هل السنة موضحة للقرآن أم تشريع مستقل عنه؟

يتساءل الكثير عن "السنة النبوية": هل هي تشريع مستقل عن القرآن، أم إنما هي لتأكيد وتوضيح مدلولاته؟

وقبل الإجابة عن هذ التساؤل أشير إلى ما ذكره أصحاب "أصول الفقه" حول موضوع السنة:

فقد عرفها "الأصوليون" أنها: قول النبي صلى الله عليه وآله، وفعله، وتقريره.  وأنها تشريع مستقل، وتعد في المرتبة الثانية في التشريع بعد القرآن؛ باعتبارها أحد قسمي الوحي، وأن الوحي ينقسم إلى: متلو وهو القرآن، وغير متلو وهو السنة.

البعض اعترض على جعلها تشريعا مستقلا وأن ذلك يعني أن القرآن لم يفِ بتشريعات البشر، ولم يواكب كل متطلبات الحياة حتى احتيج إلى تشريع آخر وهو السنة، 

مع أن الله قد حكى عن القران: (وَنزّلنَا عليكَ الكِتابَ تبيانًا لكلِّ شَيء) (وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ) (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) ... إلخ .

كما أن جعل "السنة القولية" أقوى من "السنة الفعلية" فتح بابا لروايات أحاديث عن النبي صلوات الله عليه وآله وسلم الصحيح منها والسقيم، وكثر نقلة الحديث عنه صلى الله عليه وآله.

وصار للسياسة دور في وضع كثير من الأحاديث لخدمة الملوك، وكذلك المذاهب؛ حيث تجد أن لكل طائفة أو مذهب أحاديث تؤيد ما هم عليه من توجه ومعتقدات وتتناقض مع أحاديث الطوائف الأخرى؛

 ما دفع بالبعض إلى إنكار وجود السنة، وأن القران. هو المصدر الوحيد للتشريع. 

والذي أراه: أن السنة ثابتة ولا يصح إنكارها. وأنها ليست تشريعًا مستقلا عن القرآن، وإنما هي فعل النبي صلوات الله عليه وآله وتطبيقاته لما تضمنه القرآن من تشريعات. 

 أي: أن السنة بمثابة ترجمة عملية لمدلولات القرآن. وهذه هي " السنة العملية"، وأعتبر أنها أقوى من القولية وأن المراد بالقولية: ما كان من أقواله موضحا لفعله، 

وموضحًا لما دلّ عليه القرآن، مثل قوله: ( صلوا  كما رأيتموني أصلي) و(خذوا عني مناسككم). فالفعل واضح، وأمره للناس أن يصلوا مثل صلاته وأن يأخذوا عنه مناسكهم هو سنته القولية، أو قول متضمن لمدلولات القرآن إثباتا أو نفيًا.

يوكد ذلك قوله: (أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقله). ما يدل أن أفعاله وأقواله كلها تتمحور حول القرآن ومدلولاته  وبهذا تكون مصدر تشريع.

 ومما يؤكد أن "السنة الفعلية" أقوى: أمر الله لنا أن نجعل من رسول الله أسوة حسنة، أي: نقتدي بأعماله المترجمة للقرآن.

والموضوع قابل للنقاش..

* رئيس المكتب السياسي لحركة الحوثي سابقاً