انتبهواااا.. في الشمال الشرقيّ.. الصّراع ليس عربيّاً - كرديّاً!!!..

 -عندما فكّرت الاستخبارات التركيّة، بدفع "الأخوان" من شمال سوريّة، وبأمر عمليات أمريكيّ، وصولاً إلى "الجامع الأمويّ" في دمشق، حيّدت القبائل والعشائر وأضعفتها، كما أنّها عملت على تشريدها وتفتيتها، ودفعتها باتجاه مناطق أخرى، داخل سوريّة وخارجها، بأدوات مختلفة ومتنوعة، كي لا تشكّل قوّة مانعة في مواجهة تنظيمات دينيّة أساسها "الأخوان المسلمون"!!..
-لا يؤمن "الأخوان المسلمون" بالعروبة، ويعتقدون أنّ قوّة العروبة ومناعتها تتجلّى في القبائل والعشائر العربيّة، وبالتالي فهي عبارة عن مكوّنات لا تتوافق عندهم مع جوهر الدين، وهي أدبيات طالما أكد ويؤكد عليها "الأخوان"، في أكثر من مكان وأكثر من موقع!!..
-كما أنّهم يتعاملون مع القوميّة باعتبارها مفهوماً غربيّاً، استقوت به بعض القوى المسيحيّة العربيّة، لضرب الإسلام وحرفه، عن كونه ديناً تنقسم الناس على أساس علاقتها به، إلى اعتباره على أنّه علاقة خاصّة بين العبد وربّه!!..
-لماذا هذه المقدمة؟!!.. 
          هذه المقدّمة لتوضيح جوهر الصراع الحاصل حاليّاً، في مناطق الفرات وملحقاته، وكي يتّضح لنا المشهد كاملاً، وكي لا نتحوّل إلى "هرّافين" كما يفعل كثيرون من أبناء هذه الأمّة، ممّن يفكّرون بأرجلهم وبإلياتهم!!..
-عندما عمل العدوان من الشمال على تشريد وتفتيت وإضعاف القبائل العربيّة، تمهيداً لتنظيماتٍ دينيّةٍ إرهابيّة، تكون مسؤوليتها القتال لإسقاط الدولة السوريّة، وتحديداً بعد أن استطاعت الدولة السورية مع حلفائها، هزيمة تلك التنظيمات، برز العنوان الكرديّ، كنسقٍ وطنيٍّ يواجه الأطماع التركيّة، وهو ما استدعى أن تباركه القيادة السوريّة، طالما أنّه عنوانٌ للوقوف في وجه الأطماع التركيّة في سوريّة!!..
-لكنّ ذلك لم يدم طويلاً، فقد نجح الأمريكيّ في التواصل مع هذه المجموعات المقاتلة تحت عنوان كرديّ، نتيجة أنّ الأمريكيّ فقد جميع أدواته في الميدان، لذلك كان المخرج الوحيد له، أن يدعم هذه المجموعات المنطوبة تحت عنوان "قوات سورية الديمقراطيّة"، باعتبارها عنواناً انفصاليّاً، يعوّض على الأمريكيّ فقدانه أدواته السابقة!!..
-وهنا بالضبط تمّ التناقض الأمريكيّ - التركيّ، كون أنّ "النظام التركيّ" شعر بخطورة "المكوّن الصاعد الجديد"، والذي ينادي بمشروع انفصالي عن الدولة السوريّة، وهو يحاكي بذلك مشروعاً آخر في شمال العراق، الأمر الذي يمكن أن يشكّل تهديداً حقيقيّاً على أمن ووجود "النظام التركيّ"!!..
-"النظام الإقليميّ الجديد" - والذي خضعت له أنظمة وحكومات إقليميّة ودوليّة، والذي جاء نتيجة صمود الدولة السوريّة، اضطرت أن تبحث الولايات المتحدة فيه عن "أمن إ..sرائيل"، بفضل "لوبيّ يهوdيٍّ" ضاغط، فلم تستطع تأمينه، حيث ذهبت إلى الضغط على الرئيس الأسد في أكثر من عنوان، كي يستجيب لهذا المطلب الاستراتيجيّ، وهو ما وضحناه لكم في مقالنا الأخير - إنّ هذا "النظام الإقليميّ الصاعد"، وتحديداً في عنوانه السوريّ، يحاول الرئيس الأسد، فيه ومن خلاله، العمل على ربط استراتيجيّ عميقٍ، بين العراق وسوريّة!!..
-هذا الربط الاستراتيجيّ السوريّ - العراقيّ، والذي هو مفصلٌ هامٌّ من المفاصل الحقيقيّة، لربط محورٍ طويلٍ يبني استراتيجيّة نفوذه على حيثيّة ميدانيّة رئيسيّة، تكون فيها الجغرافيا العراقيّة موصولة تماماً مع الجغرافيا السوريّة - أضحت تخشاه الولايات المتحدة، إذ أنّها وجدت به هدفاً من الأهداف التي يمكن أن تؤثّر من خلاله على القيادة السوريّة، وصولاً إلى موافقة الرئيس الأسد على ضمان "أمن إ..sرائيل"، في هذا "النظام الإقليميّ الصاعد"!!..
-والسؤال هنا:
          كيف تمنع الولايات المتحدة هذا الربط الجغرافيّ السوريّ - العراقيّ؟!!..
والجواب هو:
          في احتلال هذه الجغرافيا المانعة لهذا الربط السوريّ - العراقيّ!!..
