الانفجار الكبير في عدن

يبدو أن شبكة التناقضات بين أطراف الشرعية طفت إلى السطح.فبعد أن كانت المعركة مؤجلة بين السعودية والإمارات هاهي المؤشرات تبين قربها. فالمعركة المؤجلة بين أبين والضالع انفجرت كالبركان بتشكيل المجلس السياسي برئاسة عيدروس الزبيدي.

 إن فورة الدم التي تلوح في الأفق الجنوبي ماهي إلا امتداد لصراع وحروب دموية تمتد من صراع الجبهة القومية وجبهة التحرير مرورا بالحزب الاشتراكي، فالصراع القادم ربما يكون أكثر دموية وبشاعة لأنه سيكون خلاصة للتصفيات الدموية التي لازمت الجنوب سنوات طويلة. وعلى الرغم من أن الأمر يبدو في ظاهره بين هادي وعيدروس الزبيدي إلا أن مراقبين ومهتمين، يرون بأن ذلك يستهدف السعودية وحرمانها من النزول إلى الأرض والتحامها بحزب الإصلاح.
بمعنى أن الهدف من المجلس السياسي أكبر من مجرد إرسال رسالة إلى هادي. فالهدف هو إحراج السعودية والدفع بها إلى منعها من أي تعاون أو حتى تعايش مع حزب الإصلاح. فالإمارات ترى أن العدو المشترك في اللحظة السياسية الراهنة هم الإخوان المسلمين المنضوين تحت مظلة حزب الإصلاح. فهم يمثلون من وجهة نظرها الخطر الاستراتيجي والتهديد الأكبر لاستقرار دول الخليج.
 
التوافق حول الحرب في اليمن بين السعودية والإمارات لم يكن استراتيجيا.كان الهدف المتفق عليه هو إعادة الشرعية. ومن هنا استمدت الحرب مشروعيتها. وبإعلان المجلس السياسي تفقد هذه الحرب مشروعيتها وتضع السعودية في موقف محرج. لن يكون أمام السعودية من خيار سوى التمسك بهادي وهذا سيشعل البركان الذي ظل خاملا لأكثر من عامين وسينفجر في وجه الجميع ، وستطفوا على سطحه ملفات بالغة الحساسية.
أول هذه الملفات التي ستفتح ملف الصراع بين طرفي أحداث 13 يناير 86.
ثاني هذه الملفات ملف الإصلاح مع القوى الموالية للإمارات. ثالث هذه الملفات الملف السعودي الإماراتي والسباق على قيادة المنطقة. تبقى العيون مركزة على من يطلق الطلقة الأولى. لكن ذلك لن يكون مهما طالما الوضع مهيأ للانفجار

يبدو أن السعودية والإمارات وقعتا في فخ الصراع اليمني الذي ستمتد آثاره إلى المنطقة بأكملها. فالإمارات لن تسلم من العمليات الإرهابية خاصة في ظل مواجهتها للإخوان المسلمين. والسعودية لن تسلم كذلك من تسريب الأسلحة إلى داخل أراضيها ليتحول بعد ذلك إلى قوة بيد المستضعفين. إضافة إلى أن السعودية مستهدفة لتفكيك مساحتها التي تتجاوز اثنين مليون كم2. تحتاج السعودية إلى حدود آمنة وتحتاج الإمارات إلى مصالحة مع الإخوان المسلمين

يبدو أن عدن ستعيش صيفا ساخنا ترتفع درجة الحرارة الطبيعية والسياسية. فالسخونة مرتفعة داخل معسكر الشرعية. ويبقى هادي الرقم الصعب على الورق وعيدروس على الأرض. فالسعودية لا تستطيع عزل هادي ولا كسب عيدروس. لذلك ليس من خيار أمام السعودية سوى التسريع بالحوار بين اليمنيين لنقل السلطة لكي تنتقل المشروعية. ولكي تحافظ على حزب الإصلاح من خيارات المواجهة بينه وبين الإمارات.
 
إذ ليس من المنطق أن تتكلم عن الشرعية وأنت تريد أن تلغي مكون من مكوناتها. تشكيل المجلس السياسي في عدن كان سيكون المستفيد الوحيد منه تحالف صنعاء لو أن هذا التحالف كان متماسكا ولديه مشروع دولة

خلاصة الأمر: لتجاوز الاحتقان الموجود داخل التحالف على السعودية أن تدرك أن الأمور تسير في اتجاه الفوضى العارمة. وهذا لن يكون في صالح أمنها الداخلي. وعلى الإصلاح أن يدرك أن المعركة القادمة معه ستكون أكبر من طاقته. لذلك عليه أن يبادر لتقديم مبادرة مصالحة شاملة تحفظ بقاءه وبقاء الأطراف الأخرى. وعلى جماعة عيدروس الزبيدي أن تسترجع محطات الصراع في الجنوب التي كانت القوى السياسية أدواتها ووقودها. والصراع اليوم إذا سمحنا به سيكون امتداد للصراع على السلطة. فكل الصراعات التي جرت وتجري اليوم محركها الرئيسي الطموحات الشخصية للسيطرة على السلطة باستخدام القوة بعناوين مختلفة. فلا نكون مجرد أدوات لنقود حربا بالوكالة يدفع الشعب اليمني ثمنها.