"إفقار الشعب" هو استراتيجية السلطة الحاكمة


المزارع يعيش كارثة سقوط أسعار الرُّمان، كل ذلك بسبب تدخلات الدولة في التسويق، وعدم إيجاد آلية للحفاظ على سعر ه، حيث لم يعد سعره يوازي سعر الماء الذي صرف عليه!

الرّمان هذا العام يبدو أنه سيلحق العام الماضي الذي خسر المزارع فيه كل جهوده، والمصَدِّر خسر رأس ماله، والدولة المستفيد الوحيد من عرق المسكين. 

فلا همّ للسلطة إلا كيف تتآمر على المزارع ضمن استراتيجيتها العامة، وهي إفقار الشعب؛ ليتسول على أبواب المسؤولين، حيث تقوم بفرض رسوم وإتاوات على المزارع وعلى المصدِّر، وتنشئ أسواقا تتبع لها، وتجبر الناس أحيانا على التسويق فيها بمقابل، كما تأخذ على التاجر كذلك؛ ما أدى إلى انسحاب كثير من المصدرين من الأسواق، بينما المزارع هو الضحية.

هذا ذكرني بقصيدة البردوني (في طريق الفجر) وكأنه يتحدث عن واقع المزارع اليوم، فعلا التاريخ يعيد نفسه:

في طريق الفجر: 

لماذا ليَ الجوعُ والقصر لك؟ 
يناشدني الجوع أن أسألك

وأغرس حقلي فتجنيه أنـت؛ 
وتُسكر من عرقي منجلك

لماذا؟ وفي قبضتيك الكنوز؛ 
تمدّ إلى لقمتي أنملك.

وتقتات جوعي وتُدعى النزيه؛
وهل أصبح اللّصّ يوما ملك؟

لماذا تسودُ على شقوتي؟
أجب عن سؤالي وإن أخجلك

ولو لم تجب فسكوت الجواب!
ضجيج يردّد ما أنذلك
 
لماذا تدوس حشاي الجريح؛ 
وفيه الحنان الذي دلّلك

ودمعي؛ ودمعي سقاك الرحيق
أتذكر " يا نذل " كم أمثلك!

فما كان أجهلني بالمصير
وأنت لك الويل ما أجهلك!

غدا سوف تعرفني من أنا 
ويسلبك النبل من نبّلك

ففي أضلعي. في دمي غضّبة 
إذا عصفت أطفأت مشعلك

غدا سوف تلعنك الذكريات 
ويلعن ماضيك مستقبلك

ويرتدّ آخرك المستكين
بآثامه يزدري أوّلك

ويستفسر الإثم: أين الأثيم؟ 
وكيف انتهى؟ أيّ درب سلك؟
*
غدا لا تقل تُبْتُ: لا تعتذر
تَحسَّرْ وكَفِّنْ هُنا مأملك

ولا: لا تقل: أين منّي غد؟ 
فلا لم تسمّر يداك الفلك

غدا لن أصفّق لركب الظلام 
سأهتف: يا فجر: ما أجملك

1جمادى الآخرة سنة 1380هـ

** رئيس المكتب السياسي لحركة الحوثي سابقاً