عمر نجيب: تصادم مصالح أجهزة المخابرات يكشف أبعاد الحروب المصطنعة في الشرق الأوسط وأفريقيا

عمر نجيب

 

  ولدت صحيفة لوموند الفرنسية رجة دبلوماسية وإعلامية جديدة يوم 8 ديسمبر 2016، حيث أوردت استنادا إلى أرشيف ادوارد سنودن المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكية، أن قادة ونخبا سياسية واقتصادية في إفريقيا، إضافة إلى حركات تمرد فيها ومنظمات دولية، كانت مستهدفة على نطاق واسع وبشكل مركز أكثر من السابق من طرف أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية.

وأوضحت الصحيفة أنها اطلعت بالتعاون مع موقع “ذي انترسبت”، على ملايين الوثائق التي نشرها ادوارد سنودن، وان هذه الوثائق تثبت أن “إفريقيا وأجهزة الاتصال فيها” وضعتها واشنطن ولندن “تحت مراقبة مكثفة” مثل مناطق أخرى من العالم.

وتثبت هذه الوثائق التي يستمر الاطلاع عليها وتسريبها، أنه تم وضع 20 دولة إفريقية، على الأقل بين 2008 و2011، ضمن دائرة الأقمار الصناعية للأجهزة السرية البريطانية “جي سي اتش كيو”.

وفي هذه الدول كانت الأهداف المراقبة متنوعة من رؤساء دول وحكومات إلى وزراء ومستشارين وإعلاميين ومعارضين وعسكريين وقادة حركات تمرد وتنظيمات مسلحة ورجال أعمال ومنظمات غير حكومية بعضها محسوب على الغرب وآخر يصنف علنيا في خانة الخصوم.

وأضافت الصحيفة “مع أن الأجهزة السرية البريطانية تفضل الاعتراض الكثيف لاتصالات دول إفريقيا الناطقة بالإنكليزية، فإنها لم تتخلف عن أن تشمل مراقبتها مناطق النفوذ الفرنسي”.

 وقد تمت مراقبة وزارة الخارجية الفرنسية وإدارة التعاون الدولي والتنمية وسفارات فرنسا في إفريقيا ودبلوماسيين وكذلك منظمات غير حكومية بينها منظمة أطباء بلا حدود وشركات كبرى مثل توتال وتاليس.

وأكدت وثائق سنودن الطابع الكثيف والمنهجي لهذه المراقبة الاستخباراتية. كما أثبتت أنها تمتد إلى العالم بأسره، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وتابعت لوموند أن “معظم شركات الاتصالات” العاملة في إفريقيا “يتم التجسس عليها على غرار الجنوب إفريقية “ام تي ان” والسعودية “سعودي تيليكومز″ و”فرانس تيليكوم و”اورنج”.

وكان سنودن اللاجئ حاليا في روسيا، قد شرع منذ سنة 2013 في كشف الحجم العالمي الواسع لمراقبة الاتصالات والإنترنت من طرف أجهزة الإستخبارات والأمن في الولايات المتحدة.

حكومة واشنطن وجهت إلى سنودن تهمة التجسس، وهو ما يعرض المستشار السابق في وكالة الأمن القومي لعقوبة السجن 30 عاما في الولايات المتحدة لكشفه معطيات سرية.

 

التجسس والتخريب

 

 بعض المحللين إعتبروا أن الأمر الأكثر خطورة في الوثائق التي تم الكشف عنها، تتعلق بتفعيل الاستخبارات الأمريكية والبريطانية لنظام تجسس جديد على الطائرات المدنية، كانت شركة الخطوط الجوية الفرنسية أحد محاوره خاصة لروابطها المتعددة عبر المطارات الأفريقية والعربية.

وتظهر الوثائق نظام التجسس على الطائرات المدنية، الذي بدأت به “وكالة الأمن القومي” الأمريكية والجهاز البريطاني المماثل لها، عام 2005. ويتبيّن من تلك الوثائق أن آلية التجسس المذكورة تعتمد على مراقبة كل لوائح المسافرين والهواتف الخلوي في الجو عبر خدمة “واي فاي”، عبر تتبّع إشارات الأقمار الصناعية وإشارات محطات سرية هوائية على الأرض، تلتقط إشارة أي هاتف في الطائرات، على ارتفاع شاهقة عن سطح الأرض، وتتحدد بعد ذلك هوية صاحبه. وأصبح هذا الأمر أكثر سهولة بعدما بدأت معظم شركات الطيران بإتاحة استخدام الهواتف الذكية على متنها في الغالب للإتصال عبر الشبكة العنكبوتية. وبدا أن كلا الجهازين “متحمسان بشدة” لهذا الأسلوب التجسسي الجديد، فقد جاء في مذكرة داخلية للجهاز الأمريكي، في عام 2009، أن “السماء يمكن أن تصبح ملكا لوكالة الأمن القومي”.

