السياسي اليمني زيد الذاري : المسار القائم الآن من هدنة ووساطات لا يشكل ضمانة للعبور نحو السلام المستدام

قال السياسي اليمني الأستاذ زيد الذاري، ان عودة السلام في اليمن كأي شي آخر من الممكن تحقيقه إذا ما توفرت شروطه ومتطلباته، فطيلة عقد من الزمن لم يتمكن اللاعبون محليًا و إقليميًا و دوليًا من تحقيقه، كذلك لن تحسم الحرب مصير اليمن.
وأضاف الذاري في "حوار خاص" رغم التعقيد الهائل للأزمة اليمنية وتداخل عناصرها المحلية بالأقليمية ووجود محددات و تدخلات لدول كبرى عالميًا، إلا أنه كان و لا يزال من الممكن ايجاد قواسم مشتركة والبناء عليها و تقريب وجهات النظر داخليا و تحييد المؤثرات الإقليمية وهذا يتطلب جهد نشط و فعال لأطراف خارج الصراع سواء قوى أوشخصيات يمنية أو دول إقليمية كبيرة لم تنخرط في الصراع.
مؤكداً أن المسار القائم الآن من هدنة ووساطات لا يشكل ضمانة للعبور نحو السلام المستدام و لا يستطيع  تقديم صيغ تحافظ على وحدة و استقرار اليمن، وادعوا مصر لإن ترمي بثقلها وتعين مبعوثاً خاصاً لليمن . 

نص الحوار...

كيف تري عودة السلام في اليمن ؟ 

السلام كأي شي آخر من الممكن تحقيقه اذا ما توفرت شروطه و متطلباته. و للاسف طيلة عقد من الزمن لم يتمكن اللاعبون محليا و إقليميا و دوليا من تحقيقه، و هذا إخفاق كبير جدا للسياسة، أما الحلول العسكرية فمنذ البداية و نحن نقول إنه لا حل عسكري في اليمن مهما اختلفت موازين القوى العسكرية، في اليمن السلاح ليس بمقدوره تغيير مواقف حزب أو فئة.
 الحقيقة أنه و على الرغم من التعقيد الهائل للأزمة اليمنية و تداخل عناصرها المحلية بالاقليمية و وجود محددات و تدخلات لدول كبرى عالميا؛ إلا أنه كان و لا يزال من الممكن ايجاد قواسم مشتركة و البناء عليها و تقريب وجهات النظر داخليا و تحييد المؤثرات الإقليمية. و هذا يتطلب جهد نشط و فعال لأطراف خارج الصراع سواء قوى و شخصيات يمنية أو دول إقليمية كبيرة لم تنخرط في الصراع.
المسار القائم الآن من هدنة و وساطات عمانية مشكورة رغم أهميته إلا أنه لا يشكل ضمانة للعبور نحو السلام و لا يستطيع هذا المسار تقديم صيغ مستدامة تحافظ على وحدة و استقرار اليمن و لا حتى أن يضع خارطة طريق ليمن جديد رغم كل التفاؤل و الامل المعقود عليه. و السبب الرئيسي في ذلك هو فقدان الثقة فيما بين جميع اللاعبين و عدم وجود ضمانة موثوقة يقبلها الجميع، تسمح للأطراف بتقديم تنازلات متبادلة و تحررها من الاعتماد على المعيل الإقليمي. السبب الآخر لعدم الاطمئنان لهذا المسار هو بقاء عناصر التخريب التي أدخلت اليمن منذ ٢٠١١ في دوامة الصراعات العابرة للحدود فعالة و مشمولة بتقسيمات الحلول و نقاشات التقريب.
بالتأكيد لا يمكن الغوص في تفاصيل بدايات منحى الدمار في اليمن بمعزل عما حدث في أقطار عربية أخرى، و لا يمكن الحديث عن السلام في اليمن بدون الإنتباه للدور الانتقامي الذي تمارسه بعض الجهات و اعتمادها عرقلة اية جهود لإخراج اليمن و المنطقة من حالة الاشتباك إلى حالة التعاون.

_ من الذي يدعم تنظيم داعش في مأرب والبيضاء ؟ 

داعش و القاعدة و غيرها من هذه المجموعات لا تنمو الا في بيئة مناسبة و بغطاءات تضمن لها حرية الاستقطاب و بدعم يسمح لها بممارسة أنشطتها. الموقع الجغرافي لتمركز هذه المجموعات يجيب على كل الاسئلة المتعلقة بها. 
و من جهة أخرى وجود هذه التنظيمات يخدم من يحاول التظاهر بالوسطية عند مقارنته بهم و التهديد بهم ايضا اذا ما تعرضوا للضغوطات، كما حدث في سيناء، 
قلي لي من المستفيد من وجودهم في مأرب و البيضاء اقول لك من يدعمهم.