-لا تمتلك الولايات المتحدة القدرة الذاتيّة على احتلال هذا الجزء من الأرض، لكنّها تمتلك أدواتها التي يمكن أن تدفعها بهذا الاتجاه، وأهم هذه الأدوات بالنسبة لها الآن، وفي هذه المنطقة، هي "قسد"، لكنّ "قسد" لا يمكنها أن تفعل ذلك، لماذا؟!!.. لأنّها قد تعطي المشروعيّة للجيش السوريّ وحلفائه، بالذهاب مباشرة لمواجهة "قسد"، وقد ينتهي الأمر بهذه المواجهة، بأن يتمّ القضاء على "قسد" كليّاً، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة الآن!!..
-يجب أن يكون التحرّك تحت عنوان غير كرديٍّ، بعيداً عن "قسد"، والعنوان جاهزٌ تماماً، إنّها "قسد" ذاتها، لكنها بعنوان آخر، وهو عنوان عربيّ وذراع من أذرعة "قسد الأمريكيّة"، وهو فصيل ما يسمى "مجلس دير الزور العسكريّ"، باعتبار أن أفراده، في غالبيتهم، ينتمون إلى قبيلة "العكيدات" العربيّة!!..
-لم يكن أمام الاستخبارات الأمريكيّة إلا أن تقوم بشقّ هذا الفصيل عن "قسد"، واعطائه لوناً عربيّاً، ودفعه لمواجهة "قسد"، وهي الفارقة التي سوف تجعل القبائل العربيّة، في هذه الجغرافيا، تتنادى للقتال إلى جانبه، تحت عنوان الصراع العربيّ - الكرديّ، وبالطبع فإنّ الاستخبارات الأمريكيّة، تدرك أنّ هذه القبائل العربيّة في هذه الجغرافيا، لن تُبقيَ حجراً على حجرٍ يخصُّ "قسد"، فيما لو أضحى الصراع عربيّاً - كرديّاً!!..
-الاستخبارات الأمريكيّة، وبهذه اللعبة الخطيرة، ستمنح "المجلس العسكريّ" شرف تحييد "قسد" عن كثيرٍ من المناطق، كي يأخذ الموقف طابعه القبليّ العربيّ، وكي يشكّل مقاتلون من القبائل والعشائر العربيّة، بعد هذا النزال، جسماً عسكريّاً ينتشر في المناطق التي تريدها الاستخبارات الأمريكيّة، سعياً إلى قطع مفصل الربط بين العراق وسوريّة!!..
-نعتقد أنّ ما حصل ويحصل في هذه المناطق، هو عملٌ استخباراتيٌّ عميقٌ جدّاً، تحاول من خلاله الولايات المتحدة، دفع هذا الجزء من "القبائل والعشائر"، للسيطرة على تلك الجغرافيا، وصولاً إلى:
          -منع الانفتاح العراقي على سوريّة، باعتبار العراق النافذة الوحيدة المأمونة إقليميّاً لسوريّة!!..
          -منع احتمال التشبيك الميدانيّ العسكريّ لحلف المقا..wمة، والذي يؤسّس لامتداد إقليميّ، يبدأ بطهران ولا ينتهي في بيروت فقط!!..
-وهذا في جوهره لا يبتعد عمّا يحصل في درعا وفي السويداا..ء، كما أنّه لا يختلف كثيراً في أهدافه البعيدة، عمّا يحصل في جبال اللاذقية وغيرها!!..
-لكنّ هذا كلّه، لا يعني أنّ قبائلنا وعشائرنا، تنسّق مع الأمريكيّ أو مع سواه، ولا يعني أبداً أن قبائلنا وعشائرنا لا تمتلك القدرة على فهم ما يحصل، وفهم ما يجول في بال العدو وأزلامه، ولا يعني أن مئات الآلاف، من أبناء هذه القبائل والعشائر، الذين "انتخوا" لطرد الغزاة والطامعين، من "قسد" أو من الاحتلال الأمريكيّ، هم مجرد أدوات بيد الأمريكيّ واستخباراته، أبداً هذا التوصيف ليس دقيقاً وليس موضوعيّاً!!..
-إنّ كلّ ما تابعناه وشاهدناه وعشناه، من "فزعات" ومؤتمرات وبياناتٍ وخطابات ونخوات، هي حقيقيّة وصادقة ونبيلة، وهي تعبيرٌ حقيقيٌّ عمّا يفكّر به أبناء هذه القبائل والعشائر، ذات التاريخ المشرف والمجيد، وهم عندما يقفون هذه الوقفات المباركة والكريمة، فهم الذين يعبّرون حقيقةً عن جوهر وأصالة هذه القبائل والعشائر، والتي تنتظر الصوت الحقيقيّ لأخذ دورها في كنس الاحتلال وأزلامه وأعوانه، عن هذه الأرض المباركة!!..

ملاحظة هامة:
-----------
نحن تأخرنا في الكتابة حول الموضوع، لأنّنا حذرنا منه سابقاً، وذلك قبل حدوثه، ووضحنا بأنّه سيكون هناك ردٌّ على محاولات تقارب سوريّة - عراقيّة، وتحديداً على زيارة رئيس الوزراء العراقيّ إلى سوريّة، وقلنا بأنّ كلّاً من الأمريكيّ والتركيّ لن يقفا مكتوفي الأيدي، أمام هذا التقارب الكبير، وكنّا نظنّ أن بعض الأخوة والأبناء والأصدقاء قد انتبهوا لذلك، وهو ما وضّحناه تماماً في لقاء تلفزيونيّ على الفضائية السوريّة، بتاريخ: 27/7/2023، أي قبل أحداث السويداء، وأحداث دير الزور!!..