قانون تشيكوف...والحروب القادمة.

للكاتب الروسي الشهير انطون تشيكوف قانون "درامي" مفاده أنك إذا أظهرت بندقية معلقة على الحائط في المشهد الأول لمسرحيتك أو قصتك، فإن البندقية لا بد أن تستخدم في المشهد الثاني أو الثالث.

الكاتب المحترف يعرف جيدا أن البندقية المعلقة ستنفجر في رأس او صدر أحدهم مع تطور الأحداث، و إلا ما كان هناك داع لإظهارها.

تحول قانون تشيكوف الى قانون مخيف في العلاقات الدولية والصراع السياسي. فعندما تتجه الدول إلى استعراض أسلحتها أو تسريع صفقات شراء الأسلحة فإنها على الأرجح ستستخدمها لاحقا حتى ولو كانت الاحداث لا توحي بذلك.
التسارع الضخم لشراء الأسلحة واستعراضها في المنطقة العربية والعالم ليست إلا "المشهد الأول" الذي تظهر فيه البندقية المعلقة على الحائط. قد يتوهم الساسة أنهم يتحكمون في الطلقة الأولى، لكن السلاح يفرض منطقه.
إذا تعاركت مع جارك ولديك بندقية جيدة محشوة ومعلقة على الحائط القريب فإنك ستستخدمها حتى دون أن تخطط لذلك.
السلاح في أزمنة التوتر والاضطراب لن يبقى في المخازن طويلا.
وقعت السعودية صفقة شراء أسلحة بحوالي 100 مليار دولار، وتبعتها قطر بصفقة منافسة بحوالي 20 مليار..
هذا هو المشهد الأول حسب قانون تشيكوف.
المشهد الثاني أو الثالث قريب. الاختلاف الوحيد أنه سينفجر في اليمن وسوريا وليبيا وليس بالضرورة في قطر والسعودية.
البندقية القطرية السعودية الإماراتية مشحونة وظهرت على الحائط في المشهد الأول، والمشهد الثاني قد يكون في بيوتنا.
تذكروا الى جانب هذا المشهد الأول الكوري الشمالي والروسي والتركي وتخيلوا كم بقي للبنادق المعلقة على الحائط لتنفجر في المشهد الثاني.
المشهد الأول في الحرب اليمنية الحالية كان المناورة الحوثية-الصالحية على الحدود السعودية.
ممثلون مجانين دفعونا الى مركز الحدث في مسرحية خطرة لم نكن جاهزين لتحدياتها.
انفجرت البندقية في المشهد الثاني. لكن الأحداث تقذف بنا لمسرحية دموية جديدة تظهر بندقية مشحونة معلقة على الجدار في مشهد أول يحكمه المجهول.
والمشكلة أننا لا نملك ولن نملك بندقية مناسبة للرد!
هل ننجح في الخروج من هذا المسرح الدموي؟
نستطيع بالتوصل لاتفاق سياسي ينقذنا من ان نكون مسرحا لمشاهد انفجار البنادق.
السلام صعب لكنه ليس مستحيلا.