عثمان للرأي الثالث بمناسبة ال11 فبراير : الثورة فشلت وغدرت بها الإنتهازيات ، الإخوان حلموا بالخلافة ، الأقاليم طريق لحل الأزمات المتراكمة والشعب مهزوم في هذه الحرب.

ضيف الرأي الثالث في سطور 

بشير عثمان- كاتب وصحفي- المدير التنفيذي للمركز المدني للحقوق.

حاورة : محرر الشؤون اليمنية

الرأي الثالث : يصادف اليوم ذكرى ال11 من فبراير ، كيف تقيم الإنطلاقة والنتائج؟

عثمان : كانت الانطلاقة مبكرة لثورة ٢٠١١( نضع اليوم خط احمر تحت مفردة ثورة)، بدات بنضالات الحراك الميدانية ، والذي انبثق بدوره عن القضية الجنوبية، جملة من التراكمات افضت الى ما حدث في ٢٠١١ ضمن احداث العربي عموما، كانت الحياة السياسية قد وصلت الى طريق التأزيم والانسداد، ومشروع الديمقراطية الذي بداناه عام ٩٠م  قد اصابها التشوهات، والافكار الحداثية التي رافقت ثورتي اكتوبر وسبتمبر قد استبدلت بأفكار دينية ذو طبيعة سياسية ايدولوجية لا تقود الى تحديث البلد وتطويرها، كانت الجمهورية في مأزق مشاريع التوريث، واسس الدولة العلمانية التي يفترض البناء عليها قد استحالت الى تزاوج الاستبدادي بالديني.

البداية كانت ان خرجت مجموعة شابة في ١٥ يناير ٢٠١١ لمباركة الثور الثورة التونسية، وكنت احد الذين نزلوا في ذلك اليوم، واعقبتها مظاهرات يومية لطلبة جامعة صنعاء ثم توجت بمظاهرات تعز وعدن، وكانت الانطلاقية التي اعتمدت كذكرى سنوية  هو يوم ١١ فبراير لاول ساحة فعلية في تعز او اعتصام مفتوح

تقيميي المرحلي ان الثورة في هذه المرحلة وصلت الى مرحلة الاحتضار، الاحلام الذي رايتها وعشناها معنا في الساحات تراجع سقفها لاستعادة الدولة والجمهورية، لقد سقطت اشياءكثيرة، وحدثت انتكاسات مؤلمة للغاية، فعالية الثورة التي امنا بها غدرت بها الانتهازيات والمشاريع الصغيرة داخل الثورة ذاتها، اليوم هناك اطراف شاركت ككتلة واحدة في الثورة تتقاتل في الجبهات مع بعضها، وهذه انتكاسة حقيقة لاطرافها المشاركين بها، تحولت الى فصائل متقاتلة وتغيرت التحالفات على مستوى الداخل والخارج فالحوثيون اعداء النظام وأحد الفاعلين بها يقاتل اليوم جنبا الى جنب مع نظام صالح ضد شرعية الدولة التي تتشكل من قوى الثورة الاخرى ودعم الخارج.

وهذا امر يعني ان الثورة فشلت في الحفاظ على وحدتها ذاتها والحفاظ على هدف مشترك لقواها الفاعلة، هذا يعني شيء واحد وهو ان هناك فشل حقيقي قد حدث وقاد لما نحن فيه.

اليوم السجال كبير حول من المتهم وكل الاصابع تتوجه الى صالح والحوثيين، لكن ايضا هناك في معسكر الثورة حدثت اخطاء كبيرة  للغاية.

في هذا العام كان الاحتفال خافتاً وكثير من النقودات حول الثورة، وهذا يعطينا فكرة ان المؤمنين بالثورة في تراجع مستمر، والانتكاسة قد حدثت بالفعل.

" الإخوان اعاقوا الثورة "

الرأي الثالث: هل تعتقد ان الإخوان قاموا بتغيير مسار الثورة لخدمة الجماعة؟
عثمان : الاخوان كمنظمة عالمية اعتبروا في كل المنطقة ان الربيع العربي فرصتهم للوصول الى السلطة، وللوصول الى حلمهم التاريخي بالخلافة، وفي سبيل هذا الحلم اعتبروا الربيع العربي لحظة التمكين، لقد حولوا مسار الثورات من مشاريع وطنية للتطوير والتحديث الى مشروع ديني للتمكين وعودة الخلافة الاسلامية.

كانت هذه اهم المحاولات التي اعاقت الثورة اليمنية ٢٠١١ وحولت مسارها وخيبت آمال الشعب العريضة، الشعب كان مع امال وطنية نحو الامام نحو مستقبل اكثر عدلا وحداثة، كان ينتظر الديمقراطية والحريات ودولة المواطنة وتوزيع عادل للثروة والفصل بين الدولة والدين، وما حدث العكس تماماً، لم يكن احد مع اقامة خلافة او دويلات دينية سوى الاخوان انفسهم، فقدت الثورات زخمها لاحقا، واصبحت سهلة للواقع في الاخطاء والصراعات الداخلية، وهذا الامر سهل للمعارضين لها والذين تهدد مصالحهم احتواءها وترويضها وتشويهها لاحقا. وما كان هذا ليحدث لولا نقطة الضعف المتمثلة بالاخوان ومشاريعهم الغير مقبولة مجتمعيا.