وظهر أن أحد أبرز أهداف نظام التجسس الجوي هو “إير فرانس″، التي ذُكر اسمها في مذكرات “وكالة الأمن القومي” من ضمن مشروع “تعقّب الطائرات المدنية في العالم أجمع″، والتي تقول “لوموند” إن تكرار ورودها “ليس عبثياً”، بل يظهر أنها مستهدفة شأنها شأن الخطوط الجوية المكسيكية وغيرها.

وأوضحت “لوموند” أن الوثائق نفسها تظهر النية بعدم اقتصار المراقبة على أشخاص محددين قد يمكن وجود علاقة لهم بالإرهاب، ورأت أن الأمر شكل “لغز″، حيث تتعدد في الوثائق مجموعة أهداف محتملة: “ما الذي يجمع بين رئيس باكستان وتاجر أسلحة أو سيجار ودخان وإرهابي، أو حتى عضو في شبكة منع الانتشار النووي التابعة لهيئات دولية؟. جميعهم يستخدمون هواتفهم وأجهزتهم الإلكترونية على متن الطائرة”. ورأت “لوموند” أن التجسّس سياسي وإقتصادي، وليس لمكافحة الإرهاب، خصوصاً أنه طاول مئات آلاف الأشخاص.

تجدر الإشارة إلى أن أسلوب المراقبة هذا لا يشمل الاتصالات الهاتفية أو عبر أجهزتها فقط، بل أساسا المعلومات والرسائل والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل “فايسبوك” و”تويتر” وغيرهما، والتي تعمل تحت “النظام العالمي للاتصالات المتنقلة”.

وفي حديث إلى “لوموند”، أوضحت إدارة “إير فرانس″ أنها بدأت إتاحة استخدام الهواتف الذكية على متن خطوطها، منذ عام 2007. وبشأن التجسس الأمريكي ــ البريطاني، قالت الشركة: “لسنا الوحيدين، كما يظهر، الذين استُهدفنا، وليس لدينا أيّ علم بهذه الممارسات”.  وأوضحت شركة الخطوط الفرنسية، أن من غير الممكن إجراء اتصالات صوتية من على متن رحلاتها، مشيرة إلى أن اتصالات مؤقتة جرى السماح بإجرائها، من باب التجربة، سنة 2007، لكنها توقفت بعد ذلك ويقتصر الأمر على الوصول إلى إستخدامات الشبكة المعلوميات.

ويكفي أن يشغل الهاتف المحمول ليكون بوسع المخابرات أن تصل إلى محتواه من خلال قمر صناعي ينقل الإشارة، ومحطات سرية للاقطات تقوم باعتراضها. فضلا عن ذلك، تستطيع الجهات المتجسسة أن تحدد موقع الهاتف المحمول بمجرد تشغيله،كما يمكن أن تشوش على استخدام الهاتف، حتى يضطر حامله إلى إعادة تشغيله وإدخال كلماته المرورية الخاصة سواء كان في الطائرة على الأرض أو في الجو.

 

التجسس على الأصدقاء

 

  “لوموند” قالت إنه على الرغم من “الحلف المقدس″ الذي يجمع جهازي الاستخبارات الأمريكي والبريطاني وإسرائيل، فإن ذلك لم يمنع جهاز الأمن القومي الأمريكي والبريطاني من وضعها تحت مجهر التجسس، الذي شمل أيضاً مسؤولين في السلطة الفلسطينية والبلاط الأردني. وقد بيّنت الوثائق أن البريطانيين «تجسّسوا على دبلوماسيين إسرائيليين في الداخل والخارج”، وراقبوا أيضاً “مؤسسات خاصة في قطاع الدفاع، وأجهزة في الدولة معنية بالتعاون الدولي، ومراكز جامعية معروفة بمستواها العلمي العالي. وشرحت الصحيفة أن كلا من صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية و”دير شبيغل” الألمانية، كانتا قد كشفتا سابقاً عن عمليات تجسس بريطانية وأمريكية متعددة. لكن وثائق سنودن تبين أن التجسّس الأنكلو ــ ساكسوني على إسرائيل طاول دائرة أوسع، من ضمنها وزير الخارجية وسفراء إسرائيل لدى نيجيريا وكينيا. وكان من ضمن أهدافها موظفو شركة “أوفير أوبترونيكس″ الرائدة في مجال الألياف الضوئية والليزر الأساسيين في الصناعات العسكرية.

