قراءة في خطابُ الرئيسَ الأسد!!..

 -تشعرُ بالاجهادِ الثقيلِ والمتعةِ الغريبةِ، وأنتَ تلاحقُ الرئيسَ الأسد ، خلالَ اطلالاتِهِ الحواريّةِ أو خطاباتِهِ التي تتعلّقُ ببعضِ المناسباتِ، وبخاصّةٍ وهوَ يقاربُ طروحاتِهِ المعرفيّةَ بشكلٍ عموديٍّ حادٍّ، غيرَ مستكينٍ أو مأخوذٍ، بكلِّ المقارباتِ الأفقيّةِ التي ينحازُ لها السيا.سيّونَ، أملاً بمحاكاةِ مشاعرِ وعواطفِ الجما.هيرِ، أو سعياً إلى استمالةِ أنساقٍ أو اصطفافاتٍ أو تيّاراتٍ سيا.سيّةٍ بعينِها!!..

-تشعرُ بالاجهادِ والمتعةِ في آنٍ معاً، وتستولي عليكَ قناعةٌ مطلقةٌ، أنّكَ أمامَ مثقّفٍ نوعيٍّ عميقٍ جدّاً، ولستَ أمامَ سيا.سيٍّ ذي اصطفافٍ حادٍّ، لفريقٍ سيا سيٍّ، أو لنهجٍ سيا.سيٍّ محكومٍ بغاياتٍ وأهدافٍ محدّدةٍ، إذ أنّهُ يقاربُ المفاهيمَ والعناوينَ التي يطرحُها، من منطقةٍ محايدةٍ، تاركاً لكَ مساحةً كافيةً جدّاً، كي تمارسَ حقَّكَ في أن تقولَ لهُ: "لا"، في كثيرٍ من المعاني والمفاهيمِ التي يحاولُ محاكاتها، لكن سرعانَ ما يغلُقُها، أو يربطُها، بطريقةٍ غايةٍ في الدّقةِ والموضوعيّةِ والاحكامِ، لتجدَ نفسكَ منحازاً لتلكَ النتائج غيرِ المتوقعةِ!!..

-لم يكن خطابُ الرئيسَ الأسد أمامَ مجلسِ الشّعبِ في افتتاحِ الدّورِ التشريعيِّ الرابعِ، خارجَ هذا المنهجِ الذي يتقنُهُ ويسعى له سيادُتُهُ، ولعلّهُ كانَ الخطابَ الأكثرَ عمقاً في هذهِ المنهجيّةِ، لجهةِ التركيزِ على تحريكِ المفاهيمِ وتعنيفِ السائدِ والمستقرِّ منها، وهوَ سائدٌ ومستقرٌّ نتيجةَ تحوّلِهِ إلى جزءٍ من "تابوهاتِ" الدّو.لةِ والمجتمعِ، وليس باعتبارِهِ كانَ فكرةً أو أداةً في خدمةِ الدّو.لةِ والمجتمع!!.. 

-لقد ساقَ سيادتُهُ محدّداتٍ هامّةً جدّاً، وتحديداً في القسمِ الذي تعرّضَ بهِ إلى مؤسّساتِ الدّو.لةِ، ثمَّ إلى موقعِ هذهِ المؤسّساتِ على خارطةِ قرارِاتِ الدّ.ولةِ، أو على مستوى إنتاجِ سيا.ساتِها، وفي مقدّمتها مجلسُ الشّعبِ، ثمَّ إلى الدورِ والمنهجِ والسّلوكِ الذي يؤدّي إلى النّهوضِ بالدّ.ولةِ والمجتمعِ، بعدما تعرّضا إلى تعرّضا له، إنْ كانَ على مستوى العد.وانِ الكبيرِ عليهما، أو على مستوى كتلةِ العطالةِ الكامنةِ التي كشفها هذا العد.وانُ الخطيرُ!!..

-كما قامَ سيادتُهُ بفعلِ انزياحٍ كاملٍ، في فهمنا لعلاقةِ المجتمعِ بالدّ.ولةِ، ولعلاقةِ الدّ.ولةِ بالدّو.لةِ، وبخاصّةٍ في العناوينِ والمفاهيمِ التي سادتْ عقوداً، وهي تأسرنا وتهيمنُ علينا، وعلى كثيرٍ من فهمنا لبعضِ المحدّداتِ السياسيّةِ  والاقتصاديّةِ والثقافيّةِ، بدلاً من أن تكونَ أفكاراً ومفاهيمَ مطواعةً خادمةً لغاياتنا وحاجاتنا من الدّو.لةِ ومؤسّساتها، وتحديداً في تلكَ المفاهيمِ التي قاربَها الر.ئيسُ الأ.سد، بطريقةٍ تجاوزَ بها الاعتقاداتِ المعرفيّةَ السائدةَ، حينَ نفضَ عن بعضِها ركامَ الأيديو.لوجيا، وحاولَ تحريرَها ممّا تعرّضتْ لهُ من تبعاتٍ وملحقاتٍ حوّلتْ خطوطاً محدّدةً في هذهِ الأيديو.لوجيا، كي تكونَ غايةً، بدلاً من أن تكونَ وسيلةً!!..

-تحتاجُ جملةُ هذهِ الأفكارِ العميقةِ المطروحةِ، إلى مزيدٍ من التأصيلِ والمُساكنةِ، وتحتاجُ إلى مزيدٍ من الوعي بها، ومزيدٍ من الفهمِ والإدراكِ لها، كي تُصبحَ جزءاً من الوعي العامِّ لقوى بشريّةٍ تُشكّلُ روحَ تلكَ المؤسّساتِ المسؤولةِ، وكي تصبحَ مداميكَ قويّةً في مفاصلِ الدّ.ولةِ، وصولاً إلى بُنى واقعيّةٍ وحقيقيّةٍ غيرِ قلقةٍ، تغدو رئيسيّةً في تلكَ المؤسّسات، وهذا كلّهُ لا يحتاجُ إلى محاكاةٍ تقليديّةٍ لهذهِ الأفكارِ المطروحةِ، بمقدارِ ما يحتاجُ إلى ورشاتِ عملٍ اختصاصيّةٍ، لا يساهمُ بها السادةُ أعضاءُ المجلسِ فقط، وإنّما يساهمُ بها سيا.سيّونَ واختصاصيّونَ وأكاديميّونَ ومثقّفونَ!!..