استفتاء جنوبي

انقلاب آخر ضد هادي، في عدن هذه المرة، وهذه المرة انقلاب أبيض، نفذته الجماهير، في الشارع، و كاستفتاء جنوبيٍ.

رسالة ما أسمي ب"إعلان عدن التاريخي" هي أن عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الذي يرغب الجميع في دفنه، وآخر الراغبين، وبإلحاح، هو الحراك الجنوبي

والحراك، كما أثبت اليوم مجددا، هو القوة الرئيسية والأكبر في الجنوب، بحيث لا الإصلاح ولا الاشتراكي ولا السلفيين؛ يمتلكون القدرة على تحشيد الناس بهذه الصورة التي شاهدناها اليوم في عدن.

هذه قصةٌ من قصصٍ كثيرة يمكن استنتاجها من الحدث الجنوبي.
ومؤدى هذه القصة أن "الشرعية" التي تقتلنا السعودية والإمارات لأجلها طوال أكثر من سنتين، هي شرعية لم تعد معترفا بها حتى في عقر دار هادي نفسه.

أما القصة الثانية فهي أن السعودية خسرت الجنوب اليوم بعدما خسرت الشمال بالأمس

لقد كانت الخسارة قائمة منذ مدة، ولكنها، بخلفية الحشد الجماهيري في عدن، صارت ليس أكثر وضوحا فحسب، بل وأكثر فعالية.

والقصة الثالثة: أن الإمارات، الرابح الأكبر وراء كل ماحدث، ستكون الخاسر التالي، إن هي تعاملت مع هذا الموقف الشعبي الجنوبي باعتباره مباركة لما تراكمه من نفوذ غير شرعي في الجنوب

الجنوبيون الذين رفعوا شعار "شكرا سلمان" هم أنفسهم الذين ضربوا سلمان بين عيونه؛ اليوم وبعد عامين فقط من ترحيبهم به

ولن يطول بنا الوقت حتى نشاهد جنوبيين في الشارع يرفعونها في وجه الإمارات: برع يا استعمار.

تفويض الزبيدي، وإن بدا كتفويض للإمارات، إلا أنه سينقلب على رأس الزبيدي إن هو أسرف في منح أولويات الإمارات أولوية على أولويات مفوضيه، وأولويات وطنه.

ماحدث في عدن هو لوحة رائعة ومهمة لجهة أن الحراك بدأ يستعيد نفسه وبدأ في لملمة شتاته، باعتباره، وبلجوئه لخيار السلم؛ القوة الوحيدة القادرة، إن هي تمسكت بسلميتها، على الحؤول دون انزلاق الجنوب إلى صراع دموي قد يكون أسوأ من صراع يناير 86. حيث مشكلة الجنوب دائما هي في انقساماته.

الكرة في ملعب القيادات المفوضة شعبياً من قبل الجنوبيين الآن، وأحد الاختبارات الكبيرة، في طريقها نحو ما تطمح إليه من انفصال، هو قضية مشاركة الجنوبيين في معارك السعودية والإمارات في الشمال.

إن كنت تريد استعادة دولة الجنوبيين فإنك لن تفعل ذلك انطلاقا من البقع أوميدي أو المخاء أو الحديدة.

إذا استمرت الرياض وأبوظبي في الدفع بكم للقتال في الشمال فتأكدوا أنهم يريدونكم مرتزقة لا أصحاب دولة مستقلة، ولن يفضي ذلك لأي استقلال في الحقيقة.

هذا محك كبير، وأتوقع أن يكون في المستقبل إحدى بوابات الافتراق الكبير بين الإماراتيين والجنوبيين.