الحصاد المر

باختصار أثبتت وسائل التعذيب الوحشية التي طالت أعضاء حركة أل 20 من مايو في صنعاء والمتمثلة في إحراق الأجساد بالسجائر والضرب المبرح والاهانة والترويع والخطف مدى هشاشة الانقلابيين من الداخل ففشلهم في إخماد الحرائق التي تعصف بهم ولجوئهم الي إشعال أجساد من ضاقوا بهم وبسياساتهم ذرعاً

بأعقاب السجائر يعيدنا الي حقيقة هذه المليشيا التي نشأت في العنف وتربت عليه مهما تناسى الكثير منا ذلك وتعايش مجبرا مع هذا الواقع المؤلم .

بالرغم من الخطيئة الكبرى التي مارسها أعضاء حركة العشرين من مايو فيما مضى والمتمثلة في شرعنه ما قام به الانقلابيين في صنعاء (بعيدا عن ما يجري الآن من اقتتال بين الطرفين وجدلية (الغزاة والصامدون) إلا أن تأييد ما قامت به الحركة الحوثية من تمرد على الشرعية والتماشي معه والسكوت عن ما جرى من انتهاكات وقتل واعتقالات طالت كل من عارض الانقلابيين والصمت عن تدمير البيوت والقفز فوق القانون ومصادرة آراء الناس ونهب ممتلكات الدولة كل هذا الصمت وذلك التشفي الذي مارسه رموز هذه الحركة إبان سيطرة الانقلابيين على المدن تحت مبرر الخوف أو الاختلاف الأيدلوجي مع التيار الإسلامي أو حتى بسبب فساد البعض أو معظم من مارس الحكم بعد الثورة قبل الانقلاب المشؤوم هو في نظري خطيئة كبرى وأنا هنا أحسن النية بهؤلاء حيث والكثير غيري يعتبر هؤلاء وتماهيهم مع كل ما جرى وصمتهم عن هذه الانتهاكات شركاء في جريمة الانقلاب على الشرعية الدستورية ومخرجات الحوار الوطني والتي أوصلت الوطن إلى ما نحن فيه من دمار وفقر ومرض وها هي اليوم نفس الممارسات تجري بحقهم بعد أن ضاقوا ذرعا بممارسات المليشيا ونهبهم للمال العام وان صعدوا مواقفهم ضد الانقلاب سنري تفجير البيوت وإطلاق التهم ومصادرة الممتلكات والاعتقالات بنفس الوتيرة التي حصلت سابقا مع التيار الإسلامي وكل من قاوم هذا التغطرس والتجبر من عموم المواطنين في مختلف أنحاء الوطن .

بالرغم من كل هذا كان يجب على الشرعية وحكومتها التفاعل مع هذا الحدث وأن تدين كل ما حصل من انتهاكات بحق أعضاء حركة ال20 كونها تمثل الدولة اليمنية ولا تمثل فصيلا معينا وكان يجب على جميع الأحزاب السياسية إدانة هذه الممارسات الهمجية ( البعض تشفى من باب المعاملة بالمثل ) التي طالت هؤلاء المناضلين الشرفاء ( على الأقل في هذه اللحظة من تاريخ الوطن ) والحقيقة أن هذه الفجوة العميقة بين النخب اليمنية هي ما يطيل عمر التسلط والهيمنة على عموم الشعب اليمني فحتى الآن لم نجد مساحة مشتركة تصان فيها المبادئ والقيم الإنسانية تكون هي الجامع لكل النخب السياسية اليمنية والتي يجب أن تكون مقدسة لدى الجميع ويبدوان النخبة المثقفة من أبناء اليمن للأسف الشديد لم تصل بعد الي مرحلة النضج السياسي ولم تدرك بعد الفرق بين حقوق المواطنة وبين التوجهات السياسية المختلفة فالوطن هو كبد الحقيقة المطلقة والمواطنة هي حق مقدس كفلته الشرائع السماوية والأرضية بكامل استحقاقاتها وليس من حق احد الانتقاص منها تحت أي مبرر هذا هو الأساس المتين الذي يجب أن نبني عليه كل التوجهات والآراء مهما تباينت وتعددت .

في الحقيقة وأنا اقرأ ما تتناوله وسائل التواصل الاجتماعي اليمني عن حركة العشرين ما بين متعاطف وبين شامت وبين صامت خائف شعرت بالأسى والحزن على حالنا فقد غزتنا كوليرا الكراهية والحقد من كل ناحية وصوب فكل المذاهب والتوجهات السياسية بكل تصنيفاتها قد تمكن منها فيروس الحقد نتيجة طبيعية وحصادا مرا لأيام الحرب هذه فلم نجد إدانة جماعية لما حدث في صنعاء فلا الدولة ( كالعادة ) اضطلعت بدورها ولا النخب السياسية أصدرت بيانا تعبر فيه عن استنكارها لهذه الممارسات الهمجية وكأن ما جري في جزر واق ألواق وليس في الوطن الحبيب و إن كان هذا موقف الدولة الشرعية اليمنية ممن يختلفون معها من اليمنيين ( كمثل أعضاء حركة العشرين ) فما الفرق إذن بين الانقلابيين والشرعية ؟؟

لا نريد أن نكون كمجتمع يمني مقسمين الى جبهتي صراع كما يريدنا البعض أن نكون وكما نفعل نحن بأنفسنا الآن دون أن نشعر بل نريد أن نسلك جميعا طريق المواطنة وان نكون جميعا ضد كل الفاسدين وفسادهم الذي أوصلنا بالمحصلة الي هذه الحرب القذرة التي نخوضها اليوم ونريد أيضا أن نقف جميعا ضد منهج التغطرس والهيمنة والصوت الواحد وان نؤمن بأننا جميعا شركاء في هذا الوطن .

فلنتضامن جميعا مع حركة العشرين من مايو ومع جميع أعضائها ولنشجب كل الممارسات الهمجية بحقهم من قبل سلطة الأمر الواقع ولنكن مجمعين على إدانة كل الممارسات الهمجية ضد كل مواطن يمني مهما كان توجهه ولنستحضر موروثنا الديني والسياسي المشرف والذي تمثل بإيجاز في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان يمان .. والحكمة يمانية ) فكنا نحن اليمانيون الأنصار والقادة والفاتحين والعلماء وصناع المجد والحضارة ..

إذن نتمنى أن نسمع إدانة الحكومة اليمنية حتى وان أتت متأخرة لما جرى في صنعاء وإلا فعلى الدنيا السلام