كذلك، شكلت السلطة الفلسطينية والأردن هدفين “ضيقين” للتجسس، وفق “لوموند”. وتذكر الصحيفة أن جهاز الاستخبارات الأردني على علاقة وثيقة مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، وفق ما تشير إليه إحدى الوثائق المسربة، التي ورد فيها أن “جهاز الاستخبارات الأردني يقدم لوكالة الأمن القومي العديد من الأسماء المستهدفة في التجسس″. ومع ذلك، فإن “أسماء منسقين في الديوان الملكي الأردني، ورئيس بروتوكول الملك، والسفير الأردني في واشنطن، ترد في اللوائح الطويلة لجهاز الاستخبارات البريطاني كأهداف للتجسس″.

وراقبت بريطانيا أيضا، في عامي 2008 و2009، شخصيات في السلطة الفلسطينية، واتصالات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وبعض الوفود الفلسطينية في العالم، خصوصاً في فرنسا وبلجيكا والبرتغال وباكستان وجنوب أفريقيا.

 جهاز “مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية” رد على صحيفة “لوموند” بالقول “إننا لا نعلّق أبداً على المسائل المرتبطة بالاستخبارات، لكن عملنا يجري بالتوافق مع إطار قضائي وسياسي صارم، يضمن أن تكون أنشطتنا مسموحة، ضرورية ومتناسبة”، مضيفاً أنه يضمن أيضاً القدرة على القيام برقابة صارمة من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتابع الجهاز، على لسان المتحدث بإسمه، أن ما تمارسه المملكة المتحدة في هذا الإطار يتوافق مع الإعلان الأوروبي لحقوق الإنسان. أما “وكالة الأمن القومي الأمريكية”، فردت على الصحيفة بالقول إن “نشاطات الاستخبارات تلك متوافقة بشكل تام مع الإطار القضائي والسياسي النافذ”.

 

صراع الأجهزة لا يمنع تعاونها

 

 صحيفة “لوموند” أضافت أن وكالة الأمن القومي الأمريكية ” أن أس أي” تجسست على دبلوماسيين فرنسيين في واشنطن وفي الأمم المتحدة. وحصلت الصحيفة على وثائق تثبت استخدام برنامج مراقبة متطور يعرف باسم “جيني”، من قبل وكالة أن أس أي. وأشارت لوموند في تقريرها إلى أن الجواسيس الأمريكيين يقومون بتثبيت برامج تنصت عن بعد في أجهزة حاسوب في الخارج، بما فيها أجهزة في سفارات أجنبية. وقالت إن مثل هذه البرامج ثبتت في أجهزة حاسوب بسفارة فرنسا في واشنطن، وفي جهاز حاسوب تابع للبعثة الفرنسية في الأمم المتحدة.

وتضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة خصصت في 2011 ميزانية قيمتها 652 مليون دولار لتوفير برامج التجسس، وشملت العملية مئات الملايين من الأجهزة، في ذلك العام وحده.

  يشير محللون إلى أن أجهزة المخابرات وخاصة في المعسكر الغربي تتعاون فيما بينها في ظل ظروف معينة، ولكنها خلال ظروف مختلفة تتصارع أو تتجسس على بعضها، والأمر لا ينحصر على الأجهزة فقط بل يشمل حكوماتها أيضا. هناك أحداث تاريخية تؤكد مثل هذه الممارسات ولا يمكن إنكارها.

 في شهر مايو 1954 وعندما أصبح الفرنسيون على وشك تكبد الهزيمة في معركة “ديان بيان فو” بالفيتنام على يد قوات هوشي منه مؤسس الدولة الفيتنامية الشمالية ورائد النهضة القومية في الهند الصينية، تخلت واشنطن عن وعودها بدعم القوات الفرنسية بقواتها الجوية في اللحظة الحرجة، ثم حاولت بعد الإنكسار الفرنسي الحلول محل باريس، ويقول مؤرخون فرنسيون أن البيت الأبيض كان يريد الحلول محل باريس في الجزء الأكبر من إمبراطوريتها الخارجية.

 بالنسبة للفيتناميين، كانت “ديان بيان فو” هي الجولة الأولى فقط، إذ انغمس الأمريكيون، الذين رفضوا الانخراط مباشرة في الحرب عام 1954، تدريجيا في حرب فيتنام الثانية خلال الستينيات من القرن الماضي، لينتهي الأمر بهزيمتهم المذلة ودخول القوات الفيتنامية سايغون يوم 30 إبريل 1975.

  بعد العدوان الثلاثي الفرنسي البريطاني الإسرائيلي على مصر في 29 أكتوبر 1956، ضغطت واشنطن بقوة إلى جانب موسكو ليتم سحب قوات الأطراف الثلاثة من صحراء سيناء ومنطقة قناة السويس. السياسيون في البيت الأبيض قدروا أنه سيمكنهم كسب مصر وجزء كبير من المنطقة العربية، والحلول مكان لندن وباريس، ولكن الأمور سارت في إتجاه آخر.

