ما الذي تراهن عليه السعودية في ترتيبات مستقبل اليمن؟

إن حجم التغيرات والأحداث وموازين القوي، قد تغيرت في اليمن، وبشكل كبير ، فمن كانت تعتمد عليهم المملكة العربيه السعوديه في التأثير والنفوذ داخل اليمن، لم يعد لهم نفس التأثير والقوة والدور، وإنما أصبحو عبئا على المملكه، وأدوات قديمه غير فعاله، ولا يوجد لهم تواجد ملموس وتأثير بين الناس على الأرض، كما ان السعوديين يعلمون أن الكثير ينظرون الى السعوديه من خلال  أموالها أولاً، ثم إلي التماشي مع مصالحها والسعوديين يعرفون ذلك ويتعاملو مع كل حاله وفق تقديرات معينه تتشابه فيها الوسيله وتختلف في الطريقه.

إن السعوديه وبكل تأكيد تدرك أن حجم الأموال ألتي أنفقتها علي الحرب وبعض الشخصيات السياسيه والقبلية والحزبيه والدينية والعسكريه في اليمن، هي أموال ضخمه ولم يكن لها أي تأثير ملموس إلا علي من أستفادو من هذه الأموال، ولم تحقق لها كثير من أهدافها في اليمن. 

اليوم ومع استمرار الهدنة في اليمن، تسعي السعودية الي أجراء تسويه شاملة مع أنصار الله جنباً الي جنب مع ما يتوافق مع أهدافها الاستراتيجيه في  اليمن، وتستهدف الرياض الإبقاء على خفض التصعيد، لتقليل مخاطر أستمرار الحوثيين في الهجوم على منشآتها النفطية وأهدافها الحيوية، ولكن أيضاً إنهاء الحرب عموماً والتوصل لترتيبات نهائية حول مستقبل اليمن. 

ساهمت  عوامل كثيرة في دفع السعودية لإجراء محادثات مع الحوثيين، بهدف إنهاء الحرب أو تجميدها وتحقيق قدر ضئيل من الاستقرار في اليمن، وبالرغم من جدية مساعي الرياض لإنهاء الحرب، فإن الخطوط الحمراء للسعودية مازالت كبيرة، إذ من المؤكد أن الرياض لايمكن ان تؤيد أي مطالب ترسخ الهيمنة الكاملة للحوثيين على اليمن، كما لن تعقد السعودية صفقة دون التزامات واضحة من الحوثيين بشأن أمن الحدود بما في ذلك تعهدات بوقف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على المملكة، ونقل الأسلحة الثقيلة والبعيدة المدى بعيدًا عن الحدود.. 

وتبقي أهمية العمل و الإسراع في الحل السياسي الشامل في اليمن، مصلحة حيوية للسعودية، لايمكن التأخر في العمل من أجله، لان  مايجري اليوم من أحداث في حرب إسرائيل على غزة، وحالة التنافس والصراع الاقليمي والذي يؤشر إلى إمكانية توسع هذا الصراع وتأثيرة على كل دول المنطقة، لان التكتيكات التفاوضية لأنصار الله تعتمد على كثير من المستجدات التي تحدث في المنطقة، وربط صراعهم بصراعات أخرى في المنطقة، أعطاهم تأييد على المستوى المحلي والعربي، بسبب إعلانهم دعم فلسطين، وتهديد إسرائيل بوقف الحرب على غزة، وقامو بتنفيذ تهديدهم من خلال بعض الضربات الصاروخية والطيران المسير والاستيلاء على  السفن الإسرائيلية التى تمر من البحر الأحمر، و يواصلون زيادة المطالب مع إظهار استعدادهم للحرب سواء على الجبهة الداخلية، أو التلويح بمواصلة الهجمات الجوية على السعودية والإمارات، كوسيلة للضغط ودفع الأطراف الأخرى إلى تقديم تنازلات كبيرة فيما يتعلق بالحل الشامل ..

وفي ضوء التوقعات المحتملة على الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، إقليميا ودولياً، فانه ينتظر أن يشهد ميزان القوى في الخليج إعادة هيكلة جذرية، فحسب خبراء الإستراتيجية الدولية، فان التحديات الأمنية الجديدة ستفرض تغييرات عميقة في الإقليم، في ضوء ذلك سيتغير الدور العسكري لبعض القوى الصاعدة في العقد القادم، وكذلك هيكل وطبيعة العلاقات الخليجية مع الحلفاء الإقليميين والدوليين... 

كذلك تغيرت بيئة التهديد في المنطقة، وبات أخطر التهديدات الأمنية للخليج هي تلك التي تؤثر في الأمن الداخلي، مثل انهيار الدولة، أو التهديدات العابره للحدود، وتعاظم دور القوى الصاعدة والاقليمية في قضايا المنطقة، بالاضافة الى تسابق القوي الاقتصادية العالمية واحتمالات تأثيرها على منطقة الخليج ، لذلك فان الاستقرار الإقليمي والخليجي خاصة سيظل أمراً مهماً وحيويا.. 

مع كل مايحدث على ماذا تراهن  السعودية للانتهاء من ملف اليمن، بشكل كامل أم ان الوضع سيظل رهينة للتكتيكات السياسية القائمة على استخدام المتناقضات، والاستمرار في دعمها من أجل استمرار الحروب والصراعات الدخلية.. 

*سفير بوزارة الخارجية