اليمنيين العالقين في السودان .. سلموا من نار الحرب ليقتلهم الإهمال

 يدخل العالقون اليمنيون في السودان، أسبوعهم الثالث، اليوم الجمعة، في ظل وعود رئاسية وحكومية متكررة بسرعة إجلائهم وتطمينات ومقترحات سعودية، ومبادرات أجهضها التلكؤ والتباطؤ الرسمي غير المبرر، في إنهاء معاناة نحو 3 آلاف مواطن، يفترشون شوارع "بورتسودان" عاصمة ولاية البحر الأحمر، وعائلاتهم تتكدس في صالات أفراح، انتظاراً لعملية إجلاء طال انتظارها.

وقال رئيس اتحاد طلاب اليمن في السودان المهندس عفيف البراشي، إنه "للأسف لا يوجد أي موعد محدد لعملية الإجلاء حتى الآن، والحكومة لم توفر أي حل حتى الآن، فقط وعود متكررة، غير مضبوطة بزمن محدد، ولا آلية معينة سواءً من الحكومة أو من الجانب السعودي".

ومنذ 24 أبريل الفائت، نجحت لجنة طوارئ مشكلة من السفارة والاتحاد والجالية اليمنية، في إجلاء أكثر من 3 آلاف يمني من المدن السودانية التي تشهد مواجهات مسلحة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر (تبعد عن الخرطوم نحو 1800كم)، نجح 480 شخصا من هؤلاء، في مغادرة المدينة في دفعتين على متن سفينتين سعوديتين، ضمن الآلاف من رعايا الدول الذين أجلتهم المملكة إلى قاعدة الملك فيصل البحرية في مدينة جدة.

وتتهم لجنة الطوارئ الحكومة بعدم التنسيق مع الجانب السعودي لإجلاء العالقين، وتقول الحكومة إنها تنسق عملية الإجلاء مع الأشقاء، فيما يتهم اتحاد الطلاب والعالقون السلطات المعنية في السفارة والحكومة والرئاسة بالتخلي عنهم وتركهم يواجهون مضاعفات خطيرة للتكدس والازدحام في أماكن لا تصلح لإيواء الناس.

والأربعاء، اعتذرت الخطوط الجوية اليمنية، عن تشغيل رحلات لإجلاء العالقين من السودان، وبررت في ردها على خطاب مدير مكتب رئيس الحكومة اعتذارها بالمخاطر العالية للنقل الجوي والحظر المفروض من الجيش السوداني وما تعرضت له طائرات في بداية الحرب وأثناء عملية الإجلاء من حوادث، مؤكدة أن شركة التأمين رفضت تغطية هكذا رحلات.

وقال رئيس الاتحاد وهو عضو في لجنة الطوارئ الحكومية ، إن الطيران المدني جاء وأخلى العديد من الجاليات عبر مطار بورتسودان.. وتم منح تراخيص للطيران المدني لتسيير رحلات للسودانيين المعتمرين من السعودية إلى بورتسودان"، واصفا اعتذار طيران اليمنية عن تسيير رحلات لإجلاء العالقين بأنها "حجج واهية".

واتهم عضو لجنة الطوارئ، الجهات الرسمية بعدم القيام بدورهم "وعرقلة أي مبادرات وجهود خاصة (كمجموعة هائل سعيد، والمخلافي) الذين بادروا وتكفلوا، لكن هؤلاء معرقلون بموافقة الجانب الحكومي وترتيباته".

وأقر سفير اليمن في الخرطوم عمر المداوي، بعدم وجود أي مواعيد محددة لإجلاء العالقين المتواجدين في بورتسودان.

وقال المداوي في تصريح صحفي عقب لقائه مع والي ولاية البحر الأحمر في السودان د. فتح الله الحاج أحمد، إنه "إلى الآن ليست هناك مواعيد محددة لإجلاء اليمنيين، لكن يتم الترتيبات لقابل الأيام، لإجلاء اليمنيين إلى اليمن في القريب العاجل".

وأوضح السفير المداوي، الذي وصل في وقت سابق مدينة بورتسودان على متن إحدى السفن السعودية للإشراف على عملية الإجلاء، أن "عدد طالبي الإجلاء من الرعايا اليمنيين يقترب من 3 آلاف في مدينة بورتسودان وحدها".

ولدى وصوله لميناء بورتسودان كان السفير، تحدث مع بعض اليمنيين المنتظرين للإجلاء قائلا لهم، نحن لا نستطيع أن نعطيكم موعداً محدداً، بكرة أو غدا أو اليوم وعدد من سيغادرون، "هذا ليس في قدرتنا وإمكانيتنا، ولا نستطيع أن نعطي فيها كلمة معينه، لكن نسعى بجهد كبير وقوي ونعمل ليل نهار".

وأكد المداوي، أنه تم استكمال توثيق أسماء وبياناتهم طالبي الإجلاء في الكشوفات وتزويدها للجهات المعنية، موضحاً في فيديو متداول "أن عدد المسجلين في طلبات الإجلاء يزيد عن 3800 بما فيهم العالقون المنتظرون نقلهم من مدينة مدني".