_ ما المطلوب من مصر لجلوس الأطراف المتصارعة على طاولة الحوار ؟ 

موقفي ثابت و منذ اوائل هذه الأزمة العاصفة التي بعثرت عقدنا و نثرت جيدنا و احالتنا ركاما؛ أن حالتنا مستعصية و صعبة و لن نتمكن من استعادة أمننا و نظم عقدنا مجددا الا بمساعدة دولة عاقلة حريصة علينا، ترانا بعضها و جزء منها، تتقبل اختلافاتنا بدون تحيز و تضع ثقلها و اعتبارها الكبير لدى عموم الشعب اليمني في سبيل إرساء مسارات التقارب بيننا، و تعيننا على وضع أسس دولة تجمعنا. 
لا يساورني شك و بعد مرور كل هذه السنوات العجاف و تجربة كل طرف لما أمكنه من طرق و اساليب لم تجد نفعا، بل وسعت جراحنا و عمقت ازمتنا و وضعت وحدة بلادنا و صيغة العيش المشترك في محل الشك، أنه حان الوقت ( كما كنت أطالب منذ البداية) بأن تمد لنا مصر يد العون. و هي قادرة بدون أدنى شك على فعل الكثير. لما لها من محبة و ثقة و اقتناع لدى عموم أفراد الشعب اليمني و كتله السياسية و شخصياته. ما قامت به مصر طيلة هذه السنوات من استقبال و إيواء الملايين من اليمنيين و دورها العقلاني و ربطا  بتقييمها العميق للمخاطر والتحديات التي تستهدف الامن القومي العربي و فهمها لطبيعتنا وخبرتها  فضلاً عن مسلمة ان امن اليمن واستقراره جزء من الامن القومي امصر  كل ذلك  لهو دليل على عمق الوفاق و التلازم الوجودي و الذاتي بين البلدين منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا. 
مصر أدرى بما تراه مناسبا لنا و متى تقوم به و كيف تقوم به، واذا سمحت لنفسي ان اطلب شيئا من الحبيبة مصر و فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ فهو ان يكون لمصر مبعوثا خاصا لليمن اذا ما ارتأت مصر وقيادتها أنه حان الوقت لتدخلها و وضع ثقلها و مكانتها لإنقاذ بلادنا مما تعانيه. 
وسواء ارتأت أن تدير نقاشا يمنيا يمنيا أو تعين مبعوثا خاصا فليست الولايات المتحدة و لا الاتحاد الأوروبي و لا السويد أقرب لليمن و لليمنيين من مصر، فتعيين مبعوثا خاصا مصريا للشأن اليمني من شأنه على الاقل الحد من تأثير السياسات الدولية الباحثة عن مصالحها في منطقتنا و ترشيد التعاطي المسؤول و بالتأكيد فالحضور العربي الأوسع عبر مبعوث مصري خاص يسمح للأطراف الداخلية بالثقة و الاستعداد لتقديم تنازلات متبادلة.
لايساورني ادنى شك انها ستجد  الجميع متعاونا بل  سباقا للتعاون و شاكرا لها. فلقد طال انتظار الجميع لهذه اللحظة.
اننا اذ  إذ نؤكد  على أهمية حضور مصر في أي شأن عربي و ليس في اليمن فقط، لا ننتقص و لا نقلل من أهمية وحتمية دور بلدان عربية أخرى وخصوصا وعلى وجه التحديد المملكة  العربية السعودية الشقيقة التي يجمعنا بها كل شي، و إنما المقصود أن تسود الأجواء العربية فضاءات النقاشات اليمنية و أن تتعاضد و تتكامل دولنا المركزية و المؤثرة في العمل المشترك تجاه ازمتنا المتشعبة والمعقده .

_ كيف تري موقف المجتمع الدولي من الصراع اليمني ؟

لا يمكن النظر الى موقف المجتمع الدولي الا من خلال حسابات اطرافه لمصالحها وتوظيف الحالة في اليمن بما يخدم هذه المصالح و وفق معادلات الصراع المحتدم بين اطرافه. و مدى اهمية موقع اليمن في ترجيح موازين القوة لهذا الطرف او ذاك في ابعاده المختلفة. السياسية و الاقتصادية و العسكرية والجغرافية. و كيمني و بحسب خبرتي و ملامستي و احتكاكي المستمر بالجهود الدولية لا أجدني أنظر بعين الرضا لدورهم نظرا لما وجدته من حرص اطراف المحتمع الدولي و دوله لتوظيفه وفق مصالحهم وعدم الجدية في دفع مساراته نحو التسوية و خلق المقاربات وممارسة الضغوطة على اطراف الصراع سواء المحلية او الاقليمية. و أخشى ما اخشاه ان ينعكس الصراع الدولي المحتدم  و  اليوم   وحدّة الاستقطاب على  الدفع  بما يباعدنا عن مسارات الحل.  وتكريس حالتنا كبؤرة ابتزاز ومساومة . 
و هنا أجدد تاكيدي على اهمية و محورية دور مصر و ضرورة ان تتقدم الصفوف للاخذ بيد جميع الاطراف المحلية و الاقليمية المنخرطة في الصراع اليمني لتعبر بالجميع نحو شاطئ السلام وبر الامان.

نشر في جريدة الدستور وموقع مباشر 24 المصري