أداة لخدمة الأداة

 وهاهم اليمنيون يفقدون السيطرة على السردية الخاصة بقضيتهم والطريقة التي يرون بها خلاصهم، بعد أن دخل بعض العرب المتحمسين للقضية والمقاومة على الخط مؤيدين لبطولات الحوثي الوهمية في نصرة القضية.

وصار هناك لهجة سلطوية يقينية من بعض هؤلاء العرب الذين لا يعرفون شيئا عن اليمن لكنهم يعتقدون حقهم في توجيه اليمني للاتجاه الصحيح. والموقف الصحيح بالنسبة لهم هو تضحية اليمني بحياته وكرامته ومستقبله من أجل "القضية".

في السردية الجديدة لسيكولوجية الجماهير العربية اللاعقلانية يبدو الحوثي-القاتل أكثر أخلاقية من اليمني المقتول والمقهور والرافض للعنصرية الحوثية بكل تجلياتها.

وبطهر تناقض مطلق بين حق اليمني في التخلص من قاتله، وواجب العربي في نصرة فلسطين. ولا حل لهذا التناقض الا بذبح قضية من اجل قضية، والتضحية بشعب من أجل شعب، وتدمير بلد شبه مدمر من اجل نصرة بلد كامل التدمير.

ولا بد من التذكير هنا أن الفلسطينيين كانوا قد فقدوا سيطرتهم على سرديتهم الخاصة بقضيتهم منذ أن صارت القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب على حساب الفلسطينيين،  وصار جوهر القضية هو حياة حماس وموت غزة، وصار لكل نظام عربي وغير عربي حق توصيف القضية واستغلالها كما يشاء على حساب جوهر القضية.

تحولت القضية الفلسطينية الى اداة لخدمة قضايا أخرى، وها هي القضية اليمنية تتحول، على يد الحوثي، الى أداة لخدمة الأداة.