الإرادة العربية والمشروع المنتظر

حالة التفاؤل التي تصدَّرت المشهد العربي مؤخرًا وما زالت حاضرة تبحث عن مواقف أخرى معزِّزة لها، فمنذ اتِّفاق بكين والقِمم العربيَّة ـ الأميركيَّة ـ الصينيَّة ولاحقًا القمَّة العربيَّة سجّلت مواقف جيَّدة نسبيًّا في إطار العلاقات العربيَّة، كما أنَّ ربط المصالح العربيَّة مع القوى الدوليَّة الصاعدة روسيا والصين، والتوجُّه نَحْوَ مجموعة البريكس ومؤتمر شنغهاي، والانخراط العربي باتفاقيَّات ثنائيَّة مع الصين في مبادرة الحزام والطريق عبر طريق الحرير، وتقليص الإنتاج النفطي لدول أوبك+، وعودة سوريا إلى الحُضن العربي، ومبادرة إنهاء الأزمة في اليمن رغم تعسُّرها، لكن تلك المواقف رفعت نسبة التفاؤل لتحقيق مزيدٍ من المواقف الإيجابيَّة التي تهمُّ العرب كثيرًا والتي ينبغي أن تتواءمَ مع التحَوُّلات الدوليَّة، وهذه كُلُّها مبشِّرات إيجابيَّة حدثت في ظرف زمني وجيز، ولكن ماذا بعد؟؟

نعم هناك حالة تفاؤل ينبغي إعلاؤها والابتعاد عن السلبيَّة، ومجاهرة التشكيك وبثُّ ثقافة التوجُّس التي لا تخدم حالة التقدُّم في العلاقات العربيَّة، بل تعكِّر الأجواء. بالمقابل تبحث الجماهير العربيَّة عن تعزيز تلك المواقف الإيجابيَّة بالمزيد، فهناك تطلُّعات وآمال ما زلنا ننشدها، سواء ما يرتبط بالعمل العربي المشترك أو في إطار العلاقات العربيَّة ومساعدة بعض الدوَل العربيَّة المحوريَّة والاصطفاف معها لمواجهة تداعيات العشريَّة السوداء، والعوائق التي تكبلها وهي ـ بلا شك ـ دوَل مستهدفة؛ ذلك لأنَّ تعافي هذه الدوَل يُعزِّز آمال أبناء الأُمَّة العربيَّة .

لا شكَّ أمام العرب مشوار طويل يتطلب جهودًا جماعيَّة، وحراكًا منظَّمًا وتنسيقًا مشتركًا للحفاظ على حالة التقدُّم النسبي، وهنا لا بُدَّ من مجابهة التدخلات الخارجيَّة التي لا يُمكِن إغفالها مع كُلِّ حراك عربي إيجابي، وهذا بحدِّ ذاته يتطلب إرادة عربيَّة صُلبة وقرارات سياسيَّة شجاعة تُشكِّل رافعة لها؛ لأنَّ أعداء العرب لا يُمكِن أن يغضُّوا النظر عن أيَّة تطوُّرات في المشهد العربي، وهنا نؤكِّد أنَّ العرب قادرون على مجابهة التدخلات الخارجيَّة إن توافرت الإرادة.

رئاسة الدَّورة الحاليَّة لجامعة الدوَل العربيَّة يُعوَّل عليها الكثير، ومن الأهمِّية تبنِّي المبادرة وضخُّ جرعات جديدة في هذه الفترة الرئاسيَّة التي بدأت بحراك جيِّد، ولا شك أنَّ المملكة العربيَّة السعوديَّة التي قادت الركب العربي بتحقيق جملة من المواقف والأحداث الفاعلة على الصعيد العربي والدولي يُمكِنها أن تُعزِّزَ ذلك الحراك الإيجابي في قيادة العمل العربي.

 كما أنَّ هناك دوَلًا عربيَّة أخرى يُعوَّل عليها في تنشيط العمل العربي، وتنسيق الجهود المشتركة، واستثمار التحَوُّلات الدوليَّة للتقدُّم خطوات أخرى على طريق المشروع العربي المنتظر .

* إعلامي وكاتب عُماني
khamisalqutaiti@gmail.com