وريثيات .. صورة ورسالة (1)

  الصورة .. 

طلب مني موظف البريد أن أقوم بعمل بلاغ فقدان دفتر التوفير البريدي في أحد أقسام الشرطة ورغم أن الدفتر ليس فيه ذلك المبلغ الذي يستحق لكن في نهاية الأمر ونزولا عند نصيحة أحد الزملاء الاعزاء اتجهت معه إلى قسم شرطة الشهيد ابو حرب النموذجي في منطقة التحرير لتقديم بلاغ عن فقدان 

وعندما وصلنا إلى القسم كان شبه خاوي إلا من بعض العساكر وقد دخلنا إلى المكاتب ولم نجد أحد من الضباط أو الموظفين لعمل البلاغ وعبثا حاولنا البحث عن أحد لكننا لم نجد 

وحين سالنا أحد العساكر في البوابة عن المدير ابلغنا بأنه ذهب إلى سوق القات فقررت مغادرة هذا المكان وتخليت عن فكرة تقديم البلاغ  .. 

طبعا هذا القسم نموذج للاوضاع البائسة والمزرية لكافة أقسام الشرطة المهترئة على مختلف الأصعدة والمستويات وتعاني من ضعف الامكانيات المادية والبشرية الأمر الذي انعكس على أدائها ودورها أو بالأصح أفقدها ذلك الدور المطلوب منها في خدمة المواطن 

بل انها صارت جزء من معاناة الناس  فمن يزور أي قسم من هذه الاقسام سيتاكد بنفسه مما نقول بعيدا عن الزيارات الروتينية والمزايدات الإعلامية التي نسمعها من هذا المسئول أو ذاك لان الواقع يقول عكس ذلك .. 

لو كان معالي وزير  الداخلية أو نائبه او الوكلاء أو سعادة المفتش العام للشرطة قاموا أولا بزيارات ميدانية واقعية إلى هذه الاقسام بعيدا عن الأضواء واطلعوا على ملفات قضايا الناس 

وكيف يتم التعامل معها وتعرفوا على تلك المباني المخزية بل والمزرية لهذه الاقسام والسجون التي تسمى احتياطية فإنهم بالتأكيد سيصابون بالإحباط والشلل المفاجئ الدماغي وغير الدماغي مما سيشاهدونه فيها من أوضاع كارثية وماساوية وما يعانيه المواطن جراء ذلك وما ظهر من بعض تلك القضايا سوى غيض من فيض ومجرد اذن الجمل فقط .. 

  .. الرسالة .. 

اقسام الشرطة تحتاج إلى معالجات جذرية تبدأ أولا من تغيير في قانونها وهياكلها التنظيمية ومهامها وعلاقاتها مع المواطنين ومبانيها التي لاتشرف وزارة الداخلية ولا الحكومة ولا الدولة ولا البلد  مرورا بإمكاناتها المادية والبشرية وصولا إلى ضرورة اعادة تدريب وتأهيل منتسبيها على أساليب وطرق التعامل مع الناس وحتى في المظهر العام لضباط وأفراد الاقسام وايضا إعادة تنظيم العلاقة والانسجام بين كافة أجهزة الشرطة والأمن 

 ولا مانع من الاستفادة من تجارب الآخرين الناجحة والقوانين المتطورة لهيئات الشرطة في دول العالم وتغيير الصورة النمطية للشرطة في أذهان الناس والتي نعرفها جميعا من تنافر وعداء وليس ان الشرطة في خدمة الشعب والمواطن صديق الشرطة 

فهذا الأمر ليس له وجود في بلدنا ومجتمعنا ومن يقول غير ذلك فهو يخدع نفسه ويكذب بكل تأكيد وكما يقال في المثل الشعبي.. من كذب جرب .. وسيجد في ذلك عجب العجاب .. 

نتمنى أن تصل رسالتنا إلى من يهمه الأمر في الحكومة ووزارة الداخلية وان نرى ونسمع خلال الأيام القادمة إصلاحات حقيقية لدور ومهام اقسام ومراكز الشرطة وايضا كافة الأجهزة الأمنية بشكل عام لنرتقي بها ونحقق الهدف والوصول إلى معادلة شرطة في خدمة الشعب وشعب صديق للشرطة وتكامل لتحقيق الأمن والأمان  والاستقرار والسكينة العامة في المجتمع فهل ستتحقق أمنية المواطن البسيط أم أن لوبيات الفساد ستمنع كل خطوات إصلاح جادة وحقيقية ليبقى الميدان خاليا لها تعبث بكل شيء كما تريد 

ونحن نؤكد بأن إصلاح أوضاع اقسام ومراكز الشرطة والأجهزة الأمنية بشكل عام سيكون أولى خطوات  الإصلاح المطلوب والتغيير الجذري لتحقيق الدور المأمول لها وللاجهزة الأمنية في خدمة الوطن والمواطن وهل وضحت الصورة ووصلت الرسالة ؟.. 

نتمنى ذلك ..