تصعّد أمريكا مواجهتها لجماعة (الحوثيين)

شهدت الفترة الأخيرة، تطورات خطيرة في اليمن، عكست المنحي التصاعدي لقرار الولايات المتحدة الأمريكية، بخصوص تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، والذي ينذر بزيادة مستوى المخاطر الأمنية والاقتصادية والمالية. 

استخدام العقوبات من جانب أمريكا، أخذ أبعادًا كبيرة بعد الهجوم الإرهابي على الولايات المُتحدة الأميركية في العام 2001.

فقد عمدت هذه الأخيرة إلى فرض عدد من الإجراءات على أكثر من 180 دولة في العالم، من أجل مكافحة الإرهاب، ومن بين هذه الإجراءات إلزام الدول تجميد الأصول والممتلكات، التابعة لإرهاببين ومناصريهم المُصنّفين، من قبل الإدارة الأميركية.

واستطاعت الولايات المتحدة الأميركية، إلزام الدول بهذه الإجراءات من خلال تهديدها بفرض عقوبات اقتصادية عليها، وهي التي تتمتّع باقتصاد قوي ونفوذ وتأثير وأسع على مختلف دول العالم.. 

كما ان سلاح العقوبات الشاملة على البلدان أظهرت ضرراً كبيراً على الدول التي خضعت لمثل هذه العقوبات.

وبالتأكيد سيكون هناك تأثير وأضرار مباشرة للقرار الأمريكي على اليمن، وعلى قطاع وأسع من الهيئات والأشخاص المرتبطين بجماعة الحوثيين، رغم تقليل بعض الأصوات من نجاح هذا التصنيف الأمريكي والعقوبات الناشئة عنة.

تصعّد الولايات المتحدة الأميركية مواجهتها لجماعة (الحوثيين) وتضيّق الخناق عليهم بما أوتيت من وسائل، وستكتفي بالتلويح بقدراتها على حصار الحوثيين، ومعاقبة قياداتهم، تهديداً لهم من دون أن توجه ضربة موجعة للبلاد، خاصةً أنها اظهرت حرصاً شديداً في الحفاظ على استقرار اليمن الأمني والاقتصادي، وعدم تضرر المواطنيين اليمنيين، والمساعدات للشعب اليمني، وعمل المنظمات الدولية من أثار هذا التصنيف والعقوبات الناتجه عنه.. 

يصبح التحدي المتمثل في تصنيف الحوثيين، أكثر وضوحاً عند التدقيق في مدى تعقيد العقوبات الأمريكية، لمكافحة الإرهاب، والتي يتم تطبيقها عادةً من خلال تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، أو الأمر التنفيذي رقم 13224 وهي الصيغة المعتمدة بعد 11 أيلول/سبتمبر، التي فُرضت بموجبها عقوبات على جماعات كحركة "طالبان" ومقارنةً بالعقوبات على الدول أو البرامج المستهدفة الأخرى.

وعادة لا تتضمن عقوبات مكافحة الإرهاب، استثناءات إنسانية، لكن شهدت السنوات الأخيرة بعض الاستثناءات، ومن ضمنها مايتعلق باليمن، ولكن من الظاهر حتى الآن أنّ معظم العقوبات التي ستفرضها واشنطن على جماعة (الحوثيين ) ستكون بهدف تجفيف الأموال، التي يتسلّمها من الخارج وتهريب الأسلحة، وعقوبات على أشخاص وشركات، تعمل خارج اليمن مرتبطة بشكل مباشر  بجماعة (الحوثيين)، ما سيجعل العقوبات أقلَّ خطراً مباشراً على الداخل اليمني.

وقد استطاع عالم الاجتماع النروجي، يوهان غالتوغ، إثبات أن العقوبات الشاملة، لا تُعطي بالضرورة المفاعيل المطلوبة، حيث ان «الناس تتأقلم مع العقوبات وأحيانًا تلتف حول قياداتها الإرهابية».

أيضاً أظهر غالتوغ، أن الطبيعة الجماعية للعقوبات الاقتصادية، تضرب الأبرياء وتجعلهم يخضغون للعقوبات نفسها على الإرهابيين.. 

يهدف القرار الأمريكي، إلى عزل الحوثيين عن مصادر تمويلهم، ومصادر دعمهم العسكري، ودفعهم للتباعد عن إيران، بحسب ماجاء في بيان الخارجية الأمريكية..

على أنّ السؤال البديهي، هو عن مدي تأثير هذه العقوبات على قدرات (الحوثيين) ودفعهم إلى وقف هجماتهم على السفن في  البحر الاحمر؟

وهل سيكون هناك بالفعل تأثير مباشر على (الحوثيين) وبعض قيادتهم السياسية والعسكرية، سيتحملون تبعاته؟

مع العلم ان قدرتهم على التخفي في جمع الأموال والحصول على الأسلحة، على حساب الاقتصاد الخفي للحرب، والذي ساهم فية قيادات ورجال أعمال محسوبين على مختلف المكونات اليمنية.

 لذلك، سيكون من الصعب الفصل بين ماهو مرتبط بالحوثيين او بغيرهم..! 

اليوم وبعد هذا القرار الأمريكي، تظهر مخاوف جديَّة بشأن احتمالية، أن يكون للتصنيف عواقب سلبية على عملية السلام في اليمن، وأنه قد يُعرقل جهود ومساعي الوساطة الأممية، باعتبار أنه قد يدفع الحوثيين بعيداً، ويجعل مواقفهم أكثر تشدداً، ويجعل التفاوض والتوصل إلى تفاهمات معهم أكثر صعوبة..

وتتعلق هذه المخاوف أيضاً، بما سيخلقه هذا التصنيف من معوقات قانونية تعوق عمل وسطاء السلام من الدول المختلفة. 

*سفير بوزارة الخارجية