حاوي .. لاوي

يبدو أن قطاع الفن والفنانين قد تعرض سابقاً الي الإهمال الشديد ونظراً لعدم الإدراك لأهمية الرسالة الفنية وما تساهم به في بناء المجتمع الثقافي وتوعيته ونتيجة لما ترسخ في الذهنية المجتمعية لدي اليمنيين عن الفنانين نجد أن الكثيرين ممن يجهلون قيمة الفن ويفتقرون للموهبة الفنية قد دخلوا هذا المجال وتسربوا ضمن هذا القطاع فساهموا في المزيد من قلة الوعي  وقدموا انطباعاً ملائما لما علق في الذهنية العربية عن حياة المجتمع اليمني، وبدلا من تقديم نماذج مشرفة تحرض المجتمع نحو البناء والعمل وتنمية القدرات والمهارات نجد أن ما يعرض هو صوره سلبية مخزية عن حياة الإنسان اليمني وبصورة مبالغ فيها للغاية .

 ولعل ما لفت نظري مسلسل يمني (حاوي لاوي ) والذي تميز بمهنية عالية من حيث التصوير والموسيقي وساهم في ذلك الطبيعة الخلابة لمحافظة اب حيث تم تصوير المسلسل في إحدى قرى المحافظة أما المحتوى فكان صادماً ومخيباً للآمال تماماً فقد تم تقديم الناس في الريف اليمني وكأنهم يعيشون في فترة السبعينات من القرن العشرين بالإضافة الى إظهار شخصيات لا يمكن أن تتواجد على الواقع بشكل حقيقي تم المبالغة في إضفاء طابع الغباء أو الخبث أو المكر عليها ..

تقديم مثل هذه الأعمال بهذه الصورة السلبية إن لم تؤثر في الجمهور اليمني المتلقي لهذه الأعمال بالدرجة الأولى فهي على اقل تقدير ستسهم في تشويه صورة الإنسان اليمني والمجتمع اليمني أمام المجتمعات العربية الأخرى .

هذه الصورة النمطية السلبية التي ساهم في ترسيخها النظام اليمني سابقاً من خلال عدم الاهتمام بالوطن أرضاً وإنساناً يعيد ترويجها من جديد هذه المسلسلات الفارغة من أي مضمون ثقافي أو مجتمعي سوى محاولة تقديم التسلية والضحك وفشلت في ذلك .
 
لا بد من تصحيح مسار الفن اليمني فهو مسار مهم جداً ولا بد من إعادة النظر في اختيار النصوص الفنية والتي يجب أن تكون من كتاب مختصين ولا بد من الاهتمام بالفن والفنانين من حيث التأهيل والتوجيه والتثقيف والإعداد، ولا ادري لماذا لا تتبنى وزارة الإعلام القيام بهذا الدور وهو من صميم مهامها؟ ولا ندري لماذا لا يوجد ورش عمل تتألف من نخبة من المختصين تهتم بالفن والفنانين تسهم في صقل مواهب الفنانين وتساعدهم في اختيار المواضيع وكيفية مخاطبة الجمهور بطريقة محترمة وطرق تحسين الأسلوب لتصل الرسالة الفنية بشكل راق ومقبول ومشرف بنفس الوقت؟ ولا اعتقد انه ينقصنا المختصين او الموهوبين في هذا المجال إنما ينقصنا الإعداد والتأهيل والارداة الوطنية قبل كل شيء .

يحدوني أمل كبير في أن هذه الحرب القذرة في الوطن ستتوقف في نهاية عام 2017 ولذا لا بد ان يكون الفن اليمني على قدر كبير من المهارة لمخاطبة الجمهور في الداخل وتقديم الرسائل الوطنية للمحيط وللأسف نحن نفتقر حتى الآن إلى نماذج فنية راقية تقدم الوطن بشكل راق وأنيق وتعكس الصورة الحقيقية للإنسان اليمني .

علينا أن ندرك أن العالم يتحرك ويتطور في شتى مجالات الحياة والمجال الفني هو مجال مهم ويمثل الهوية الوطنية لدي أي شعب من شعوب العالم ، ومن المعيب والمخجل أن نستمر في هذا الإفلاس والتخلف الفني الذي تعاني منه الساحة الفنية اليمنية والأكثر عيباً وإفلاساً هو وجود من يدافع ويشجع ويصفق لهذا التخلف ..

عموماً رمضان كريم وكل عام وانتم والأمة الإسلامية بخير .