  مؤرخون في أوروبا يشيرون كذلك إلى أن المخابرات الفرنسية وفي مناسبات عديدة قامت بدور فعال في الكشف لقادة دول مختلفة وخاصة في أفريقيا عن مؤامرات للإنقلاب عليهم من تدبير المخابرات الأمريكية والبريطانية وغيرهما.

 من هذا المنطلق يجب النظر إلى ما قد يعتبره البعض تضاربا في تعامل الأجهزة الغربية.

  قبل زهاء سنتين وخلال الثلث الأخير من شهر مارس 2014 كانت نفس الصحيفة الفرنسية أي “لوموند” قد كشفت عن وجود علاقات سرية بين الإدارة العامة للأمن الخارجي، التابعة للاستخبارات الفرنسية، وأكبر شركة الاتصالات الفرنسية “أورانج” “فرانس تيليكوم سابقا”.

  فحسب وثيقة داخلية سرية، كشفت عنها مكاتب الإتصالات الحكومية البريطانية وهي وكالة مخابرات “GCHQ”، التي تشبه نظيرتها الأمريكية ” وكالة الأمن الأمريكية “NSA”، فان الادارة العامة للأمن الخارجي الفرنسية ترتبط بتعاون وثيق مع “فاعل الاتصالات الفرنسي”، الذي ليس سوى شركة الاتصالات “أورانج” حسب ما توصل اليه تحقيق “لوموند”، وحسب الأوصاف التي أشارت اليها وثيقة الاستخبارات البريطانية.

فمكاتب الإتصالات الحكومية البريطانية، و شركة “أورانج” للاتصالات يعملان بشكل سري على تعزيز القدرات الوطنية فيما يخص التجسس على شبكات التواصل الاجتماعية، كما يعملان على “تشفير” البيانات المتدفقة عبر الشبكة العنكبوتية، لتكون بذلك “فرانس تليكوم” فاعل رئيسي في نظام المراقبة والتجسس في فرنسا، يضيف تقرير “لوموند”.

 الوثيقة، التي كشف عنها العميل السابق بوكالة الأمن القومي، ادوارد سنودن، تؤكد أن العلاقة بين “DGSE و “فرانس تيليكوم “أورانج”، أكثر قوة من نظيرتها الغربية، فمن بين نقاط قوة المخابرات الفرنسية، تكمن في أنها لا تحتاح إلى إذن من قبل شركة الاتصالات الفرنسية، للولوج الى بيانات والمعطيات الخاصة بزبناء الشركة، فهي تحكم المراقبة بشكل تام على بيانات الاتصالات، ورسائل البريد الالكتروني، وحركة سريان المعلومات على الانترنت، بما في ذلك رسائل البريد الالكتروني، وأسماء مواقع الانترنت، التي يتم الدخول اليها.

فجمع هذا الكم الهائل من المعطيات دونما حاجة للاذن والترخيص، من قبل شركة “أورانج” للاتصالات، يشمل بعض المعطيات الهائلة، التي تخص المواطنين الفرنسيين والأجانب، حيث تستخدمها الادارة العامة للأمن الخارجي الفرنسية، كوسيلة للتجسس، فتضعها رهن اشارة جميع وكالات الاستخبارات الفرنسية، التي تصنفها بدروها تحت ما يمسى “قاعدة البيانات والمعطيات التقنية”.

الصحيفة الفرنسية أضافت، وهي تسبر أغوار العلاقة “الخفية” بين المخابرات الفرنسية و شركة “أورانج” للاتصالات، أنه يجري تقاسم هذه المعطيات التي تحصلها عليها المخابرات الفرنسية مع بعض الحلفاء الاستراتيحيين لفرنسا، كما هو شأن وكالة الاستخبارات البريطانية “GCHQ”، علاوة على أن فاعل الاتصالات الفرنسي والمخابرات الفرنسية يعملان معا على تطوير الأبحاث في مجال فك الشفرات .

 داخل ردهات الادارة العامة للأمن الخارجي الفرنسية، يتوزع العمل بين ثلاث أقسام رئيسية، فهناك قسم الشبكات، الذي يختص في مراقبة كابلات الاتصالات تحت البحرية، التي تضم كما هائلا من المعطيات التي يتم جمعها، وتخزينها داخل نظام محكم للمعلومات.

وفي هذا الصدد، يؤكد أحد الموظفين العاملين بقسم الشبكات داخل الاستخبارات الفرنسية، على أنه “يجري تخزين المرور الهائل للمعطيات بشكل داخلي وليس رسمي، لكن يجري التأكد بسرعة من سريان هذه المعطيات والأشخاص الذين يتبادلونها، ولهذا السبب ترتبط DGSE”” مع جميع فاعلي الاتصالات بفرنسا.

