إطفاء الحرب في اليمن بيد اليمنيين

تواجه اليمن حربا مع التحالف ومع الجوع والعطش. ومع ذلك لا أحد ينتبه إلى مايجري لهذا البلد. حتى أبناءه لم يعد لديهم القدرة على التفكير بإيجاد حل لمعضلتهم هذه. لقد تفرق دم اليمنيين بين القوى الإقليمية والدولية. أمريكا توقع اتفاقا نوويا مع إيران. وفي الوقت نفسه تدعم السعودية بالسلاح والخبراء لضرب اليمن. على اليمنيين أن يدركوا أن وقف الحرب في اليمن سيظل أولوية متأخرة بالنسبة للمجتمع الدولي. الأمريكان يريدون استنزاف السعودية والحصول على مزيد من الأموال. وليس لديهم مانع أن يكون ثمن ذلك اليمنيين أنفسهم.
والروس يريدون الانتقام من السعودية باعتبارها هي التي حشدت إلى أفغانستان مطلع الثمانينيات من القرن العشرين. وكون السعودية أغرقت الأسواق العالمية بالنفط، ما أدى إلى خسائر كبيرة للاقتصاد الروسي. ولذلك ليس لديهم مانع من أن يكون ثمن ذلك اليمنيين أنفسهم. نحن إذا أمام حرب وحشية عناصرها الموقع الاستراتيجي والتدخل الخارجية وتنظيم القاعدة والانقلاب والشرعية الورقية. انقلاب عمل على تدمير المؤسسات وكل ما يعرفه هو القتال. وعلى الرغم من أن المؤتمر الشعبي العام أصبح جزءا من هذا الانقلاب إلا أنه تنازل عن خبرته في إدارة مؤسسات الدولة لصالح اللجان الثورية التي حولت صنعاء إلى عاصمة للمليشيات. لم تفرز هذه اللجان قادة سياسيين بما تعنيه الكلمة من معنى. قدمت اللجنة الثورية نفسها على أنها ستطهر البلاد من الفساد، لكن على ما يبدو ذهب البلد وبقي الفساد. تحولت الدولة إلى مليشيات مسلحة توزع الفقر الإداري وتنتج كوارث إنسانية. هذا الكلام ليس الغرض منه التحريض بقدر ماهو تشخيص لأخذ العلاج المناسب.
الحرب لن تتوقف إلا إذا نظرنا نحن الذين في الداخل بحكمة وأسقطنا مبررات بقاءها. ها هي الحرب تلج عامها الثالث دافعة اليمن نحو حافة المجاعة. ويدفع الشعب اليمني ثمن هذه الحرب التي لم يختارها وغير راض عنها. ستستمر أمريكا وبريطانيا وفرنسا في دعم التحالف بقيادة السعودية بالسلاح وضباط اتصال والدعم الفني. وستستمر روسيا وإيران في إرجاء أي حل لكي تغرق السعودية أكثر وأكثر. لكن اليمن واليمنيين هم الذين يدفعون ثمن ذلك. نحتاج إلى رشد في التعاطي مع ما فرض علينا لكي نفوت الفرصة على أصحاب المصالح الذين يتكئون في مصالحهم على الدم اليمني. إن شعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل يتحقق صدقا ويقتلهما فعلا بوقف الحرب التي تجري على أرضنا وليس على أرضهم. والسعودية ستنفق المليارات على حربها في اليمن حتى لو تستنزف آخر قطرة بترول لمواصلة عدوانها. وستظل اليمن تنزف بسبب العدوان والحصار الكامل في البر والبحر والجو.
لذلك لابد لتحالف المؤتمر والحوثي أن يترجموا قرار العفو العام وتحقيق مصالحة شاملة. لنتنازل لبعضنا البعض من أجل مستقبل أبناءنا جميعا. لماذا لا يتم إطلاق كل المعتقلين بما فيهم محمد قحطان والصبيحي. ماذا سيفعل هؤلاء إذا خرجوا أكثر مما فعله هادي وعلي محسن واليدومي. أنا لا أدعو إلى الاستسلام بل إلى تحقيق مصالحة شاملة وشراكة حقيقية، فالوطن يتسع للجميع. لا تعولوا على المجتمع الدولي ولا على الأمم المتحدة التي لا يعنيها من أمر اليمن سوى إصدار بيانات الإدانة ونشر أرقام الخسائر في الأرواح وفي البنية التحتية، دون أن تتجرأ على مطالبة السعودية بوقف عدوانها على اليمن. علينا ألا نراهن على سقوط المملكة بل نراهن على وقف نزيف الدم اليمني وإعادة بناء الدولة من خلال تفعيل مؤسساتها.
نحتاج للسلام فيما بيننا لكي نلملم أجساد الضحايا الذين بترت القنابل أطرافهم وأحرقت الصواريخ أجسادهم. لا شيء يسلب الناس كرامتهم كما تفعل الحرب فهي تأكل معيشتهم وتقوض الخدمات العامة قبل أن تسلبهم حياتهم وحياة أحبائهم. أتمنى على علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي أن يتجاوزا أولئك الذين لا هم لهم سوى استمرار الحرب وأن يبادرا إلى دعوة مصالحة بين جميع اليمنيين بدون استثناء لإنقاذ اليمن من القادم المظلم. كل الأطراف الإقليمية والدولية تحقق مصالحها في اليمن بدون كلفة لأن اليمنيين يقومون بالاقتتال نيابة عن هذه الأطراف. لندعو إلى مؤتمر جامع في مأرب يلم شمل اليمنيين حتى نبدل الموت حياة والخراب تنمية والكراهية محبة.