمراض التي يمكن الوقاية منها، مشيرة إلى صعوبة وصول المرضى المحتاجين للرعاية، بسبب استمرار انعدام الأمن، والعوائق التي تفرضها المليشيات الحوثية على الفرق الطبية الدولية في مناطقها.

وذكرت تقارير طبية في صنعاء وحجة أن مئات الحالات المصابة بمرض "الحصبة الألمانية" في أوساط الأطفال تم تسجيلها خلال الأيام القليلة الماضية، وأن الوضع في مديرية المحابشة بمحافظة حجة أشبه بالكارثي.

وأكدت التقارير تسجيل أكثر من 50 حالة إصابة بالحصبة في مديرية المحابشة وحدها، خلال يوم واحد فقط، فيما ارتفعت حالات الوفاة بهذا الوباء في المديرية إلى 9 حالات، مؤكدة أن عزلة "حجر" تعد من العزل الموبوءة، ويجب أن يتم عزلها في حجر صحي.

وانتقدت مصادر طبية عديدة الدعوات التي أطلقتها المليشيات وتستمر في الترويج لها بأن لقاح الأطفال ضد الأمراض الفتاكة، ومنها الحصبة، يعد مؤامرة وحراما، وهي بذلك تستهدف قتل أطفال اليمن.

وناشد سكان محليون بمحافظة حجة (شمال) المنظمات الإغاثية والدولية إنقاذ أرواح مئات الأطفال المصابين، مؤكدين إن "قرى المرخام والعوارض والمغرز في منطقة حجر اليماني التابعة لمديرية المحابشة، تعد من أكثر مناطق المحافظة تضرراً من الوباء".

وفي محافظة ذمار، فقد اكدت مصادر طبية، ان مستشفى الوحدة التعليمي الجامعي بمعبر استقبل خلال الشهر الماضي اكثر من 126 حالة، منها عدد 58 حالة تم ادخالها الى قسم الرقود لتلقي العلاج ومتابعة الحالات بقسم رقود الاطفال.

وذكرت مصادر طبية، بمحافظة الجوف الخاضعة لسيطرة، مليشيا الحوثي الانقلابية، انه تم تسجيل اكثر من عشر حالات إصابة بالحصبة.

شهادة حية

وحذر طبيب في العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، من تحول مرض الحصبة إلى وباء متفشٍ بين الأطفال شبيه بوباء كورونا، في ظل الحملة التي تشنها الميليشيا ضد اللقاحات ومنع الوصول إليها.

وقال الطبيب في مستشفى الثورة العام بصنعاء جمال عبدالمغني في منشور على "فيسبوك" بأن مرض الحصبة في طريقه للتحول "من حالات مرضية يتم استقبالها في المستشفى إلى وباء متفشٍ بين الأطفال بشكل كبير جدا".

وحذر من تفشي مرض الحصبة بين الأطفال كوباء شبيه بما حدث مع فيروس كورونا، مطالباً بوضع خطط مدروسة لمنع ذلك ومنها السماح بدخول أكبر كمية ممكنة من اللقاحات وتنفيذ حملات تطعيم ميدانية إلى المنازل ضد أمراض الطفولة القاتلة.

تحذير دولي

وفي ظل صمت منظمة اليونسيف الأممية، عن جريمة منع سلطات الانقلابية للقاحات، أعلن رئيس منظمة "أطباء بلا حدود"، كريستوس كريستو، انتشار مرض الحصبة وسط الأطفال في محافظة حجة الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

وقال بيان صادر عن مكتب المنظمة في اليمن إن الرئيس الدولي للمنظمة زار مستشفى عبس العام في حجة، واطلع على أوضاع العديد من الأطفال المصابين بعدوى الحصبة.

وأشار البيان إلى أن الفريق الطبي أفاد بأن السبب الرئيسي في انتشار المرض يعود إلى الفجوة الكبيرة في اللقاحات الروتينية وانخفاض مستوى التطعيم بين الأطفال، خلال السنوات الأخيرة. 

ودعا كريستوس إلى توسيع نطاق التطعيم، مؤكدا أن المنظمة ستبذل الجهود لتوفير اللقاحات للجميع.

حرب بيولوجية

الدكتور اليمني، مروان الغفوري، قال ان "الحصبة من الأوبئة الخطرة على الحياة، وكانت اللقاحات قد وضعت لها حدا"، مشيرا الى ان "منع آل البيت اللقاحات بذريعة إنها مؤامرة صهيونية، ما هي الا تباشير كارثة تلوح".

وأضاف "الغفوري" في تدوينة على "فيسبوك": "يلقح الهاشميون أبناءهم، فهم يعلمون خطورة الامتناع عن اللقاحات"، مشيرا الى حملة جديدة ينفذها الهاشميون ضد علاجات الضغط والسكر، بحجة إنها منتجات بترولية.

وحذر الغفوري قائلا: "على العالم أن يفعل شيئا. هذه حرب بيولوجية ضد الناس، حرفيا".

جائحة وبيانات مرعبة

مصادر طبية في مناطق سيطرة المليشيا قالت ان "الوضع الوبائي الميداني مقلق جدا فقد عاودت الظهور الكثير من الامراض الوبائية التي يمكن الوقاية منها بالتحصين مثل الحصبة والدفتيريا والسعال الديكي وشلل الاطفال".

وقالت ان "عودة هذه الامراض مؤشر عن ضعف التغطية التحصينية وسيكلف النظام الصحي الهش اصلا تبعات جديدة واعباء لن يستطيع تحملها مستقبلا"، مشيرة الى ان "البيانات والتقارير الواردة من المرافق الصحية والمستشفيات مرعبة وتشير اننا في مرحلة تفشي المرض وهناك مخاوف ان تتحول الى جائحة ولذا بدات بعض الدول تطلب كرت التطعيم من الاشخاص الذين ياتون من اليمن".

وتابعت: "كان بالامكان تجنب كل هذا من خلال تحصين اولادنا ضد امراض الطفولة القاتلة، ولكن تحكم عقليات الكثير منا نظرية المؤامرة واننا مستهدفون من العالم ويشككون لماذا تحرص المنظمات والدول على ايصال اللقاح لكل بيت ما يعني ان لديهم مصلحة من ذلك بينما الحقيقة انهم يخافون على انفسهم خصوصا والعالم اصبح قرية صغيرة لكننا وللاسف يبدوا اننا نريد العيش خارج هذه القرية بالتصرفات التي قد تؤدي الى عزل اليمن عالميا بحجة انه اصبح مصدر للوباء".

الإمامة ومهمة عزل اليمن

الناشط اليمني حمزة المقالح، كتب تدوينة على "فيسبوك" قال فيها: "موجع ان يصبح اطفالنا عرضة لمخاطر الافكار المتخلفة التي تتزعمها عصابات الحوثي".

وأضاف: "في كل مرحلة تطل بها الامامة على اليمن تسعى جاهدة لعزل اليمن عن العالم الخارجي ، فرضت مصر شهادات تطعيم ضد شلل الاطفال لكل القادمين من اليمن".

واكد ان "الحوثي يسعى لاعادة المالط، والحصبة، وشلل الاطفال والجدري، والكتن، وكل الفيروسات القاتلة التي كانت تفني عوائل بكاملها كما في عهد الامامة"، منوها الى ان "هذه الامراض تجاوزتها البشرية بفعل اللقاحات واستطاع العهد الجمهوري ان يحقق نجاحات بهذا الجانب حتى قضى عليها بشكل تام".