وفي الوقت الذي رفضت فيه الادارة العامة للأمن الخارجي” DGSE”، ابداء أي تعليق بخصوص التعاون السري المحتمل بينها وبين “فرانس تيليكوم”، أكد “ستيفان ريشارد”، مدير شركة “أورانج” للاتصالات، أن “الموظفين المكلفين بحماية الأمن القومي الفرنسي يمكنهم الولوج الى المؤسسة في اطار عملهم الروتيني العادي، الذي يقتصر على الولوج الى الشبكات الاجتماعية، دون التجسس على أي زبون من الزبناء”، نافيا في الآن ذاته ان يكون هناك أي تعاون سري بين المؤسستين.

 

باريس تتستر على اختراق الموساد

 

 خلال شهر نوفمبر 2016 وفي نطاق لعبة صراع أجهزة المخابرات تم الكشف تستر باريس على إختراق المخابرات الإسرائيلية “الموساد” لأجهزتها.

تُعتبر “قضية سكوارسيني” واحدة من الفضائح الكثيرة التي طاولت المقربين من ساركوزي.

حين تفجرت فضيحة التنصت التي أطاحت بمدير جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسية، برنار سكوارسيني، في عهد نيكولا ساركوزي، لم يكن أحد يتصور أن التحقيق سيفضي إلى كشف “حرب أجهزة” جرى التستر عليها منذ عام 2011.

اتُّهم مدير الاستخبارات الداخلية باستغلال منصبه لممارسة التجسس بنحو غير قانوني لحساب ساركوزي، وذلك في فترة ما بعد مغادرة ساركوزي للحكم عام 2012.

وقد أدى الأمر الى إيداع سكوارسيني في الحبس الاحتياطي، في سبتمبر 2016، وإلى متابعته قضائياً بتهم “استغلال النفوذ” و”إفشاء أسرار الدولة”. لكن التحقيق القضائي سرعان ما سلك منحى غير متوقع أدى إلى تفجير “فضيحة داخل الفضيحة” تتعلق باختراق الموساد للاستخبارات الداخلية الفرنسية، وتستر السلطات الفرنسية على ذلك منذ أربعة أعوام.

برز هذا التطور في مسار التحقيق، بمحض الصدفة، في سياق استجواب سكوارسيني بشأن عدد من عمليات التنصت الهاتفي التي قام بها جهاز الأمن الداخلي، بأوامر مباشرة منه. واشتبه القضاء بأن دوافع الأوامر لم تكن مرتبطة بمهمات مكافحة التجسس التي يتولاها الجهاز.

ووفقا لتسريبات نشرتها صحيفة “لوموند”، فإن اعترافات سكوارسيني في محاضر التحقيقات القضائية التي أجريت معه، كشفت أن الموساد استقطب محققين تابعين للاستخبارات العامة الفرنسية ضمن عملية كان الهدف منها اختراق جهاز الأمن الداخلي الفرنسي إلكترونيا، بهدف الاستيلاء على معلومات الجهاز المتعلقة بمكافحة التجسس، وبالتالي وضع اليد على أسرار كافة أجهزة الاستخبارات التي يرصد الجهاز الفرنسي نشاطاتها ومخططاتها أو تلك التي يتعاون معها.

ووفقا للمحاضر نفسها، فقد أشرف على العملية ملحقان يعملان في السفارة الإسرائيلية في باريس، وُصفا بأنهما “ينتميان إلى الموساد أو مقربان جداً منه”، إضافة إلى رجل أعمال، لم تُكشف هويته، كُلّف بإنشاء شركة متخصصة ببيع الأجهزة الإلكترونية وأدوات التنصت والمراقبة. أما رجال الاستخبارات الفرنسية الذين استقطبهم الموساد، فقد توزعت أدوارهم كالآتي: بعضهم كُلّف بتزويد الإسرائيليين بوثائق سرية تتعلق بطبيعة الأجهزة الإلكترونية التي يعتزم جهاز الأمن الداخلي الفرنسي اقتناءها، حتى تتمكن شركة الإلكترونيات التي أسسها الموساد، عبر رجل الأعمال المذكور، من تقديم عروض مغرية للجهاز الفرنسي في هذا الشأن. أما البعض الآخر من هؤلاء العملاء الفرنسيين، فقد كانت مهمتهم العمل على التأثير في أصحاب القرار داخل الجهاز الفرنسي، لإقناعهم بالتزود بالأجهزة الإلكترونية من تلك الشركة الوهمية التابعة للموساد.

