رسالة للهاشميين

قامت ثورة 26 سبتمبر على يد المتطلعين للمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية. كان الهاشميون من أوائل من التحق بهذه الثورة بالرغم من أنها كانت ضد نظام يقف على رأسه إمام هاشمي. واليوم نعول على الهاشميين الذين لايؤمنوا بالعنصرية ولا بالطائفية أن يقفوا في وجه من يريد أن يقودهم ويقود البلاد إلى مزالق العنصرية المقيتة. نحن نعول بالفعل عليهم خاصة وأن فيهم أساتذة الجامعات والقضاة والمتعلمين ورجال الدولة ورجال الأعمال والمثقفين. ولو كانت هذه الميليشيا تريد خيرا للوطن لاستعانت بهؤلاء. إن ماتمارسه هذه الميليشيا لا يؤثر على الآخرين فحسب بل يؤثر أيضا على الهاشميين أنفسهم لما يخلق من كراهية وحقد ضدهم بسبب الممارسات الخاطئة من قبل هذه الجماعة التي تتحدث باسم الهاشميين. هذه الجماعة أفقدت الدولة هيبتها وسلطاتها على الأرض بعد أن كانت مؤسسات الدولة وإدارتها تلعب نسبيا دور صمام الأمان وتزود المواطنين بالأمن والاطمئنان. وأنا أتحدث هنا على الطرف الذي استحوذ على السلطة تحت مبرر مواجهة فساد السلطة القائمة. لكن ما أنتجه هذا الوضع أوصل المواطن لأن يعيش حالة خوف في تواجده أو تنقله في مناطق أخرى يسودها النزاع. نتج عن الانقلاب على السلطة تعدد المليشيات والاحتكام لقوة السلاح. أصبحت كل جماعة تبث سموم الكره وتقوي الشعور بالقلق، والخوف من الجماعات الأخرى، وتشحن النفوس برغبة الانغلاق الطائفي ورغبة التمذهب الأمر الذي يعبئ المجتمع ضد بعضه البعض ويجعل كل طرف في حالة الاستعداد الدائم لإقصاء الطرف الآخر. استمرار هذه الممارسات تفتح طريق العنف والعنف المضاد دون قيد أو شرط. ما يجري اليوم من انطواء بعض المناطق كما هو حاصل في تعز والبيضاء ومأرب يعطينا رؤية واضحة للفرز العنصري الذي يقوم به الآخر استنادا إلى الكراهية التي تبرر هذا السلوك الذي لم تكن اليمن تعرفه من قبل. جزء كبير من هذه الممارسات يقع على الذهنية الطائفية التي تعصف اليوم بالمواطن وتطمس معالم المواطنة. وكلما استمرت قبضة المليشيات على مؤسسات الدولة كلما زاد العنف انتشارا في كل الاتجاهات ويتسرب إلى كل تفاصيل الحياة اليومية مما يؤشر إلى فضاعة العنف الذي أصبح مشرعا باسم مواجهة العدوان من جهة واستعادة الشرعية من جهة أخرى. المليشيات تحتاج إلى إثارة العصبية لكي تستمر الحرب ويستمر العنف. لكن انعكاس ذلك سيكون على النسيج الوطني وسيشجع أصحاب النوايا السيئة على ابتكار تقنيات التخويف والترويع. لقد تساوت جميع المليشيات بالسيطرة على مدخرات اليمنيين والمؤسسات والشركات والمصارف والمساجد والمدارس وحتى المستشفيات. هذه المليشيات تعرض الآخرين للانتقام المجاني وتفتح باب الثأر المجتمعي.وتتعامل مع أتباعها على أنهم أرقاما في الطائفة وليس جزءا من شعب. أنا أعلم علم اليقين أن الكثيرين من الهاشميين ستكون لهم كلمة تمحو الفكرة العنصرية التي يريد البعض جر اليمن إليها. وسيرفضون أن ينقادوا كالعميان على طريق الكراهية. وسيكونون إلى جانب العقلاء من الذين سيقتدون بالتجربة الروندية التي قفزت عن مجازر لم يشهد التاريخ لها مثيلا والتي راح ضحيتها مليون إنسان وبطرق بشعة. لننقذ أنفسنا من الانتحار المحتم بسيف الكراهية. لماذا نريد أن نحمل أطفالنا عبء صراعاتنا ونحقنهم بالكراهية والعنصرية والمناطقية المقيتة؟ لماذا لا نفكر كيف نحسن التعليم والصحة والمعيشة لأبنائنا بدلا من إعدادهم لحرب جديدة؟ ماذا ستقولون لأبنائكم حينما يسألونكم عن أسباب هذه الحرب؟ هل ستقولون لهم أنها كانت بسبب ألف ريال زيادة على الدبة البترول فدمرنا الوطن كله؟ أم ستقولون لهم كانت بسبب شرعية هادي الذي أنتهت شرعيته فقتلنا الشرعية والمشرعين والمستقبل؟ علينا أن نرفع أصواتنا عالية ضد الشرعية والانقلاب اللذين لطخوا أيديهم بدماء اليمنيين الطاهرة وألا نكون مجرد آلات يحركها رئيس مليشيا هنا أو هناك، هو بدوره آلة للسعودية أو إيران أو الإمارات لا تهمها مصلحة اليمن. لنتوقف لنمسح دموعنا بيد لنبني وطننا باليد الأخرى. ماذا يفيد أن ننتقم من بعضنا؟ لاشيء لكن العفو يفيد. العفو سيساعدنا على أن نتفرغ للتنمية والتعليم والصحة ورفاهية الناس. تذكروا أن الدولة هي صمام الأمان للجميع. وتذكروا أن الشرعية هي شرعية الشعب. وانظروا بتعمق ماذا فعلت الحرب في العراق وسوريا وليبيا بالرغم من بقاء هذه الدول مفتوحة على العالم الخارجي. بينما نحن وضعنا في سجن إجباري.