السلام في اليمن وأحتمالات الحرب الثانية

يواجه اليمن الآن أصعب التحديات والمشكلات التي لم يعرفها من قبل فيما تؤكد بعض التقارير أن حالة عدم الاستقرار والانهيار الاقتصادي لها اسباب متعددة نظراً للتعقيدات والتناقضات التي تراكمت على مدى سنوات الحرب.

 وبعد نحو عقد من الصراع والحرب لا يزال يشهد اليمن  إحدى أسوأ الأزمات في العالم من ناحية الظروف الإنسانية حيث أن ملايين الأطفال في اليمن ولدوا في بيئة حرب والعديد منهم نشؤوا وهم يشهدون صراعات ولقد عانى الشعب اليمني دماراً عميقاً وجوعاً وعنفاً ونقصاً حاداً في الخدمات الصحية وخدمات الكهرباء والماء وانقطاع الرواتب وسوء التغذية.

أن الصراعات السياسية والمناطقية والمذهبية  أثناء الحرب نتج عنها صعوبة بالغة في التوفيق بين أطراف الصراع وتصوراتهم المختلفة حول التوصل لتحقيق سلام دائم ومستدام.

 ويبدو حتى الآن ان أنهاء  الصراع والحرب في اليمن اصبحت مهمة صعبة ومعقدة بسبب رغبة كل طرف من الأطراف  فرض رؤيتها على الأطراف الاخري والسبب في  ذلك عدم قبولهم التوصل إلى صيغة توافقية ومقاربات سياسية تحقق التوازن وتعتمد الواقعية السياسة في أرض الواقع. 

أن اتساع الفجوة بين مواقف  الأطراف اليمنية  وتصوراتها لمستقبل اليمن تُمثِل أحد أهم التحديات أمام إحلال السلام إلى جانب انعدام الثقة التي يُفترض أن تستند إليها هذه الأطراف في كل الترتيبات السياسة والعسكرية والأمنية والاقتصادية وكل مايتعلق بالفترة الانتقالية للوصول الي حالة السلام المنشود.

 كماأن هذه الحالة من انعدام الثقة كرَّست حجر عثرة أمام تحقيق السلام المستدام في اليمن.

 ولا شك أن فشل جهود السلام يضع اليمن أمام مشهد معقد وحالة كبيرة  من عدم اليقين من تطورات الحرب في  البحر الأحمر ومضيق باب المندب والبحر العربي التي تمثل شرياناً  هاما للاقتصاد العالمي. 

نحن أمام مرحله من أهم المراحل في تاريخ اليمن وان عدم تعامل الأطراف اليمنية بمعطيات الواقع السياسي  الذي  يجري في اليمن والتعاطي مع جهود السلام بإيجابية وواقعية فإن البديل هو استمرار الصراعات والحروب الداخلية التي ستنهك  الأطراف اليمنية لان الأطراف الاقليمية ترغب في الخروج من اليمن .

ان فكرة بناء قوات عسكرية جديدة لقتال الحوثيين  بمستوى يمكّنها من تجديد القتال ضدهم لايمكن ان تكون في الوقت الحالي من أولويات الولايات المتحدة التي تتعرض لضغوط هائلة من الأمم المتحدة والإمارات العربية المتحدة بعد قرار الإمارات منع الولايات المتحدة من شن غارات جوية من قاعدة الظفرة الجوية.

 حيث أبلغت الإمارات الولايات المتحدة في فبراير الماضي بأنها لن تسمح للطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الأمريكية المتمركزة في قاعدة الظفرة بتنفيذ ضربات في اليمن.

 كما ان المملكة العربية السعودية التي من مصلحتها بعد إعلانها عن رؤيتها التنموية للعام 2030 إنهاء حربها في اليمن في أسرع وقتٍ ممكن وبينما تضغط السعودية من أجل السلام في اليمن فإن دبلوماسيتها تعكس أيضاً سياسة أوسع تهدف إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي بعد سنوات من المواجهة مع إيران وحلفائها وفي ظل تركيزها على توسيع وتنويع الاقتصاد قامت الرياض  بتطبيع العلاقات مع طهران وتسعى للخروج من الحرب في اليمن.

 وبالتالي فإن الحديث عن تحالف جديد للحرب في اليمن لايتوافق مع سياسات الدول الاقليمية الفاعلة في المنطقة وخصوصا الرياض وأبوظبي 

ان السلام في اليمن يتطلب التزامات دولية وإقليمية مختلفة عن تلك الموجودة الآن أما من يتحدثون عن أحتمالات الحرب الجديدة فلا شك ان أبواب الحرب لايمكن الدخول اليها مجددا لان تكاليف الحروب دمار على الجميع والسلام فيه مكاسب للجميع..

* * سفير بوزارة الخارجية