اللافت أن القضية جرى التستر عليها منذ عام 2011، خلافاً للأعراف الدبلوماسية التي تقتضي عند انكشاف مثل هذه الفضائح المتعلقة بالتجسس، استدعاء سفير الدولة المعنية للاحتجاج، وطرد الدبلوماسيين المتورطين في العملية.

 سكوارسيني ذكر: “قبل أشهر قليلة، صادفت مجددا الدبلوماسيين الإسرائيليين اللذين انتقلا الآن إلى القطاع الخاص”، في تلميح واضح إلى أنهما لم يطردا من فرنسا، ولا يزالان يمارسان نشاطاتهما التجسسية، برغم انكشافهما للاستخبارات الفرنسية.

سكوارسيني كشف أيضا عن مؤشرات أخرى تنم عن “المعاملة الخاصة” التي تحظى بها استخبارات الدولة العبرية في مفاصل السلطة الفرنسية.

 

الطابور الخامس

 

  ما هي العلاقة بين المخابرات الأمريكية وبين منظمات إرهابية من بينها القاعدة؟‏,‏ السؤال يبدو نظريا أو افتراضيا‏,‏ لكن يبدو أيضا أن هناك خيطا رفيعا غير مرئي يمتد في الظلام بين الجانبين وهو ما كشفت عنه كتب منشورة لرجال المخابرات المركزية الأمريكية يعترفون فيها باختراق المخابرات الأمريكية لبعض هذه التنظيمات ودفعها من داخلها إلي تنفيذ عمليات تشعل صراعات وتسهم في عمليات زعزعة إستقرار الدول وتفتيتها، المخابرات كذلك برعت في تشكيل ما يسمى بتنظيمات الطابور الخامس.

أحدث هذه الكتب عنوانه مبادلة الأسرار: الجواسيس والمخابرات في عصر الإرهاب لمؤلفه مارك هوبند المراسل المختص بشئون الأمن السابق لصحيفة الفاينانشيل تايمز البريطانية, الذي حصل علي معلومات من ضباط في المخابرات خلال سفرياته من روما إلي كابول ومن الخرطوم إلي غوانتانامو.

 الخلايا النائمة رغم كونها مصطلح جديد دخل عالم الحروب السرية لكنها في الحقيقة ترتبط بمفهوم آخر اشمل منه وهو الطابور الخامس أو طابور العملاء, وهذه الخلايا أشد فتكا من القوات العسكرية وهي تخلف عنها في أن الأخيرة تمثل قوات منظورة في حين أن الخلايا هي قوات سرية متخفية بملابس مدنية، كما إن القوات العسكرية معروفة العدد والعدة ومميزة في تجهيزاتها العسكرية في حين ان هذه الخلايا من الصعب معرفة عددها وعدتها، والقوات العسكرية تجابه الأعداء في جبهات قتال خارجية معروفة في حين ان الخلايا تفتح عادة جبهات داخلية، وفي الوقت الذي ترتبط فيه القوات النظامية بوزارة الدفاع أو الحرب فأن الخلايا النائمة تربط بأجهزة مخابرات معادية وعدة واجهات منها السفارات وفروع الأحزاب الداخلية المرتبطة بأجندات خارجية. وعلى العكس من القوات النظامية لا يوجد هيكل تنظيمي لهذه الخلايا فهي تشكل وحدات منفصلة عن بعضها وتوزع في عدة مناطق حيوية لذلك فأن التوصل إلى خيط خلية ما لا يفيد في كشف بقية الخلايا.

وغالبا ما تكون الخلية وحدة تنظيمية سرية صغيرة تضم عناصر لا تزيد عن عشرة أشخاص كي يصعب كشفها وتؤمن الحرية الكافية لتحركها, وتتكون عناصر الخلية من مواطني الدولة الزارعة لها من مواطنيها المتجنسين بجنسيات الدولة المزروعة فيها الخلايا أو من مواطني الدولة الأخيرة ممن يرتبط بالدولة المجندة لهم لنوازع دينية أو مذهبية أو عنصرية أو المواطنين الأصليين من الذين يجندون تحت إغراءات مالية أو يوعدون بامتيازات ومناصب لاحقة.

فالطابور الخامس يعمل خلف خطوط العدو لأداء مهام بعينها لصالح الطرف الآخر، وترسخ هذا المعنى أثناء الحرب الباردة، حيث أصبح يُطلق على الجواسيس والعملاء، كما توسع ليُطلق على مروجى الشائعات ومنظمى الحروب النفسية.

 

كذبة كبيرة

 

 يقودنا ذلك الى لب هذه القضية وهي دور الارهاب في اجندة الاستعمار الغربي حيث يقوم الغرب بصناعته ورعايته وتمهيد التربة له عبر وكلاء بالداخل العربي والاسلامي وعبر استغلال نوازع طائفية داخلية لدى انظمة وجماعات وعبر نظم من لا هم لهم سوى الحفاظ على كراسيهم بمعزل عن أي اعتبارات للأمن القومي او وحدة وسلامة الاراضي العربية والاسلامية.

