الحوثيون والطابور الخامس

قبل إطلاق الطابور الخامس كانت الدعوة لقانون الطوارئ. الهدف من ذلك هو عملية اقتلاع وتجريف الموظفين من المدنيين والعسكريين وإحلالهم بمن ينتمون إليهم .ولعل حادثة الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات التي هوجمت بأكثر من عشرين طقما لفرض شخص تم تعينه خارج النظام والقانون.

 وقد تعددت حوادث مهاجمة المؤسسات بالمليشات خارج مؤسسات الدولة. والسؤال الذي يطرح نفسه: ياترى من هو الطابور الخامس؟ ومن الذي يخدم العدوان؟ أليس من يمارس هذه الممارسات قد فقد الإحساس بمعاناة الناس؟ اختطفوا ماتبقى من الدولة وأحلوا الفوضى وانتهكوا القانون وعطلوا المؤسسات.
إنهم جزء من مؤامرة كبرى على وحدة البلد. يتحدثون عن مواجهة العدوان في صنعاء وتعز والحديدة. لكنهم لا يواجهون العدوان في سقطرة وكل الجزر اليمنية التي سقطت بيد الاحتلال. العدوان مجرد ذريعة لينقضوا على المؤسسات في صنعاء.
 
كان يمكن لعشرين طقما أن يذهبوا لاسترداد سقطرة التي أصبحت الإمارات تعبث بها وتفصلها عن اليمن. يوظفون الفراغ السياسي لصالحهم محاولين الاستفادة من ذلك. وفي الوقت نفسه العدوان يساعد هذه الجماعة على الاستمرار والحياة. استمرار العدوان يثبت أقدامها ويهيء الأجواء لحالة من التجاذبات التي تحرض على زيادة رقعة التقسيم الجغرافي. هل يعقل أن الذي يريد مصلحة البلاد ومواجهة العدوان أن يرسل عشرين طقما ويتحدى رئيس الوزراء؟ في الوقت الذي نجد البلد منقسم بطريقة مفزعة نجد مثل هذه الممارسات وبشكل يومي.
 
نحن أمام عصابة اختطفت الدولة بأساليب من التطاول والاستهانة والالتحاق بشريعة الغاب. إنهم يشعرون بالزهو حينما يرون أنفسهم خارجين على القانون وخارجين عن مفردات العيش المشترك. أإلى هذا السقوط يريد المنافحون عن فساد الجماعة أن يقودوا المجتمع؟أإلى التناحر والتباغض والتقاتل يرغب أولئك اللاهثون المتعصبون أن يلقوا بالمجتمع؟ وما هو رأي العقلاء فيهم؟ لماذا يسمحون لمارد العصبية أن ينطلق وهم يدركون أنه سيلتهمهم قبل غيرهم؟ هؤلاء هم العملاء الذين أطالوا فترة العدوان وأطال العدوان بقائهم.
لماذا لا نسمع عن إحالة مثل هؤلاء إلى القضاء؟ يتحدثون عن الفساد ويمارسونه .يتحدثون عن الشراكة فيما لايرون أحدا يستحق أن يكون حتى مواطنا يمنيا سواهم؟ 

إنهم بهذه الممارسات الفعلية المجسدة للخطابات القولية يؤكدون أنهم عنصريون متأمرين على الوحدة وعلى المعيشة والبنية التحتية وقتل الناس.
 
هل سمعتم أحدا من مكتبهم السياسي ينتقد هذه الممارسات؟ إنهم يقودون إلى حرب أهلية قذرة لكي يتمكنوا من البقاء. أنا لا أتحدث هنا على جوانب العنف والإقتتال الدائر حاليا بين أبناء الشعب اليمني الواحد بل أقصد الكراهية المدمرة الناجمة عن الأحقاد العنصرية والتعصب والعداء الفردي تجاه المجتمع العام. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان هؤلاء ضد العدوان فما دخل مؤسسة التأمينات ووزارة التعليم العالي والأوقاف والصحة بالعدوان؟ لن يظللوا شعبنا بفكرة الحق الإلهي المقدس بأنهم نواب عن الله. هكذا يوجدون لهم غطاء حتى يتهمون من ينتقد أخطاءهم أنه ضد الله وضد الدين. والمهمة الجاهزة لكل من ينتقد سلوكياتهم الفاسدة أنه عميل وخائن.
لقد باعوا البلد واستلموا الثمن. والشعب يقتل يوميا في مختلف الجبهات بطائرات العدو وصواريخه الذي تواطأ معهم ليقتلوا هم والإصلاحيون والمؤتمريون والناصريون والاشتراكيون والسلفيون بالمدافع والكاتيوشا والدبابات ماتبقى على الأرض. على ماذا هذه الحرب إن لم تكن من أجل مصالح جماعات تنكرت للناس والوطن والدين. وإلى جانب هؤلاء المتقاتلين يقف السفهاء والقطعان الذين يدافعون عن الحرب هنا وهناك وإشباع نهمهم من دماء ودمار دفاعا عن جماعتهم ومهاجمة خصومهم. لم تعد الدماء تؤلمهم ولا بؤس الناس يؤثر فيهم.