" الأقاليم اهم مخرج للحوار الوطني "

الرأي الثالث : كيف تقرأ الإطار العام للحوار الوطني ومخرجاته؟

عثمان : اهم ما خرج به الحوار الوطني هو الاقاليم، وهي مدخل ممتاز يمكن خلاله اعادة اصلاح اليمن وبنائه لاحقا، امامنا الان استحقاقات بعد حمام الدم المسفوك اما ان نتحول الى دولة اتحادية، او عدة دويلات، لقد كنت غير مؤمن بخطة الحوار منذ البداية نظرا للتشوهات العميقة الني رافقت الفكرة  وكذا الامور الفنية والتي كانت عشوائية وهزلية.

كان الحوار يحظى بأقل تايد شعبي وشك منذ البداية وهذا ما تجاهلته القوى السياسية جميعا وتعالت عليه واعتبرته تحصيل حاصل بشكل او بآخر.

الرأي الثالث: من أنقلب على الحواروهل تعتقد ان ما حصل مجرد التفاف على مخرجاتة ام مخططات إقليمية بأيدي محلية ؟

عثمان: لست مؤمن بنظرية المؤامرة ونحن من ارتكب الاخطاء . ليس الخارج مثاليا ولا يجب ان نتوقعه كذلك، لكن ماذا سنفعل وما فعلناه هو المهم، نحن في الداخل نتحمل المسؤولية، ليس الشعب بل المجتمع السياسي اليمني هو من يتحمل المسؤولية تحديدا.

"الدولة الإتحادية تترجم على الواقع "

الرأي الثالث: كيف تنظر للقضية الجنوبية وماهي ملامح الحلول في ضوء المتغيرات في اليمن والمنطقة؟

عثمان : اعتقد انتهت القضية الجنوبية بإستعادة ابناء الجنوب كل الجنوب عسكريا من من كانوا يصفونهم قوى الاحتلال الشمالي، لقد كانت المطالب تسوية سياسية وانتهت بتسوية عسكرية، هذا الواقع اليوم، والمستقبل سيكون امتداد للواقع، إما الاقاليم ويدخل الجنوب ضمن الدولة الاتحادية وبالتالي اغلاق لهذا الملف او دولتين وثلاث او حتى اربع والامور حينها مفتوحة على كل الاحتمال، لكن توقعاتي الخاصة ان مشروع الدولة الانحادية سوف يترجم على الواقع.

"الشعب اليمني مهزوم وعبهلة قائد للتحرير واليمن سقط في المستنقع والأقاليم حل مناسب "

الرأي الثالث: عامان من الحرب في اليمن ولا منتصرلماذا؟

عثمان : بالفعل الى الان لا منتصر، لكن هناك شعب مهزوم يدفع الثمن كل يوم على  وطنه، هذه الحرب القذرة كارثة على الشعب اليمني، يجب ان يحاسب المجرمون الذين قادوا البلد اليها، انها اكبر جريمة في تاريخنا الحديث على الاطلاق، ولنا تاريخ مغرق بالمآسي سقوط اليمن بيد الاحباش ومن ثم الفرس، والتحرير مجددا على ايادي الملك عبهله بن كعب، قم سقوط اليمن مجددا ، لكني كيمني اشعر ان هذه الحرب التي نعيشها الاسوأ على الاطلاق وهي امتداد للمحطات السابقة التي ذكرتها سابقا، فمنذ سقوط الدولة الحميرية بيد الخارج والى اليوم تستمر التدخلات الخارجية وتتحول اليمن الى مسرح عبث للخارج والداخل، زمن طويل للاسفاتمنى السلام في اسرع وقت.

الرأي الثالث: الى اين تسير اليمن في ضوء المتغيرات الدولية؟

عثمان : اليمن للاسف لا تسير بل سقطت في مستنقع الحروب، تستنزف يوميا، كل العالم يتقدم وتتسع الفجوة حضارياً بيننا وبين العالم  حولنا، لا خيار اخر امام اليمنيين الا بناء دولة حديثة ( بمعنى دولة علمانية، وكثير من الكتاب يتجنبون هذه المفرة مدارة للمزاج الديني المتطرف الذي يستنكفها بل يكفرها) ولكن بتصوري لا حل اخر، اما يمضوا مثل الشعوب المحترمة دون تسامح وتنازلات للتخلف او يستمرون في ذيل البشرية، الاستحقاقات واضحة والمسار الذي قاد البلدان الناجحة اليوم معروف، يمكن ان نبدا حيث انتهوا وليس حيث بدأوا ، لاننا متاخرون للغاية، او تأخرن للغاية.

الرأي الثالث: ماهي رؤيتك للحل في اليمن؟ملفات ثقيلة تبدأ من الإقتصاد وتنتهي بإعادة الإعمار فضلاً عن بلسمة الشرخ. الإجتماعي الحاصل بين مكونات المجتمعمن سيدفعكم سنحتاج من الزمنوكيف نتجاوز هذه الأثار؟
عثمان
: يبدو لي مشروع الاقاليم مدخلا مناسبا لحل المشكلات ومعالجة ما اسفرت عنه الحرب، لا يمكن العودة للخلف لكن يمكن الاستفادة من فكرة تقسيم اليمن اداريا، وعمليا وفي ابهى مراحل اليمن القديمة كانت مخاليف ونظام فيدرالي، اذا الحل لمعالجة النتائج هو بالحل الفيدرالي والستة الاقاليم او اكثر ولكن ليس اقل، وهو الحل بتصوري المتواضع.