تشير عدة مصادر رصد أنه بعد أن استنفذت الصيغة الإقليمية لتنظيم القاعدة وبدأت في التآكل قرر خبراء الحرب النفسية الأمريكية الشروع في مخطط جديد يقوم هذه المرة على أسلوب الهروب إلى الأمام وتشكيل تنظيمات جديدة.

معهد “غلوبال ريسيرش” الكندي نشر دراسة للباحث ميشيل شوسودوفسكي قال فيه:

الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد “الدولة الإسلامية” مجرد كذبة كبرى. وما ملاحقة “الإرهابيين”، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، لـ”حماية الوطن الأمريكي”، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية.

“داعش” صنيعة المخابرات الأمريكية، وأجندة واشنطن لـ “مكافحة الإرهاب” في العراق وسوريا تتمثل في دعم الإرهابيين. ولم يكن اجتياح قوات “داعش” للعراق، ابتداءً من يونيو 2014، سوى جزءًا من عملية استخباراتية عسكرية مخطط لها بعناية، وتحظى بدعمٍ سري من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وإسرائيل.

وعليه فـ”مكافحة الإرهاب” ليست سوى ضرب من خيال، فأمريكا هي “الدولة الراعية للإرهاب رقم واحد في العالم”، وتنظيم “الدولة” يحظى بحماية الولايات المتحدة وحلفائها، ولو أرادوا القضاء على هؤلاء المسلحين، لكان بإمكانهم قصف شاحناتهم الصغيرة، من طراز تويوتا، عندما عبروا الصحراء من سوريا إلى العراق في يونيو. فالصحراء السورية-العربية عبارة عن أرض مفتوحة، ومع توافر طائرات مقاتلة  كان الهجوم من وجهة نظر عسكرية سيكون عملية جراحية سريعة ومبررة.

وفي بحثه المقال، تناول 26 معلومة تفند هذه الكذبة الكبرى، التي صوَرتها وسائل الإعلام باعتبارها التزامًا إنسانيًا، بينما هي ليست في الواقع سوى عملية عسكرية واسعة النطاق ضد العراق وسوريا، أسفرت عن إزهاق أرواح عدد لا يحصى من المدنيين. وبدون الدعم الراسخ الذي منحته وسائل الإعلام الغربية لمبادرة أوباما، باعتبارها عملية لـ”مكافحة الإرهاب”، لم يكن من الممكن أن يحدث ذلك كله.

 بعد تناول الباحث لعملية تشكيل تنظيم القاعدة من طرف الأجهزة الأمريكية لمواجهة السوفييت في أفغانستان خلال القرن الماضي، يشير إلى أن تنظيم “الدولة” في الأصل هو أحد فروع كيان القاعدة الذي أنشأته الاستخبارات الأمريكية بدعم من المخابرات البريطانية والموساد الإسرائيلي، وأجهزة أخرى. وقد شكلت قوات تنظيم “الدولة” القوة الأساس في التمرد الذي تدعمه الولايات المتحدة والناتو في سوريا ضد حكومة بشار الأسد.

كان حلف شمال الأطلسي والقيادة العليا التركية مسؤولان عن تجنيد مرتزقة “الدولة” و”النصرة” منذ بداية التمرد السوري في مارس 2011. ووفقًا لمصادر استخباراتية إسرائيلية، تألفت هذه المبادرة من: “حملة لتجنيد آلاف المتطوعين المسلمين من دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي للقتال إلى جانب المتمردين السوريين. على أن يقوم الجيش التركي بإيواء هؤلاء المتطوعين، وتدريبهم، وتأمين مرورهم إلى سوريا”، والناتو يمنح المتمردين أسلحة.

 توجد قوات خاصة وعملاء مخابرات غربيين في صفوف “داعش”، كما شاركت القوات الخاصة البريطانية والمخابرات البريطانية في تدريب المتمردين الجهاديين في سوريا.

درب متعهدو العقود العسكرية مع البنتاغون الإرهابيين على استخدام الأسلحة الكيماوية، حيث “يستخدمهم المسؤولون الأمريكيون، وبعض الحلفاء الأوروبيون، لتدريب المتمردين السوريين على كيفية تأمين مخزونات الأسلحة الكيماوية في سوريا، حسبما صرّح مسؤول أمريكي رفيع المستوى، والعديد من الدبلوماسيين الكبار “تقرير CNN، 9 ديسمبر 2012″.