وفي وقت سابق، أشار اتحاد طلاب اليمن في بيان له، إلى أن رئيس الاتحاد أبلغ يوم الثلاثاء، من رئيس مجلس الشورى الدكتور احمد بن دغر، عطفا على رد من مكتب رئيس مجلس القيادة، يفيد بأن الجانب السعودي تكفل بنقل 1300 من العالقين كدفعة أولى خلال اليومين القادمين، مؤكدا تسليم الجانب السعودي كشوفات كاملة وبيانات تفصيلية بذلك عبر نائب السفير وملحق شؤون المغتربين.

لكن هذه الوعود لم تنفذ وللأسف هذا اليوم الثاني الذي ينقضي ولم نجد أي شيء على ارض الواقع، يقول عمر المخلافي عضو لجنة الحصر والتنسيق التابعة للجنة الطوارئ.

ويضيف المخلافي : حتى هذه اللحظة لا يوجد موعد للإجلاء ولا برنامج زمني له، ولا كم سيستمر، وبالتالي لا يوجد شيء حقيقي على أرض الواقع ومعاناة الناس المنتظرين تزداد كل يوم سوءً".

رئاسة الوزراء ترفض اعتذار "اليمنية" وتوجيهات رئاسية بتسيير رحلات مباشرة لإجلاء اليمنيين المتكدسين في بورتسودان

وفي السياق رفضت رئاسة الوزراء اعتذار الخطوط الجوية اليمنية عن إجلاء العالقين في السودان، ووجهتها بتقديم عرض سعر وجدولة خمس رحلات عاجلة لإجلائهم من بورتسودان.

جاء ذلك في خطاب موجه من مدير مكتب رئيس الوزراء أنيس باحارثة، لرئيس مجلس إدارة شركة "اليمنية" هو الثاني في أقل من أسبوع بشأن العالقين في السودان.

ويوم الأربعاء، اعتذرت "اليمنية"، عن تشغيل رحلات لإجلاء العالقين هناك، متحججة بـ"المخاطر العالية للنقل الجوي والحظر المفروض من الجيش السوداني وما تعرضت له طائرات في بداية الحرب وأثناء عملية الإجلاء من حوادث، ورفض شركة التأمين تغطية هكذا رحلات".

وقال مدير مكتب رئيس الوزراء ، في مذكرة رسمية "إن الظروف ملائمة ولا يوجد مانع حقيقي لتسيير رحلات إجلاء من بورتسودان، وعدد من الدول أجلت رعايا برحلات مدنية في ظروف مشابهة".

وأكد على "الرفع بعرض السعر وجداول افتراضي لخمس رحلات إجلاء بشكل عاجل، ليتم متابعة الجانب السوداني بشأن التصاريح للازمة لرحلات الإجلاء".

من جهته، قال مصدر في رئاسة الجمهورية، إن "التأخير في عمليات الإجلاء المباشر كان مرتبطا باشتراطات شركات التأمين، والقيود المفروضة على الرحلات الجوية المتجهة الى مناطق الحروب، والنزاعات المسلحة".

وأضاف في تصريح نشرته وكالة سبأ الحكومية: "صدرت توجيهات رئاسية، بتلبية الاشتراطات المطلوبة لتسيير رحلات للخطوط الجوية اليمنية الى الاراضي السودانية بما في ذلك تغطية فوارق تأمين تلك الرحلات المرتقبة، الى حين التعاقد مع شركة ملاحية بحرية لاستكمال عمليات الاجلاء الى ارض الوطن، وفي المقدمة النساء والأطفال".

ولم يحدد المصدر المسؤول في مكتب العليمي، مواعيد تلك الرحلات، مؤكدا "أن رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، على تواصل دائم مع الحكومة واجهزتها المعنية بوزارة، وأن العليمي تلقى خلال الساعات الماضية تحديثا من البعثة الدبلوماسية حول عدد اليمنيين العالقين في السودان الشقيق، والجهود الجارية لاستكمال نقلهم بعيدا عن المناطق الخطرة، والحالات الإنسانية، والحوادث المؤسفة التي خلفت بعض الضحايا من ابناء الجالية".

ومنذ 24 أبريل الفائت، نجحت لجنة طوارئ مشكلة من السفارة والاتحاد والجالية اليمنية، في إجلاء أكثر من 3 آلاف يمني من المدن السودانية التي تشهد مواجهات مسلحة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر (تبعد عن الخرطوم نحو 1800كم).

وحتى فجر اليوم 5 مايو، بلغ عدد اليمنيين الذين تم إجلاؤهم إلى السعودية خلال الأيام الماضية، 485 شخصا فقط، فيما لايزال حوالي 2600 آخرون (بينهم نساء وأطفال)، في مدينة بورتسودان يعيشون أوضاعا قاسية، بانتظار عمليات إجلائهم إلى البلاد، طال انتظارها.

وتشهد السودان منذ منتصف الشهر الماضي، مواجهات عنيفة بين قوات الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، أدى استمرارها إلى عمليات إجلاء واسعة، معظمها تجري من مدينة بورتسودان الساحلية.