قدَّمت إسرائيل دعمًا لـ ألوية “داعش” و”النصرة” من مرتفعات الجولان. واجتمع مقاتلون جهاديون مع ضباط الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وهو الدعم الذي يعترف به كبار ضباط الجيش الإسرائيلي ضمنيًا.

تواصل الولايات المتحدة دعمها السري، وتقديم المساعدة العسكرية لمليشيات “داعش”، المفترض أنها هدفٌ مزعومٌ للحملة الجوية التي تشنها أمريكا والناتو في إطار “مكافحة الإرهاب”.

 الغارات التي تشنها أمريكا والناتو لا تستهدف “داعش”، بل تقصف البنية التحتية الاقتصادية في العراق وسوريا، بما في ذلك المصانع ومصافي النفط.

 مشروع “الخلافة” الذي تتبناه (داعش) هو جزء من جدول أعمال السياسة الخارجية التي تتبناها أمريكا منذ فترة طويلة لتقسيم العراق وسوريا إلى أجزاء منفصلة: (أ) خلافة إسلامية سنية، (ب) جمهورية عربية شيعية، (ج) جمهورية كردية.

 

الحرب العالمية على الإرهاب

 

ترتدي “الحرب العالمية على الإرهاب” قناع “صراع الحضارات”، باعتبارها حربًا بين متنافسين على القيم والأديان، بينما هي في الواقع حرب احتلال صريحة، تسترشد بالأهداف الاستراتيجية والاقتصادية.

ُشِرَت ألوية إرهابية، تابعة لتنظيم القاعدة وتحظى بدعم المخابرات الغربية سرًا في مالي والنيجر ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى والصومال واليمن.

هذه الكيانات المتنوعة التابعة للقاعدة في الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء وآسيا هي “أصول استخباراتية” ترعاها الـ المخابرات المركزية، وتستخدمها واشنطن لإثارة الفوضى وخلق صراعات داخلية وزعزعة استقرار الدول ذات السيادة.

 بوكو حرام في نيجيريا، والقاعدة في الصومال، والجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا تلقوا دعمًا من الناتو في عام 2011، والقاعدة في المغرب الإسلامي، والجماعة الإسلامية في إندونيسيا، إلى جانب فروع القاعدة الأخرى تتلقى دعمًا سريًا من المخابرات الغربية.

 رغم أن الولايات المتحدة هي المؤسِّس غير المعلن لتنظيم “الدولة”، فإن مهمة أوباما المقدسة هي حماية أمريكا ضد هجمات “داعش”.

 الإرهاب المحلي مختلق، وتروِج له الحكومات الغربية عبر وسائل الإعلام، بهدف إلغاء الحريات المدنية وتثبيت أركان الدولة البوليسية. ينطبق ذلك على الهجمات التي يشنها الجهاديون- بزعمهم- كما التحذيرات الإرهابية، سواءً بسواء، كلها مختلقة لخلق جو من الخوف والترهيب.

وفي المقابل، تعزز الاعتقالات والمحاكمات والأحكام الصادرة على “الإرهابيين الإسلاميين” شرعية حالة الأمن القومي الأمريكي، وأجهزة تطبيق القانون، التي تجري عسكرتها على نحو متزايد. والهدف النهائي، هو: إقناع ملايين الأمريكيين بأن العدو حقيقي، وأن الإدارة الأمريكية سوف تحمي أرواح مواطنيها.

ساهمت حملة “مكافحة الإرهاب” ضد تنظيم “الدولة” في شيطنة المسلمين، الذين ينظر إليهم الرأي العام الغربي على نحو متزايد باعتبارهم متورطين مع الجهاديين.

أي شخص يجرؤ على التشكيك في صحة “الحرب العالمية على الإرهاب” سوف يوصم بأنه إرهابي، ويخضع لقوانين مكافحة الإرهاب. والهدف النهائي من “الحرب العالمية على الإرهاب” هو إخضاع المواطنين، ونزع الطابع السياسي تماما عن الحياة الاجتماعية الأمريكية، ومنع الناس من التفكير، وصياغة المفاهيم، وتحليل الحقائق، وتحدي شرعية النظام الاجتماعي الاستقصائي الذي يحكم أمريكا.

وفي سبيل ذلك، فرضت إدارة أوباما توافقا شيطانيا بدعمٍ من حلفائها، واحتضان وسائل الإعلام الغربية لهذا الإجماع، ووصفها الدولة الإسلامية كما لو كانت كيانًا مستقلًا، وعدوًا خارجيا يهدد العالم الغربي، وليس أداة لتدمير الدول.

ويختم الباحث ميشيل شوسودوفسكي تقريره:

وهكذا تحولت الكذبة الكبرى إلى حقيقة.

 

Omar_najib2003@yahoo.fr